أكثر من 20 معتقلاً لدى الأمن الفلسطيني يُضربون عن الطعام

رام الله

جهاد بركات

جهاد بركات
22 اغسطس 2021
مطالبات بالإفراج عن معتقلين فلسطينيين لدى الأمن الفلسطيني
+ الخط -

أكد حقوقيون فلسطينيون وصول عدد المعتقلين لدى أجهزة الأمن الفلسطينية على خلفية الدعوة لتظاهرة أمس السبت، إلى أكثر من عشرين معتقلاً، بينهم امرأتان، فيما أعلن المعتقلون الإضراب عن الطعام إلى حين عرضهم على النيابة العامة، ومن ثم المحكمة.

كما اعتقلت السلطة الفلسطينية، الأحد، القيادي بحركة الجهاد الإسلامي، خضر عدنان، في حين يجري التحقيق مع ناشطين على خلفية وقفة أمس السبت، وسط مدينة رام الله.
وقالت مجموعة "محامون من أجل العدالة" غير الحكومية في سلسلة منشورات على صفحتها بفيسبوك: "اعتقال الشيخ خضر عدنان من أمام مجمع محاكم رام الله، أثناء اعتصام للمطالبة بالإفراج عن معتقلي المنارة".
وخضر عدنان قيادي في حركة الجهاد الإسلامي، واشتهر بعدة إضرابات عن الطعام خاضها، رفضا لاعتقاله في السجون الإسرائيلية.
ومنعت الشرطة الفلسطينية، السبت، وقفة في المنارة رام الله تطالب بمحاسبة قتلة الناشط السياسي نزار بنات في يونيو/حزيران الماضي، وأوقفت ناشطين كانوا يستعدون للمشاركة فيها.
وفي التفاصيل، أكد حقوقيون، لـ"العربي الجديد"، تعرّض ثلاثة ممن اعتقلوا للاعتداء والضرب في أثناء الاعتقال.
وعلى خلفية ذلك، اعتصم أهالي المعتقلين ليلياً أمام مركز الشرطة الفلسطينية في حيّ البالوع بمدينة البيرة الملاصقة لمدينة رام الله، للمطالبة بالإفراج عنهم، فيما أعلن النشطاء إضرابهم عن الطعام.


امرأتان من بين المعتقلين
وقال مدير مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية حلمي الأعرج، لـ"العربي الجديد"، خلال مشاركته في الوقفة التي نُظمت أمام مركز الشرطة الفلسطينية، "إن الأجهزة الأمنية اعتقلت أكثر من عشرين فلسطينياً من دوار المنارة وسط رام الله، بينهم نشطاء سياسيون وقادة في الحركة الوطنية الفلسطينية، بينهم امرأتان"، مديناً ما حصل، ومعتبراً أنه اعتداء على حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي الذي لم يقم بعد.
وأكد الأعرج أن المعتقلين كانوا موجودين على شكل أفراد، وجرت ملاحقتهم واعتقالهم بادعاء محاولة إجهاض التجمع السلمي قبل أن يلتئم، واعتقلوا بلا مبرر وأبقوا رهن الاعتقال، رغم الوعود بالإفراج عنهم خلال نصف ساعة، ورغم التدخل مع رئيس الوزراء محمد اشتية، مؤكداً وجود مناضلين وأسرى محررين وقادة سياسيين بين المعتقلين كعضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين إبراهيم أبو حجلة.
وبحسب الناشطة هند شريدة، زوجة المعتقل أُبَيْ العابودي، فقد سمح لزوجها بالاتصال لمدة دقيقتين بها، وأبلغها بأن مجموع المعتقلين بلغ 21 معتقلاً، بينهم الدكتورة كوثر العبويني وضحى معدي، وأنه اعتُدي بالضرب على ماهر الأخرس وعبادة القواسمي. وأكد لها أن المعتقلين أعلنوا الإضراب عن الطعام إلى حين عرضهم على النيابة العامة، ومن ثم المحكمة.

اعتصام أهالي المعتقلين
وهتفت عائلات المعتقلين بجانب نشطاء سياسيين أمام مركز الشرطة الفلسطينية مطالبين بالإفراج عن المعتقلين، فيما استمر الاعتصام لساعات متأخرة من الليل، تحدثت خلاله العائلات، ولا سيما عائلة المعتقل الأسير المحرر والقيادي بحركة الجهاد الإسلامي ماهر الأخرس، الذي كان قد نُقل إلى المستشفى لتلقي العلاج، معبّرة عن خشيتها على وضعه الصحي.


وقبيل الوقفة أمام مركز الشرطة، أعربت زوجة الأخرس، تغريد، خلال مؤتمر صحافي عقد في رام الله، عن قلقها على صحته، مؤكدة ورود شهادات بأنه قد ضُرب وسُحل وأن هناك من شاهد الدم على رأسه، مؤكدة "أنه ضرب بطريقة وحشية".


وقالت الأخرس: "إنني سمعت صوته على الهاتف وهو يتم الاعتداء عليه"، مشيرة إلى أن مكالمة أخيرة دارت بينه وبين العائلة لحظة الاعتقال، وأن العائلة تملك تسجيل تلك المكالمة.


ولم تتمكن العائلة، كما قالت تغريد الأخرس، من معرفة حقيقة الوضع الصحي لزوجها ماهر، لأنها عندما وصلت إلى مجمع فلسطين الطبي في رام الله، كان قد أُخرِج من المشفى ونُقل إلى مركز الشرطة.
وقالت الأخرس: "إن الأجهزة الأمنية كانت قد هددت زوجي أكثر من مرة، والقول له إنه سيكون التالي بعد نزار بنات".
حياة المعتقلين في خطر
ومن تلك المعطيات، عبّر الأسير المحرر خضر عدنان، خلال المؤتمر الصحافي نفسه عن استشعاره الخطر على المعتقلين وقال: "عدم ائتماننا على المعتقلين حقيقة، ولمن يقول: لماذا كل هذا؟ نقول: إن ما حصل مع نزار بنات مقلق جداً، ويؤكد أن الأجهزة الأمنية غير مؤتمنة على صحة إخوتنا".
واعتبر عدنان، الذي اعتقلته السلطات الفلسطينية لاحقا، أن اعتقال السلطة الفلسطينية للنشطاء والأسرى المحررين المطالبين بالعدالة للمعارض نزار بنات هو مزيد من الظلم على روحه، معتبراً ما حصل يوماً أسود في تاريخ الحريات.
وحمّل الناشط والمرشح السابق لانتخابات المجلس التشريعي رئيس قائمة طفح الكيل، زياد عمرو، الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء محمد اشتية والأجهزة الأمنية الفلسطينية المسؤولية المباشرة عن الاعتقالات، معتبراً أنه انتهاك صارخ للحقوق والقوانين والمواثيق الوطنية والدولية، وتكريس لفكر الدكتاتورية ومضاد للديمقراطية والحريات، ومسيء إلى الشعب الفلسطيني، ويؤدي إلى العنف وقهر الناس.


ورداً على سؤال لـ"العربي الجديد"، قال عمرو: "إن جهود الوساطة الحقوقية مع الأجهزة الأمنية لم تصل إلى شيء"، مؤكداً حصول الاعتداء على أكثر من شخص خلال عملية الاعتقال.

وخلال مؤتمر صحافي آخر عقدته شخصيات حقوقية في رام الله، قال مدير مؤسسة الحق الفلسطينية شعوان جبارين: "إن منظمي الاعتصام كانوا قد تقدموا رسمياً إلى المحافظة بالإبلاغ عن الاعتصام قبل أيام، وترك للمحافظة تحديد المكان المناسب للاعتصام، لكن كانت الاستجابة بطريقة خاصة للأسف من خلال منع المتظاهرين من الحضور في المكان".


وقال جبارين: "إن ثلاثة من المعتقلين تعرضوا للاعتداء، هم الأسير المحرر ماهر الأخرس، وعبادة القواسمي وضحى معدي"، مطالباً بالتحقيق في موضوع الاعتداء الذي تعرضوا له.
وأكد جبارين أن ما حصل لا يبشر بخير، ولا يتناسب مع القانون الأساسي الفلسطيني والتزامات دولة فلسطين على مستوى العالم، وهي التزامات واجبة التطبيق.
واعتبر الناشط الحقوقي ممدوح العكر أن ما حصل تصعيد باتجاه القبضة الأمنية الحديدية، معتبراً أنه لا يليق بالشعب الفلسطيني قبضة أمنية من قبل السلطة الفلسطينية في حين أنه لم يخف ولم يخضع لتلك القبضة عندما استخدمها الاحتلال، وقال العكر: "إن ما يجري خرق لالتزامات السلطة الفلسطينية وتعهداتها الدولية".
اعتقال مناضلين وأسرى محررين 
أما رئيس مجلس مفوضي الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم"، ومدير مركز القدس للمساعدة القانونية، عصام العاروري، فقال: "إنّ ما جرى كان مبيتاً ومعداً له مسبقاً، حيث أُعدّت المركبات لنقل المعتقلين، ما يشير إلى أن القرار كان سياسياً ولم يكن ميدانياً، وبالتالي فإن الاعتقال سياسي".
وأضاف العاروري "أن الاعتقال حصل على نية التظاهر قبل إقامة الاعتصام"، مشيراً إلى أن التجمع كان قانونياً لأن القانون لا يفرض سوى إشعار المحافظة بمكان التجمع السلمي.
وأشار العاروري إلى تكرار اعتقال مناضلين وأسرى محررين ورموز وطنية ونشطاء سياسيين، بينهم الأسير المحرر ماهر الأخرس الذي افتخر به الفلسطينيون لانتصاره على الاحتلال في معركة الأمعاء الخاوية، ومن بينهم رئيس كتلة انتخابية هو المناضل إبراهيم أبو حجلة ومرشحون آخرون وقيادات في فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، المرجع السياسي للسلطة الفلسطينية.
وعُرف من المعتقلين كل من الناشط وعضو التجمع الوطني للتغيير عمر عساف، والأسير المحرر القيادي بحركة الجهاد الإسلامي ماهر الأخرس، وعضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية إبراهيم أبو حجلة، والمرشح السابق للمجلس التشريعي جهاد عبدو، والمرشح السابق بسام القواسمي ونجله عبادة القواسمي، والأسير المحرر مدير مركز بيسان للبحوث أبيّ العابودي، وكوثر العبويني، وضحى معدي، وعبد الهادي أبو شمسية، والناشط حمزة زبيدات، ويوسف عمرو، والمرشح السابق غسان السعدي، والناشط معين البرغوثي، وموسى أبو شرار، واللواء المتقاعد يوسف شرقاوي، والأستاذ الجامعي عماد البرغوثي.
ودعت حراكات فلسطينية إلى اعتصام آخر على دوار المنارة، مساء اليوم الأحد، رفضاً للاعتقالات وتعرّض عدد من المعتقلين للاعتداء.

 

 

 

دعوات لإطلاق سراح المعتقلين

أكدت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، في بيان، أنها المرة الأولى التي يتم فيها اعتقال المواطنين بسبب الاشتباه بوجود نية للتظاهر، فيما نظرت الشبكة بخطورة لما جرى، لما يمثل من إمعان في سلوك السلطة وأجهزتها تجاه قضايا المواطنين، واحترام الحريات العامة، وهي منهجية مقلقة لمستقبل النظام السياسي الفلسطيني برمته، على ضوء تعطيل إجراء الانتخابات العامة، وتغول السلطة التنفيذية، وإحكام قبضتها على سير الأمور، والمخاوف من التحول لنظام بوليسي في الأراضي الفلسطينية المحتلة .
وطالبت الشبكة بالإفراج الفوري عن النشطاء الذين تم اعتقالهم وبعضهم أسرى محررين، مطالبة بالتوقف الفوري عن التعامل مع الجمهور عبر المدخل الأمني لمعالجة قضاياه، والعمل على صون الحريات العامة، والحقوق المدنية المكفولة في القانون الأساسي، وبضمنها حق التجمع السلمي وحرية الرأي والتعبير، انسجاماً مع وثيقة إعلان الاستقلال، والمواثيق والأعراف الدولية التي انضمت إليها دولة فلسطين.

كما طالبت الشبكة الأحزاب السياسية، والمؤسسات والاتحادات النقابية، والمهنية بإعلاء صوتها برفض هذه الممارسات، والعمل على إيجاد آليات الحوار الداخلي بديلاً للتعدي على حقوق الناس، وإنفاذ القانون بحق كل من يتجاوزه، وحماية النسيج الوطني والمجتمعي، وتعزيز صمود الناس في مواجهة سياسات الاحتلال التي تصعد من عدوانها في الضفة الغربية وقطاع غزة .
بدوره، حذر مركز بيسان للبحوث والإنماء، في بيان، من المساس بمدير المركز الباحث أبيّ العابودي وواحد وعشرين من الناشطين والناشطات المعتقلين معه، ورفض المركز واستهجن الاعتقال على خلفية التجمع السلمي واعتبره تعدٍّ سافرٍ على الحريات العامّة وحرية التعبير عن الرأي التي ضمِنها القانون الأساسي.
وأكد المركز أن تكميم أفواه الناشطين والأسرى المحررين والعلماء والقامات الوطنية لم يعد مقبولاً بعد اليوم، "بالذات عندما تصدر هذه الممارسات القمعية عن سلطة فقدت شرعيتها الانتخابية والسياسية منذ سنوات طويلة"، وفق البيان.
ودعا كافة المؤسسات الحقوقية المحلية للضغط من أجل الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين، "إذ أن اعتقالهم يتنافى مع كافة مبادئ حقوق الإنسان المتعلقة بحرية التعبير عن الرأي ونشدد على ضرورة احترام الرأي المعارض والكف عن ملاحقة نشطاء العمل الأهلي والحراكات والمعارضة لسياسات السلطة القمعية".

ذات صلة

الصورة
الحصص المائية للفلسطينيين منتهكة منذ النكبة (دافيد سيلفرمان/ Getty)

مجتمع

في موازاة الحرب الإسرائيلية على غزّة يفرض الاحتلال عقوبات جماعية على الضفة الغربية تشمل تقليص كميات المياه للمدن والبلدات والقرى الفلسطينية.
الصورة
قوات الاحتلال خلال اقتحامها مخيم جنين في الضفة الغربية، 22 مايو 2024(عصام ريماوي/الأناضول)

سياسة

أطلق مستوطنون إسرائيليون الرصاص الحي باتجاه منازل الفلسطينيين وهاجموا خيامهم في بلدة دورا وقرية بيرين في الخليل، جنوبي الضفة الغربية.
الصورة
الشاب الفلسطيني بسام الكيلاني، يونيو 2024 (عدنان الإمام)

مجتمع

يُناشد الشاب الفلسطيني بسام الكيلاني السلطات التركية لإعادته إلى عائلته في إسطنبول، إذ لا معيل لهم سواه، بعد أن تقطّعت به السبل بعد ترحيله إلى إدلب..
الصورة
جنازة الأسير الفلسطيني المحرر فاروق الخطيب في بلدة أبو شخيدم، رام الله، الضفة الغربية المحتلة، 20 مايو 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

تمكّن الأسير الفلسطيني المحرّر فاروق الخطيب في الضفة الغربية المحتلة من تحقيق أمنيته برؤية شقيقه حسام المعتقل إدارياً، قبل أن يستشهد فجر اليوم الاثنين
المساهمون