استمع إلى الملخص
- اندلعت أعمال العنف بعد مقتل ثلاث طفلات في ساوثبورت، مما أدى إلى شائعات كاذبة وهجمات على الشرطة ومساجد ومساكن طالبي اللجوء، وأصدرت المحاكم أحكاماً بالسجن بحق المتورطين.
- اتهمت الشرطة شخصيات مرتبطة بـ"رابطة الدفاع الإنكليزية" بإثارة الاضطرابات، وانتقد مشرّعون مواقع التواصل الاجتماعي لتأجيج العنف، وأعربت الإدارة الأميركية عن دعمها للسلطات البريطانية.
شارك آلاف المناهضين للعنصرية، الأربعاء، في تظاهرات جرت بمدن عدة في بريطانيا تنديداً بتظاهرات نظمها اليمين المتطرف في الأيام الأخيرة وتخلّلتها أعمال عنف، ما استدعى وضع الشرطة في حالة تأهب قصوى.
واندلعت أعمال شغب ليلية استهدفت مساجد وفنادق ومساكن ينزل فيها مهاجرون في بلدات ومدن عدة في إنكلترا وأيرلندا الشمالية منذ مقتل ثلاث طفلات في 29 يوليو/ تموز. ووُضع آلاف من عناصر شرطة مكافحة الشغب، الأربعاء، في حالة تأهب للتدخل في مواجهة عشرات التظاهرات المتّصلة بالاضطرابات، مع تحسّب لاستهداف هيئات تعنى بالدفاع عن المهاجرين ومبان تؤوي طالبي لجوء. لكن النشطاء المناهضين للفاشية كان عددهم أكبر، ونظّموا تظاهرات في مدن إنكليزية عدة، لا سيما في لندن وبرمنغهام وبريستول وليفربول ونيوكاسل.
والأربعاء، هتف بضعة آلاف من المتظاهرين في والثامستو في شمال لندن "شوارع من؟ شوارعنا"، ورفع البعض لافتات كتب عليها "أوقفوا اليمين المتطرف". وقالت ساره تريزيليان، البالغة من العمر 58 عاماً، في تصريح لوكالة فرانس برس: "أعيش في البلدة ولا نريد هؤلاء الناس في شوارعنا"، في إشارة إلى اليمين المتطرف. وتابعت "علينا أن نشارك لنوصل هذه الرسالة... أعتقد أنه من الأهمية بمكان أن نشارك من أجل أصدقائنا وجيراننا".
وفي شيفيلد وتحت أنظار عناصر شرطة مكافحة الشغب، هتف نشطاء "قولوها بأعلى صوت قولوها بوضوح، اللاجئون هم موضع ترحيب هنا". ووضعت الحكومة ستة آلاف عنصر من الوحدات الخاصة في الشرطة في جهوزية للتعامل مع نحو مئة تظاهرة لنشطاء اليمين المتطرف ولتظاهرات مضادة دعي إليها. وبدأت محاكم إصدار أحكام بالسجن بحق مخالفين مع سعي السلطات إلى منع مزيد من الاضطرابات.
وتعدّ هذه أسوأ اضطرابات تشهدها بريطانيا منذ أعمال شغب وقعت في لندن في العام 2011. وقد أوقف نحو 430 شخصاً وتم توجيه تهم لـ120 شخصاً على الأقل، مع تحذير دول عدة رعاياها من خطورة السفر إلى المملكة المتحدة. واندلعت أعمال العنف بعد مقتل ثلاث طفلات بأعمار تسع وسبع وست سنوات وإصابة خمسة أطفال آخرين بجروح خطيرة في هجوم بسكين استهدف حصة للرقص محورها أعمال النجمة الأميركية تايلور سويفت في ساوثبورت في شمال غرب إنكلترا.
وانتشرت شائعات كاذبة في البداية على وسائل التواصل الاجتماعي أفادت بأن المهاجم طالب لجوء مسلم. لكن تم التعريف عن المشتبه به لاحقاً بأنه أكسيل روداكوبانا المولود في ويلز. وذكر الإعلام البريطاني أنّ والديه من رواندا. وتركّزت أعمال العنف في البداية في ساوثبورت حول مسجد.
"غيض من فيض"
وتخّلل أعمال الشغب إلقاء متظاهرين حجارة وقنابل حارقة على ضباط الشرطة، وإحراق سيارات ومهاجمة مساجد وفندقين على الأقل كانا يستخدمان لإيواء طالبي لجوء. وحذّر رئيس الوزراء كير ستارمر من أنّ أيّ شخص متورط في الشغب سيواجه "القانون بكل قوّته"، بما في ذلك الأشخاص الذين يحرّضون على العنف عبر الإنترنت. وتعهّد ستارمر، الذي كان مدعياً عاماً، بأن تصدر أحكام بحق مثيري الشغب. ومثُل عشرات المتهمين، وبينهم مراهقون، أمام القضاء.
والأربعاء، صدر حكم بسجن رجل ثلاث سنوات بعدما أقر بذنبه في التسبب باضطرابات عنيفة ومهاجمة شرطي في ساوثبورت. كما صدرت أحكام بسجن رجلين آخرين 20 و30 شهراً بسبب مشاركتهما في أعمال العنف في ليفربول السبت. وقال المدعي العام جوناثان إيغان إنّ "الرجال الثلاثة الذين صدرت أحكام بحقهم اليوم ليسوا سوى حفنة صغيرة ... وبداية لما ستكون عملية صعبة جداً بالنسبة لكثيرين اختاروا بحماقة التورط في الاضطرابات العنيفة".
وحمّلت الشرطة شخصيات على صلة بـ"رابطة الدفاع الإنكليزية" المنحلة، وهي منظمة يمينية متشددة مناهضة للإسلام تأسست قبل 15 عاماً، مسؤولية الاضطرابات، علماً أنّ أنصارها متهمون بالتورط في أعمال شغب مرتبطة بكرة القدم. واتّهمت السلطات مؤسس "رابطة الدفاع الإنكليزية" تومي روبنسون بإثارة التوتر. وأعلنت الشرطة في قبرص، حيث ذكرت تقارير أنه يقضي عطلته، أنها على استعداد لمساعدة شرطة بريطانيا إذا لزم الأمر. لكن روبنسون كتب لاحقاً على منصة إكس: "من حظي أنني لست في قبرص إذاً". وتمّت الدعوة للتظاهرات على صفحات اليمين المتطرّف في منصات التواصل الاجتماعي تحت شعار "يكفي".
واتّهم مشرّعون بريطانيون مواقع التواصل الاجتماعي بتأجيج العنف. وأثار الملياردير إيلون ماسك حفيظة الحكومة عبر سلسلة تغريدات استفزازية قال في إحداها إن اندلاع "حرب أهلية (في بريطانيا) أمر لا مفر منه".
وفي واشنطن، أعربت الإدارة الأميركية عن دعمها للسلطات البريطانية في التصدّي لمثيري الشغب. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر خلال مؤتمر صحافي إنّ الولايات المتحدة تدعم الحق في التظاهر "لكنّ ذلك لا يبرر بأي حال من الأحوال العنف أو أعمال الشغب". وأضاف أنّ "السلطات البريطانية لديها كل الحق في استخدام كل الأدوات القانونية المتاحة أمامها لمحاسبة المتورطين في أنشطة العنف".
(فرانس برس)