قمة "الأطلسي": بروكسل ثكنة عسكرية بنسور هولندية مهمتها صد الطائرات بدون طيار

25 مايو 2017
نشر 2500 عنصر من الشرطة لحماية قمة الناتو(دورسن آيدمير/الأناضول)
+ الخط -
لم يسبق أن عاشت مدينة بروكسل يوماً تحت مستوى أمني مرتفع كما هو حالها اليوم، وذلك بمناسبة انعقاد قمة "حلف شمال الأطلسي" (الناتو)، التي يشارك فيها الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب. وقد تم اتخاذ جميع الإجراءات الأمنية الاحتياطية لمواجهة كل الأخطار، كما ردد المسؤولون الأمنيون البلجيكيون منذ الإعلان عن هذه الزيارة. وشددوا على أنهم يخشون، على وجه الخصوص، هجوماً إرهابياً بطائرة بدون طيار. لذا تم استدعاء نسور الشرطة الهولندية (التي تستخدم لإسقاط الطائرات بدون طيار) لتفادي هذه الفرضية، على أن تساهم في المهمة أيضاً طائرات مقاتلة ومروحيات من سلاح الجو البلجيكي.

سلاح جديد
ومنذ سبتمبر/ أيلول من السنة الماضية، استقبلت الشرطة في هولندا "مجندين" جدداً، هم النسور. ومهمتهم محددة، وتتمثل باعتراض الطائرات بدون طيار التي تحلق فوق المناطق المحظورة. وهذه التدابير نابعة من قلق جدي من إمكانية إسقاط عبوة ناسفة على أي هدف باستعمال هذا النوع من الطائرات. لذلك، لا يريد المسؤولون البلجيكيون أي مجازفة في وقت يحضر فيه 29 من رؤساء الدول اجتماع "حلف شمال الأطلسي"، بينهم رئيس أقوى دولة في العالم حالياً.

وبحسب معلومات أمنية، فقد تم حشد حوالى 2000 من ضباط الشرطة، أمس الأربعاء، وسيصل عددهم، اليوم الخميس، إلى حوالي 2500 عنصر. وتشارك في المهمة الأمنية أجهزة لوكسمبورغ بمائة من قواتها الأمنية، في حين ترسل هولندا وحدتها المتخصصة في مواجهة الطائرات بدون طيار، والتي يطلق عليها اسم "الحراسة من فوق". وتعمل هذه الوحدة مع نسور مدربة للقبض على الطائرات بدون طيار. ويبرز فيلم قصير عرض على الصحافة، كيف تنقض النسور، في ثوان، على الهدف قبل تهشيمه.

ويقول أحد المشرفين على تدريب النسور، لـ"العربي الجديد"، إنه "عند التدريب، الهدف لا يكون متحركاً حتى تتمكن النسور من مهاجمته دون أن تصاب بجروح". وذكرت الشرطة الهولندية أن النسور التي تنفذ مهمة ما، يتم التأكد من حمايتها ما أمكن. وبحسب المدرب، يتعلق الأمر بنسور السهوب التي لا ينبغي خلطها مع أنواع أخرى كالتي تعد رمزاً للولايات المتحدة مثلاً. ونسور السهوب البنيّة اللون، يصل عرضها إلى حوالي مترين وتزن حوالي ثلاثة كيلوغرامات. وتعتبر الشرطة الهولندية أن استعمال النسور يشكل "حلاً بطريقة أدنى لمشكلة صعبة". لكنها رفضت الإفصاح عن مكان تمركز هؤلاء المجندين الجدد في العاصمة الأوروبية، بروكسل. أما المتحدثة باسم شرطة بروكسل، إلس فان دي كير، فقالت لـ"العربي الجديد": "كان بودنا إعطاء معلومات أكثر، لكن للحفاظ على سلامة الطيور، فضّل زملاؤنا الهولنديون عدم الإفصاح عن أي تفاصيل"، وفق تعبيرها. لكن من الأكيد أن النسور ستكون قريبة من محيط المطار وبالقرب من مقر "حلف شمال الأطلسي".


... وطائرات أيضاً
بالطبع، لن تحتل النسور وحدها السماء البلجيكية. فاثنتان من المروحيات البلجيكية المخصصة لحماية كل القمم الأوروبية ستكونان أيضاً حاضرتين. واحدة على أرض المطار العسكري الأقرب من بروكسل، ستكون على استعداد للإقلاع والتدخل إذا لزم الأمر، والأخرى ستحلق طيلة اليوم فوق مقر "الناتو" خلال فترة الاجتماع. والطائرتان مجهزتان بمدافع رشاشة قادرة على إطلاق رشقات نارية على بعد أكثر من 500 متر، بحسب المسؤولين الأمنيين. كما ستكون هناك أيضاً، "من بين أمور أخرى"، كما يقول مسؤولون من وزارة الدفاع البلجيكية، أربع طائرات من نوع "إف 16"، وستكون على استعداد للتدخل. اثنتان في هولندا واثنتان في قاعدة عسكرية بلجيكية، إضافةً إلى مجموعة من القناصة الذين سيتمركزون فوق بعض المباني، وطائرات "الهليكوبتر" التابعة للشرطة الفيدرالية لمواجهة "العدو الجديد" المتمثل بالطائرات بدون طيار.

وفي إطار المهمة الأمنية، ستحلق فوق مقر "حلف شمال الأطلسي"، اليوم الخميس، العديد من الطائرات العسكرية. لذلك، تم إعلان مدينة بروكسل "منطقة حظر جوي" لمدة أربعين دقيقة، وذلك بسبب تحليق هذه الطائرات على علو منخفض لتكون بارزة للجميع. وهو الهدف المرجو، بحسب المسؤولين الأمنيين البلجيكيين. وينتظر أن يكون لهذه القيود تأثير على الأرض كما في الجو. إذ قد يؤدي ذلك إلى تأخير لمدة نصف ساعة بالنسبة لبعض الرحلات.

معلومات عن المواطنين
وكشف النائب الليبرالي، رئيس بلدية والو-سان-لومبير في ضواحي بروكسل، أوليفيه مانغان، النقاب عن بعض "التدابير الوقائية" التي اتخذت في العاصمة، بمناسبة قدوم الرئيس دونالد ترامب. وصرح لإحدى الإذاعات البلجيكية بأنه "إذا كانت معلوماتي صحيحة، فقد سلمت السلطات الأمنية معلومات للمسؤولين الأمنيين الأميركيين عن جميع المواطنين الذين يقطنون بجوار الطرق التي سيمر فيها موكب رئيس الولايات المتحدة. وكل هذه المعلومات تم تدقيقها من قبل الأجهزة الأمنية الأميركية، وأنا لست متأكداً من أن الأمر قانوني وشرعي"، وفق قوله. وشدد على أنه "كرئيس للبلدية، لم أتلق أي تعليمات، لا من الأميركيين، ولا من وزارة الداخلية للإعداد لوصول دونالد ترامب"، مشدداً على أن العملية تكلف أموالاً طائلة، وفق تعبيره.

وفي حال كانت هذه المعلومات صحيحة، فإن الأجهزة الأمنية تعرف أسماء كل المقيمين على مسار الموكب الرئاسي. ومن الأكيد أنها قد قامت بتدقيق في السجلات الجنائية لهؤلاء السكان. ويتعلق الأمر بإجراءات استثنائية قد تعيد هذا الملف إلى طاولة الحكومة البلجيكية عندما يحلق ترامب بعيداً عن بروكسل.

المساهمون