شح الأمطار يغير الخارطة الزراعية في سورية

27 فبراير 2018
تآكل المساحات المزروعة بالقمح في ظل الحرب (فرانس برس)
+ الخط -


دفع تراجع هطول الأمطار في سورية إلى ما دون نصف المعدل السنوي، حكومة بشار الأسد إلى تقليل مساحة المزروعات الاستراتيجية، كالقمح، أو الشرهة للمياه كالشوندر السكري (البنجر) والقطن.

وكشفت مصادر مطلعة من بدمشق، عن عملية مراجعة يتم الإعداد لها حالياً للخطة الإنتاجية الزراعية للموسم 2017 ـ 2018، يمكن أن تغير من خارطة الزراعة والإنتاج، مشيرة إلى أن شح الأمطار انعكس سلباً على الخطة المائية، التي تأثرت كثيراً نتيجة النسب المتدنية جداً في محافظات دمشق وريفها والسويداء (جنوب)، والرقة (شمال)، والحسكة (شمال شرق)، ودير الزور (شرق)، التي لم تلامس عتبة ثلث المعدل السنوي.

وقالت المصادر إن وزارة الزراعة "تنتظر حتى نهاية فبراير/ شباط الجاري، ريثما تكتمل فترة الإنبات، ليكون التعديل لصالح الموسم الصيفي".

وكان مدير زراعة دمشق وريفها، علي سعدات، قد قال في تصريحات الأسبوع الماضي، إنه ستتم إعادة النظر بالخطة الزراعية للزراعات الشتوية والصيفية في كل منطقة على ضوء نسبة هطول الأمطار فيها، مشيرا إلى أن اللجان الزراعية تقوم برفع مقترحاتها خلال الأسبوع الأول من مارس/ آذار المقبل، وبناء عليه يتم البت في الخطة.

ويقول المهندس الزراعي يحيى تناري: "من المبكر قطع الأمل وتغيير المزروعات الشتوية، فرغم أن الأمطار كانت قليلة خلال أشهر ديسمبر/ كانون الأول ويناير/ كانون الثاني وفبراير/ شباط، إلا أن الأمل ما زال قائماً"، محذرا من تسرع المزارعين وتغيير الزراعات، لا سيما القمح والعدس والشعير.

ويلفت تناري إلى أن توقيت هطول الأمطار أهم من الكمية، فالأمطار بآخر فبراير/ شباط ومارس/ آذار، تحيي الزراعات الشتوية، ما يعني أن توقيتها ربما يكون أهم من كميتها.

ويأتي تراجع منسوب هطول الأمطار هذا العام، عاملاً إضافياً لخسائر قطاع الزراعة وتراجع إنتاج المحاصيل، إذ تشير بيانات وزارة الزراعة إلى تضرر نحو 25% من البنى التحتية الزراعية جراء الحرب، ليتراجع الإنتاج بنحو 50% بعد انحسار المساحات المزروعة بأكثر من 40%، ولتبلغ الخسائر بهذا القطاع نحو 360 مليار ليرة، ما يعادل 9.8% من إجمالي الخسائر التراكمية للناتج المحلي الإجمالي.

والأهم، برأي مراقبين، تحول سورية من بلد مصدر للإنتاج الزراعي إلى مستورد، بعد أن تراجع إنتاج القمح من نحو 3.5 ملايين طن، إلى نحو 1.7 مليون طن سنوياً. وربما بحال انحباس الأمطار، يتراجع إنتاج القمح الذي تستورده سورية منذ خمس سنوات إلى أقل من مليون طن.

وكشف هيثم حيدر، مدير التخطيط والتعاون الدولي في وزارة الزراعة، في تصريحات صحافية أخيرا، عن زراعة أكثر من مليون هكتار بالقمح من أصل المساحة المخططة والبالغة 1.8 مليون هكتار (الهكتار يعادل 10 آلاف متر مربع).

وكما قدر المعين قضماني، مدير الإنتاج النباتي في وزارة الزراعة، نسبة زراعة القمح للموسم الحالي بنحو 54% من المخطط، مؤكدا أن نسبة زراعة الشعير تعدت 77% من المخطط له، بينما لم تتعد نسبة زراعة البقوليات 45% من المخطط له.

ويرى محمود حسين، الخبير الاقتصادي السوري، أن القضية ليست فقط بمعدل هطول الأمطار، بل بالمساحات الزراعية التي يسيطر عليها نظام بشار الأسد.

ويلفت حسين، من إسطنبول، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن خزان سورية الغذائي يكمن بمدن شمال شرق سورية التي يسيطر عليها "الأكراد والأميركيون"، كما أن مناطق ريفي حلب وإدلب الزراعية تتبع للمعارضة، لتبقى بعض مناطق شمال شرق وريف حماة، بيد الأسد، وهي مناطق لا يزيد إنتاجها من المحاصيل الاستراتيجية، كالقمح والقطن، عن نسبة 30% من إنتاج سورية.

وبيّن حسين أن مناطق سيطرة الأسد غنية بالأشجار المثمرة، كالحمضيات والتفاح والخضر، التي تزرع في مدن الساحل السوري (طرطوس واللاذقية) وريف دمشق الغربي ومدن جنوب سورية، كدرعا والسويداء، ولكن رغم ذلك، أدت نتائج الحرب إلى استيراد تلك المنتجات وشحها من الأسواق وارتفاع أسعارها إلى أعلى من القدرة الشرائية للسوريين.

المساهمون