مصارف فلسطينية تغلق حسابات الأسرى خشية استهدافها من الاحتلال

07 مايو 2020
الاحتلال يدفع لزيادة المعاناة للأسرى (عبيد كاتب/ Getty)
+ الخط -
منذ الإفراج عن محمود هماش ابن مخيم الدهيشة ببيت لحم جنوب الضفة الغربية؛ من سجون الاحتلال الإسرائيلي في العام 2018، بعد 14 عاما من الاعتقال، وهو يتقاضى راتبه المستحق له من السلطة الفلسطينية كأسير سابق في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وفقا لقانون الأسرى والمحررين عبر بنك يعمل في الأراضي الفلسطينية.

لكن محمود فوجئ الثلاثاء بالتزامن مع صرف المرتب؛ برسالة نصية تفيد بإلغاء بطاقة الصراف الآلي الخاصة به، ولاحقا دفعه لإغلاق حسابه في البنك، بسبب قرب دخول أمر عسكري إسرائيلي حيز التنفيذ؛ يحظر التعامل مع رواتب الأسرى.

يقول هماش لـ"العربي الجديد": "بعد مراجعة البنك طلب مني سحب مرتبي بعد أن أوافق على إغلاق حسابي"، مضيفا: "لم يبلغوني صراحة أن الأمر متعلق بضغوطات من الاحتلال لكن ذلك كان مفهوما من ضمن الحوار مع إدارة المصرف".

يفكر هماش في التوجه لبنك آخر لكنه يبدي تخوفه من أن تصل الضغوط للبنوك كافة، مطالبا السلطة الفلسطينية وسلطة النقد بالوقوف في وجه سياسة الاحتلال لكي لا يحاصر الأسرى وذويهم.


العديد من العائلات تحدثت عن إجراء مشابه، لم يقتصر على الأسرى المحررين بل شمل رواتب أسرى ما زالوا معتقلين في سجون الاحتلال، كما هو حال عائلة الأسير خالد نواورة من بيت لحم، المعتقل منذ العام 2003، التي توجهت أمس الأربعاء، لسحب الراتب فاشترط عليهم البنك إغلاق الحساب قبل سحب المال.

وبعكس هماش، فقد برر البنك للعائلة كما صرح محمود ابن الأسير خالد نواورة لـ"العربي الجديد"؛ بأنه عائد لقرار من الاحتلال بمنع وجود حسابات للأسرى لدى البنوك، مشيرا إلى أن البنك أبلغه بأنه لا يريد تحمل المسؤولية أو أن يلاحق.

رغم العديد من الشكاوى رد محافظ سلطة النقد الفلسطينية عزام الشوا على سؤال حول تلك الشكاوى خلال مؤتمر صحافي في رام الله بالقول إنه وحتى الآن "لم تغلق البنوك حسابات"، مشيرا إلى أنه سمع عن ذلك بالإعلام لا على أرض الواقع، ومؤكدا أن العمل جار لمتابعته للاطمئنان من أن كل شيء يسير حسب التعليمات والنظام المصرفي الفلسطيني.


عكس تلك التصريحات أكد رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدري أبو بكر، لـ"العربي الجديد"، وجود قرار لدى مصرفين من المصارف العاملة في فلسطين بإغلاق حسابات الأسرى، لوجود خشية من الأمر العسكري الإسرائيلي الموقع بتاريخ 9 فبراير/شباط الماضي، ويبدأ سريانه في 9 مايو/أيار الجاري.

وأضاف أبو بكر: "تخشى البنوك من وضع اليد على أموال الأسرى والمحررين، وأن تتم إجراءات ضدها بما فيها رفع دعاوى من المستوطنين".

يشير أبو بكر إلى اجتماع تم عقده مع البنوك وسلطة النقد ووزارة المالية، وعن اجتماع آخر سيعقد مع مؤسسات الأسرى، للبحث عن مخرج، متوقعا انتهاء ذلك مطلع الأسبوع المقبل، حيث يتم نقاش عدة اقتراحات لإخراج البنك من الأزمة والحفاظ على رواتب الأسرى، والوصول لحل مناسب وآمن.


في المقابل، يرى رئيس نادي الأسير قدورة فارس، في حديث مع "العربي الجديد"، أن من الخطأ أن يتم التعامل مع أمر عسكري لسلطة الاحتلال في الوقت الذي تعمل فيه البنوك في فلسطين بموجب قانون فلسطيني، وليس وفقا لأوامر عسكرية إسرائيلية، مضيفا: "الانفراد في أي موقف خاطئ ومرفوض، وعلى كافة البنوك الالتزام بالموقف الوطني".

وكان الاحتلال في إجراء سابق استهدف رواتب الأسرى وعوائل الشهداء حيث قرر العام الماضي، وفقا لقانون من الكنيست الاسرائيلي (البرلمان) باقتطاع جزء من أموال الضرائب الفلسطينية (المقاصة)، بما يقارب 15 مليون دولار شهريا، ما أدى لقرار فلسطيني بالامتناع عن استلام كامل مبلغ المقاصة لأشهر ما تسبب بأزمة مالية حادة.

ويشير رئيس هيئة الأسرى قدري أبو بكر إلى أن تلك الإجراءات تهدف لتجريم النضال الفلسطيني، وتصفية القضية الفلسطينية، مؤكدا أن الأمر لا يتعلق فقط بقرصنة أموال بل سياسة إسرائيلية تواجه من المستوى السياسي.

ويرفض رئيس نادي الأسير قدورة فارس الحديث عن خيارات، بل يرى ضرورة مواجهة هذه الإجراءات لأن الاحتلال يريد تفعيل سلطته في الضفة الغربية، ليكون احتلالا مباشرا يتنكر بموجب الأوامر العسكرية لوجود السلطة، قائلا: "يجب أن ندرس الموضوع من هذا المنطلق وليس من منطلق البحث عن بدائل".


ويلفت فارس إلى أن الاحتلال يسعى لتقويض السلطة الفلسطينية ويعتدي على دورها كسلطة، وأن يشطب دورها حيث يريد فرض السيطرة على البنوك التي هي عماد الاقتصاد، وهذا يعني أنه "لم يبق للسلطة أي سلطة".

وكانت القناة العبرية السابعة كشفت الشهر الماضي، عن تحذير إسرائيلي للبنوك الفلسطينية من التعامل مع رواتب الأسرى، وفق الأمر العسكري الذي وقعه القائد العسكري لجيش الاحتلال في الضفة الغربية والذي تعتبر بموجبه رواتب الأسرى أموالا محظورة يجب مصادرتها.

وكانت القناة العبرية كشفت عن رسالة بعث بها مسؤول النيابة العسكرية الأسبق في الضفة، مدير معهد نظرة للإعلام الفلسطيني موريس هيرش، إلى البنوك الفلسطينية تحذرها من اعتتقالات ومحاكمات.

المساهمون