تداعيات قصف "عين الأسد"...مأزق لنفط العراق والناقلات تتجنب هرمز

09 يناير 2020
نفط الخليج في مرمى التوتر بين أميركا وإيران (Getty)
+ الخط -

تحولت أنظار الأسواق العالمية سريعاً إلى النفط، بعد هجوم صاروخي شنته إيران، الأربعاء، على قاعدة عين الأسد الجوية ومنشأة عراقية أخرى تستضيف قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة، ردا على اغتيال القائد الإيراني البارز قاسم سليماني، في غارة أميركية استهدفته في العراق، فجر يوم الجمعة الماضي.

وتزايدت مخاوف الأسواق من عدم اقتصار الأضرار على شحنات النفط المارة في الخليج نتيجة التوترات المتزايدة، وإنما امتداد شظايا الصراع إلى مواقع الإنتاج، لا سيما في العراق، الذي تحول إلى ساحة صراع بين أميركا وإيران، حيث تتواصل عمليات سحب العمال الأجانب من قبل شركات النفط العالمية، بينها شركات صينية لطالما تواجدت في العراق رغم المخاطر الأمنية في فترات سابقة.

وأوقف العديد من مشغلي الناقلات التجارية الرئيسيين الإبحار عبر مضيق هرمز، حيث قامت كل من "بتروبراس" البرازيلية، و"بحري"، وهي مشغّل ناقلات النفط في المملكة العربية السعودية، التي تمتلك الحكومة 43 في المائة من أسهمها، وشركات شحن أخرى، بتعليق الإبحار عبر المضيق، وفقاً لتقرير نشرته "وول ستريت جورنال"، أمس، نقلاً عن مصادر على دراية بالأمر.

ونقلت الصحيفة الأميركية عن مصادر مقربة من شركة أرامكو السعودية، أن الشركة تدرس تحويل مسار الناقلات المحملة بمنتجاتها لتفادي مضيق هرمز.

وينظر محللون إلى مضيق هرمز كإحدى أدوات الرد الإيرانية على عملية اغتيال سليماني، خلال الفترة المقبلة، عبر عرقلة إمدادات النفط الخام القادمة من دول الخليج، ما يهدد الأسعار بالارتفاع صوب 100 دولار للبرميل.

وبلغ معدل التدفق اليومي للنفط في المضيق 21 مليون برميل يومياً في 2018، ما يعادل 21 بالمائة من استهلاك السوائل البترولية على مستوى العالم، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأميركية، ما يجعله أكبر ممر مائي في العالم.

والسعودية ثالث أكبر منتج للنفط الخام في العالم بمتوسط 10 ملايين برميل يومياً، وأكبر مصدّر له بمتوسط يومي 6.9 ملايين برميل يومياً.

وتُعَدّ "بحري" أكبر شركة مالكة ومشغلة لناقلات النفط العملاقة في العالم، إذ وصل حجم أسطول شركة البحري إلى 90 سفينة، بما فيها 43 ناقلة نفط عملاقة، و36 ناقلة كيماويات ومنتجات بترولية، و6 ناقلات متعددة الاستخدامات، وكذلك 5 ناقلات للبضائع السائبة.

في هذه الأثناء، يحاول المسؤولون الخليجيون إقناع العالم بأنه لا يوجد ما يدعو إلى القلق في ما يتعلق بالإمدادات النفطية. وقال وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي، إنه لا يرى أي خطر على مرور النفط عبر هرمز. إلا أن القلق لا يزال يسيطر على الأسواق بالرغم من التطمينات.

وكانت الإدارة البحرية الأميركية قد حذرت، الثلاثاء، السفن التجارية الأميركية من عبور الممرات المائية في الشرق الأوسط.

وقال مسؤول في شركة تعمل في أوروبا تضمّ ​​أكثر من عشرين ناقلة نفط، إنّ "الشرق الأوسط يشبه برميل بارود، لكننا لا نتوقع أي هجمات على الناقلات، على الأقل حتى الآن. لقد تلقينا بعض التأكيدات الشفهية من إيران بأن السفن لن تتعرض للضربات". ودفعت شركات التأمين على السفن بالفعل أكثر من 100 مليون دولار تعويضاً عن هجمات العام الماضي، التي طاولت سفن الشحن عبر المضيق.

ولا تقتصر تداعيات التوتر على عمليات شحن النفط، وإنما تطاول مواقع الإنتاج، خاصة في العراق، الذي لا يزال الصراع بين إيران والولايات المتحدة منحصراً في أراضيه حتى الآن.

وتواصل شركات النفط الأجنبية سحب موظفيها، وهو ما يؤثر على قطاع النفط في العراق، فبعدما أعلنت شركة "شيفرون كورب" الأميركية للنفط (تنتج أقل من 200 ألف برميل نفط يومياً)، أنها أجلت موظفيها الأجانب من إقليم كردستان (شمال)، كإجراء احترازي، بسبب التهديدات المتصاعدة، سحبت مؤسسة البترول الوطنية الصينية (سي.ان.بي.سي) حوالي 20 موظفاً من حقل غرب القرنة النفطي في البصرة (جنوب).

وترى الشركات المنسحبة أن البقاء في مواقع العمل بالمدن العراقية يشكل خطراً على حياة العاملين الأجانب، لا سيما مع استمرار تهديدات المليشيات التابعة لإيران لكل أجنبي بعد اغتيال سليماني والقائد في الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس في الضربة الأميركية، فجر الجمعة الماضي.

وجرت خلال الأيام التي أعقبت حادثة الاغتيال محاصرة أنصار الحشد الشعبي للشركات النفطية، ومنها شركة "إكسون موبيل" الأميركية بالبصرة، حيث طالب المحتجون بطرد الشركة من العراق.

وفي الوقت الذي ترفض وزارة النفط العراقية التعليق رسميا على الجزء المتعلق بتأثر القطاع النفطي بالأزمة المتصاعدة بين واشنطن وطهران، فإن مسؤولا في الوزارة أعرب عن اعتقاده بأن شركات أخرى ستعلق عملها مؤقتا أو تسحب موظفيها الأساسيين والخبراء إلى دول مجاورة بانتظار ما ستؤول إليه الأمور.

وقال المسؤول لـ"العربي الجديد"، إن عاملين من جنسيات أوروبية وكوريين وآسيويين، ضمن تحالف شركات متعددة تعمل بالبصرة وميسان (جنوب)، من المتوقع مغادرتهم المواقع النفطية، وحاليا لا يعلم كيف هو وضع الطواقم الروسية، حيث بالعادة تعتمد على بلاغات من حكومتها وليس من إدارة الشركات العاملة في العراق.

وأكد أنه بالمجمل القطاع النفطي سيتأثر كليا بعد يومين أو ثلاثة في حال استمرار مغادرة العمال والفنيين الأجانب رغم أن الشركات ما زالت فعليا عاملة ضمن الطواقم العراقية.

وبينما يتخوف مسؤولون من تضرر أعمال شركات النفط بانسحاب العمال الأجانب، إلا أن حمزة الجواهري، الخبير في شؤون النفط والطاقة في العراق، قال إن "معظم الكوادر في الشركات الأجنبية من العراقيين، وحتى الموظفين الأجانب لديهم بدلاء من المواطنين"، مضيفا أن "الانسحاب الحاصل حالياً للعاملين الأجانب ليس الأول، وتأثيراته غير محسوسة". وكانت الخارجية الأميركية قد دعت رعاياها إلى مغادرة العراق "فوراً" بعد ساعات من اغتيال سليماني.

والعراق هو ثاني أكبر منتج للنفط الخام في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بعد السعودية، بمتوسط إنتاج 4.5 ملايين برميل يومياً ويعتمد على إيرادات النفط لتمويل ما يصل إلى 95 في المائة من نفقات الدولة.

المساهمون