إلى جانب سياساتهما الرئيسية في الضرائب والتنظيمات الجمركية، قدم كل من كامالا هاريس ودونالد ترامب خططاً قد تؤثر كثيراً بقطاعات مختلفة من الشركات الأميركية الكبرى، حيث تشير التوقعات إلى وجود رابحين وخاسرين بين تلك الشركات، يُحدَّدون وفقاً لمن سيسكن البيت الأبيض لأربع سنوات قادمة.
وفيما قدمت هاريس نفسها إلى الناخبين باعتبارها المدافعة عن حقوق الطبقة المتوسطة والفقيرة، والمتصدية لأطماع الشركات الأميركية العملاقة، الساعية لمراكمة الثروات واحتكار الأسواق، خلال فترة عملها مدعية عامة في ولاية كاليفورنيا، افتخر ترامب، في أكثر من مناسبة، بانتمائه إلى مجتمع الأعمال والمليارديرات، معتبراً أن ذلك يمنحه شهادة بقدرته على إدارة الاقتصاد، وإفادة الشركات الأميركية. ومع ذلك، فقد أظهرت السياسات المقترحة من كلا المرشحين احتمالات لوجود مستفيدين وضحايا، أياً كانت نتيجة الانتخابات.
الشركات الأميركية العاملة في مجال الطاقة
قد يؤدي فوز ترامب إلى تعزيز قطاع النفط والغاز بشكل ملحوظ، حيث تعهد المرشح الجمهوري بـ "تحرير الطاقة الأميركية" من خلال إلغاء اللوائح التي يصفها بـ"القاتلة للصناعة"، والتي وضعها جو بايدن. ووفقاً لخطته، يعتزم ترامب رفع الحظر عن الموافقة على إنشاء محطات جديدة للغاز الطبيعي المسال وتخفيف اللوائح المتعلقة بانبعاثات الغازات الدفيئة، إضافة إلى إلغاء الحوافز والتشريعات التي تدعم انتشار المركبات الكهربائية والطاقة المتجددة. ورغم أن الكونغرس والمحاكم قد تعيق بعض هذه الإجراءات، إلا أن رئاسة ترامب قد تؤدي إلى تغييرات كبيرة في قطاعات مثل طاقة الرياح البحرية التي تعتمد على الموافقات الفيدرالية.
من جهة أخرى، فإذا فازت هاريس، ستواصل السياسات الحالية لإدارة بايدن التي تهدف إلى تحفيز استخدام الطاقة المتجددة، مع تسهيل إنتاج الوقود الأحفوري لضمان بقاء الولايات المتحدة أكبر منتج للطاقة في العالم. ويُتوقع أيضاً أن تحافظ هاريس على قانون الحد من التضخم، الذي يعتبر حجر الزاوية في سياسة المناخ لإدارة بايدن، حيث قدم هذا القانون حوافز استثمارية أدت إلى تدفق حوالى 450 مليار دولار في مجال الطاقة النظيفة.
التكنولوجيا
قد تسبب سياسة كلا المرشحين إزعاجاً لشركات وادي السيليكون، وخصوصاً في ما يتعلق بتنظيم استخدامات الذكاء الاصطناعي. ووعد ترامب بإلغاء الأمر التنفيذي لبايدن حول الذكاء الاصطناعي، الذي ساهمت هاريس في إطلاقه قبل عام، في قرار يبدو أنه يلقى ترحيباً من جانب رواد التكنولوجيا، مثل إيلون ماسك، الذي يخشى من تأثير التنظيم المفرط بحرية الابتكار في هذا المجال، خصوصاً أن الولايات المتحدة تسعى جاهدة لمواكبة السباق مع الصين.
وعلى النقيض، قد تسبب سياسات ترامب المحتملة، بفرض رسوم جمركية إضافية على الواردات من الصين وتايوان، تحديات كبيرة لشركات التكنولوجيا، مثل شركة إنفيديا، التي تعتمد على شركة تصنيع أشباه الموصلات التايوانية لإنتاج رقائقها المتقدمة.
أما هاريس، فإن علاقاتها العميقة بكاليفورنيا التي عملت فيها لسنوات، واستمرار استثمارات إدارة بايدن في البنية التحتية للاتصالات وصناعة أشباه الموصلات في الولايات المتحدة، تجعلها حليفاً طبيعياً لشركات التكنولوجيا.
البنوك والتمويل
أمضت البنوك الأميركية أكثر من عام خلال رئاسة بايدن في مقاومة اقتراح لزيادة متطلبات رأس المال. ويمكن لفوز ترامب أن يعزز طموحات القطاع في السعي نحو صفقة أكثر ملاءمة، حيث قد يسعى ترامب للتخفيف من الضغط التنظيمي الذي تفرضه لجنة الأوراق المالية والبورصات في مجالات مثل رأس المال الخاص والمخاطر المناخية.
أما هاريس، فقد سعت لإقناع الجهات المانحة بأنها ستكون أقل صرامة تجاه الشركات الكبرى مقارنة بإدارة بايدن، وقد يتضمن ذلك تعيين مسؤولين جدد في لجنة الأوراق المالية والبورصات الذين سيكونون أقل حدة في موقفهم من تنظيم الشركات.
السلع الاستهلاكية
إذا فازت هاريس فقد تواجه الشركات العاملة في مجال الأغذية والمشروبات تدقيقاً مكثفاً على استراتيجيات التسعير الخاصة بها، حيث تعهدت بفرض حظر اتحادي على استغلال الأسعار من قبل شركات الأغذية، خلال المائة يوم الأولى من ولايتها. وفي المقابل، تعهد ترامب بخفض أسعار السلع الغذائية للمستهلكين الأميركيين من خلال فرض تعريفات جمركية واسعة على الواردات، إلا أن الاقتصاديين أشاروا إلى أن هذا النهج قد يؤدي إلى زيادة تكاليف المواد الخام، مثل الحبوب والسكر، ما قد يرفع الأسعار في النهاية بدلاً من خفضها.
الطيران
قد يكون فوز ترامب خبراً سيئاً لصناعة الطيران، حيث يهدد بتطبيق تعريفات جمركية تصل إلى 60% على السلع المستوردة من الصين، التي تُعَدّ من الأسواق الرئيسية لشركة بوينغ. وقد يؤدي ذلك إلى رد فعل انتقامي من بكين، يشمل تأجيل الطلبيات أو إلغاءها، ما سيضر بالشركة في وقت حساس تعاني فيه من مشكلات في الجودة وسلسلة التوريد.
السيارات
قد يضر فوز ترامب بسوق السيارات الكهربائية الناشئ في الولايات المتحدة، حيث يعارض اللوائح المتعلقة بالانبعاثات ويصفها بأنها "قاتلة" لهذه الصناعة، ما قد يقلل من حوافز الشركات لتطوير المركبات الكهربائية.
الرعاية الصحية والأدوية
خلال ولايته الأولى، حاول ترامب دون جدوى إلغاء قانون الرعاية الصحية الميسرة (أوباما كير)، الذي يوفر حماية للأشخاص الذين يعانون من حالات صحية سابقة، وهو ما يتوقع أن يعيد المحاولة لإلغائه، بينما تبدو هاريس متمسكة به، راغبة في توسيعه، ليشمل المزيد من محدودي الدخل في الولايات المتحدة.