ضغوط الميزانية ترجح استمرار السعودية في تعزيز اتفاق النفط

23 مايو 2017
تمديد خفض الإنتاج النفطي يزيد من إيرادات السعودية (Getty)
+ الخط -

تدفع الضغوط على المالية العامة السعودية، إلى إبرام اتفاق بشأن تخفيضات إنتاج النفط، في المحادثات التي يُجريها كبار المنتجين العالميين، الأسبوع الحالي، حتى وإن اضطرت الرياض إلى تحمّل نصيب الأسد من التخفيضات.

ومن المستبعد أن يستمر الانخفاض السريع للعجز الكبير في ميزانية الحكومة، خلال الأشهر المقبلة، خصوصا أن الرياض قد تضطر إلى إنفاق المزيد من أجل تعزيز النمو الاقتصادي.

غير أن القائمين على الإصلاح الاقتصادي في السعودية يراهنون بالكثير من مصداقيتهم على نجاح الطرح العام الأولي لشركة النفط العملاقة، أرامكو، العام المقبل، والذي يتوقعون أن يحقق تقييما لا يقل عن تريليوني دولار للشركة المملوكة للدولة.

ويقول محللو النفط وخبراء الاقتصاد، إن ذلك سيدفع السعودية إلى المشاركة في اجتماع المنتجين من أوبك ومن خارجها، في فيينا، في الخامس والعشرين من مايو/أيار، وهي عازمة على تعظيم إيرادات النفط إلى أقصى حد ممكن، من خلال رفع الأسعار، حتى وإن اضطرت إلى تطبيق تخفيضات كبيرة لإنتاجها في المقابل. وقالت مونيكا مالك، كبيرة الاقتصاديين في بنك أبوظبي التجاري "سيظل وضع الموازنة صعبا، لاسيما في ظل تباطؤ الاقتصاد".

وتابعت "ستضطر الحكومة إلى زيادة الإنفاق لدعم النمو وتنويع الاقتصاد، ولذلك تحتاج إيرادات عالية، هم بحاجة لأن تبقى أسعار النفط عند المستويات الحالية على الأقل".

ومع وصول أسعار خام القياس العالمي مزيج برنت إلى 51 دولارا للبرميل، قال وزير النفط السعودي، خالد الفالح، إنه يريد تمديد تخفيضات الإنتاج الحالية لمدة تسعة أشهر حتى مارس/آذار القادم.

وقلصت الرياض الإنتاج بالفعل بأكثر مما تعهدت به في الاتفاق، ليصل حجم تخفيضاتها في إبريل/نيسان إلى 118 بالمائة من المطلوب منها.

وقالت مصادر لـ"رويترز" إن لجنة من أوبك لا تدرس تمديد التخفيضات فحسب، بل وتعميقها لتتجاوز مستوى الخفض المنصوص عليه في الاتفاق الأساسي والبالغ 1.8 مليون برميل يومياً.

الإحجام عن الاقتراض

قال توماس ستريتر، رئيس الأبحاث في إم.بي كومودتيز كابيتال في دبي، إنه لا يمكن استبعاد إمكانية قبول السعودية بتخفيضات أكبر للإنتاج، لأن خفضه 1.8 مليون برميل يوميا لا يتمخض إلا عن تراجع محدود للمخزونات العالمية.

ومنذ العام الماضي، كان اللجوء إلى الاقتراض من الخارج أحد العوامل التي ساهمت في تفادي السعودية أزمة مالية. ويسرّ المستثمرون الأجانب إقراض السعودية عشرات المليارات، ولكن هذا لا يعني أن الحكومة، التي أوشكت قبل ثلاثة أعوام على محو جميع ديونها، سعيدة بذلك.
وقال ستريتر "سيريدون أسعار نفط أعلى لزيادة إيراداتهم وعدم الاعتماد على الاقتراض".

وانكمش عجز الميزانية السعودية 71 في المائة على أساس سنوي، في الربع الأول من العام، ليبلغ 26 مليار ريال (6.9 مليارات)، وهو مستوى دون التوقعات، ويرجع ذلك بصفة أساسية لإيرادات النفط التي قفزت إلى 112 مليار ريال من 52 مليار ريال.

ولكن الربع الأول من العام الماضي شهد انهيارا لأسعار النفط وهبط برنت إلى 27 دولارا للبرميل.

قلق من العجز

وقدرت مالك أن زيادة متوسط أسعار النفط دولاراً واحداً سنوياً يخفض العجز في ميزانية السعودية بين 0.3 و0.4 نقطة مئوية، إذا ظل الإنفاق ثابتا، وهو ما يجعل أي زيادة لأسعار النفط ولو بدولارات قليلة مغرية للسعوديين.

وبالمثل، قد يكون لأسعار النفط تأثير كبير على الطرح الأولي لأرامكو. وقدّر سانفورد سي برنشتاين للاستشارات أن أرامكو ستحقق ربحا صافيا 13.30 دولار من برميل النفط من إنتاج أنشطة المنبع عند سعر 50 دولارا، ويرتفع الربح إلى 16.90 دولارا، حين يصل السعر إلى 60 دولارا.

وهذا يعني أن فارق العشرة دولارات لسعر البرميل يعني فرقا بمئات الملايين من الدولارات في تقييمات الطرح الأولي لأرامكو.

كما يبدو أن العوامل الأخرى التي ساهمت في إحجام الرياض عن خفض الإنتاج في السابق فقدت جزءا من جدواها، إذ يقول بعض المحللين إن تحسن تكنولوجيا التكسير الهيدروليكي يعني أن الأسعار المنخفضة لم تعد تردع منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة.

وبجانب ذلك، ربما تكون المخاوف من أن تصب تخفيضات الإنتاج في صالح إيران بصعود الأسعار في طريقها للانحسار، في ظل فشل طهران في جذب استثمارات أجنبية في العام الأخير، والنهج المتشدد الذي يتبناه الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجاه إيران.



(رويترز، العربي الجديد)


المساهمون