قلق تونسي من توسيع التجارة الحرة مع أوروبا

22 ابريل 2019
القطاع الزراعي يخشى المنافسة غير العادلة (فرانس برس)
+ الخط -

 

يسيطر القلق على العديد من الأنشطة الزراعية والخدمية في تونس، من إبرام اتفاق جديد مع الاتحاد نهاية إبريل نيسان/الجاري، يوسع قائمة التبادل التجاري الحر ليشمل هذه الأنشطة، فيما أظهرت دراسة حكومية أن القطاعات الاقتصادية بحاجة إلى إصلاحات بقيمة 1.5 مليار دولار لمواجهة المنافسة الأوروبية.

وتجدد الجدل في الأوساط الاقتصادية التونسية حول جدوى الاتفاق، ولا سيما أن العديد من القطاعات التونسية تعاني من صعوبات على مستوى الإنتاج والتصدير.

وأشار عضو منظمة المزراعين محمد رجايبية في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى عدم قدرة الاقتصاد التونسي، على تحمل أي تداعيات لاتفاق تحرير التجارة الشامل، لافتا إلى تراجع تنافسية قطاع الأغذية ولا سيما الألبان واللحوم والحبوب.

وقال رجايبية إن دراسة أولية أعدتها وزارة الزراعة، أثبتت حاجة تونس إلى نحو 1.5 مليار دولار، للقيام بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة وتأهيل القطاعات المعنية بالتحرير، لافتا إلى أن الاتحاد الأوروبي لم يتعهد بتمكين تونس من هذه التمويلات.

ودعا إلى ضرورة تأجيل المفاوضات بشأن الاتفاق، إلى حين استكمال مراحل تأهيل القطاعات المشمولة بالتحرير، معتبرا أن التأهيل ورفع القدرة التنافسية لقطاعي الزراعة والخدمات يحتاج إلى 10 سنوات وفق تقديره.

وينقسم المحللون بين التشاؤم والتفاؤل، حيث يرى المنتقدون أن تونس لم تتمكن من تعديل ميزانها التجاري المختل مع أوروبا، بعد أن خسرت موازنة الدولة خلال السنوات السبع الأخيرة نحو 30 بالمائة من الإيرادات ودفعتها إلى المزيد من الاقتراض الخارجي.

ويشمل الاتفاق المرتقب تحرير قطاعي الزراعة والخدمات اللذين كانا خارج إطار التبادل الحر، وهذا الوضع سيتيح للشركات الأوروبية منافسة المنتجين المحليين في مجالات استراتيجية مثل الغذاء والصحة والبنوك والطاقة وغيرها.

وقال محمد منصف الشريف، الخبير الاقتصادي، إن الجولة الجديدة من المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي تنطلق في مناخ غير سليم على الصعيد المحلي والأوروبي أيضا.

واوضح الشريف في تصريح لـ"العربي الجديد" أن الاتحاد الأوروبي يعيش صعوبات اقتصادية انعكست سلبياً على نسب نمو أغلب دوله، فضلا عن الانقسام الذي خلفه خروج بريطانيا من الاتحاد وما ينجم عنه من تداعيات على بقية الدول الأعضاء.

وأضاف أن تونس مطالبة بفك ارتباط تدريجي لاقتصادها مع منطقة اليورو، معتبرا أن آفاقا اقتصادية أرحب ستفتح لتونس في السوق الأفريقية والآسيوية.

ودعا الخبير الاقتصادي، إلى تجنب الوقوع تحت الضغوط الأوروبية وإرجاء المفاوضات بشأن اتفاق التحرير الشامل، إلى حين الحصول على التمويلات اللازمة لتأهيل الزراعة والخدمات.

وكان عبد السلام الواد، عضو الغرفة الوطنية للمصدرين، قد قال لـ"العربي الجديد" في فبراير/شباط الماضي، إن عمليات التضييق التي تمارسها الدول الأوروبية على المنتجات التونسية، ولا سيما زيت الزيتون دفعت المصدرين إلى البحث عن أسواق جديدة.

وتندرج المفاوضات في قطاع الفلاحة تحديداً في سياق توصيات قديمة للمؤسسات المالية الدولية، إذ أشارت دراسة للبنك الدولي في 2006 إلى ضرورة "التخلي عن الزراعات غير الرابحة مثل القمح وتربية الماشية".

وكشف رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر خلال لقاء مع رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد في بروكسل في إبريل/نيسان 2018 عن أن الطرفين لديهما رغبة في إبرام الاتفاق في 2019.

وكانت المفاوضات بين الجانبين قد أطلقت بشكل رسمي في أكتوبر/تشرين الأول 2015، رغم تحفظ بعض خبراء الاقتصاد التونسيين الذين يتخوفون من تحرير السوق التونسية قسراً.

وشدد الشاهد في أكثر من مناسبة على أهمية التوصل إلى هذا الاتفاق، لافتا إلى "تونس والاتحاد الأوروبي سيضعان في نهاية مايو/أيار المقبل مبادئ يجب أن يقوم عليها هذا الاتفاق".

ويأتي مشروع الاتفاقية، كامتداد لاتفاقية التبادل الحر والشراكة التي أبرمتها تونس مع الاتحاد الأوروبي في عام 1995، حيث كانت أول بلد جنوب البحر المتوسط يوقع مثل تلك الاتفاقية.

وتشير بيانات صادرة حديثا عن المعهد الوطني للإحصاء الحكومي، إلى أن العجز التجاري التونسي، خلال الربع الأول من العام الجاري، نحو 3.9 مليارات دينار، مقابل 3.6 مليارات خلال نفس الفترة من العام الماضي 2018، مشيرا إلى زيادة الواردات بنسبة 14.3 في المائة، لاسيما واردات المواد الزراعية والغذائية الأساسية بنسبة 24.1 في المائة.

المساهمون