غطسة العيد: احتفال ما قبل الميلاد

20 ديسمبر 2016
أضخم احتفالية تقام في هولندا (سيان جالوب/ Getty)
+ الخط -
في تقليدٍ سنويّ لم يعد غريباً على العديد من البلدان؛ يُقام حول العالم بمناسبة قدوم العام الجديد، واحتفالات ما قبل "الكريسماس"، إذ يتكرَّر مهرجانٌ يندفِع فيه المئات من مختلف أنحاء أوروبا، ليغطسوا في ماء البحيرات التي تتناثرُ فيها قطع الجليد، وليُظهروا مدى شجاعتهم واستعدادهم لاستقبال العام الجديد بكلّ ما يحمله لهم، وليثبتوا قدرَتهم على مواجهة الصعاب كما يواجهون الماء المُثلّج هذا الشهر البارد.

بعض أنحاء ويلز وأيرلندا الشمالية، ودنكرك والريفيرا الفرنسيتين، ونهر ويستوك البولندي، وسان سباستيان بإسبانيا، وويزمار الألمانية، ومنطقة بحر البلطيق، والبحر الأدرياتيكي في سلوفينيا؛ كلها مناطق تشتهر بهذه الفعالية، ويتجمع فيها محبو المغامرة وعشاق الغطسة التي قد توقف القلب الضعيف، إذ إنّ المياة الباردة قد تساهم فعلاً أحياناً في توقّف عضلة القلب.

لا يُعرَف على وجه التحديد كيف بدأت هذه الفكرة التي أصبحت من الأحداث الأكثر شعبية في أوروبا. وفي بريطانيا، التي تحظى بالعديد من الأماكن التي تقام فيها الاحتفالية منذ عدة عقود. بدأ العديد من البريطانيين من كل الأعمار والفئات على السوشيال ميديا بنشر صورهم وهم يمارسون تلك الغطسة في الثلج، وكيف يسافرون من مختلف المقاطعات والمدن إلى لندن لحضور أكبر احتفالية هناك.

وفي أربعة أماكن في هولندا يقام مهرجان الغطس في الثلج، ويجتمع الآلاف من الأشخاص في أضخم احتفالية على مستوى العالم في مدينة شيفينينغن ليغطسوا في الماء في نفس الوقت في مظاهرة ضخمة، إذ يرتدون فيها القبعات الصوفية على رؤوسهم. وتقام مسابقة لجمال الفتيات المشاركات برعاية صحيفة هولندية، وتتناوب الصحف لتغطية المهرجان كل عام.

يبدأ الحفل بالتجمع على الشاطئ، وتوزع على الحاضرين عبوات الحساء ثقيل الدسم لبث الدفء في الأجساد المتدثرة بملابس الشتاء الثقيلة. بعد ذلك، تُعطى إشارة البدء ليخلع الجميع ملابسهم، وليظهروا في المهرجان بالملابس الغريبة أو شبه عراة. ثم تعطى إشارة بدء الغطس، فيعدو الجميع معاً نحو الماء الذي يبلغ درجة التجمد أو أقل منها قليلاً، ويبدأ الغطس والتقاذف بالماء حتى تنطلق إشارة النهاية، فيخرج الجميع ليجففوا أنفسهم ويرتدوا ملابسهم بعد أن يكونوا قد التقطوا لهم ولأصدقائهم العديد من الصور التذكارية.

في روسيا، حيث تبلغ درجة الحرارة 15 درجة تحت الصفر، يندفع المحتفلون بالعام الجديد إلى الحُفر المصنوعة في الثلج الذي يغطي البحيرات هناك ليغطسوا غطسة العام الجديد. هذا النوع من الغطس يمارس في روسيا منذ قرون، ويعتقد بعض المؤرخين أنه كان تقليداً وثنياً قبل دخول المسيحية لروسيا. وفي 19 يناير/ كانون الثاني من كل عام يقوم المتدينون الروس بالغطس في أماكن حددها الرهبان الأرثوذكس لهم، ويرسمونها في الثلج على هيئة الصليب ليتذكروا تعميد المسيح في نهر الأردن. ويعتقد الروس أن ذلك ينقيهم من خطاياهم التي ارتكبوها في العام المنصرم ويساهم في التخلص منها، ويضمن لهم التمتع بعام قادم صحيٍّ ومزدهر. ويؤدّي تلك الغطسات الثلاث، عشرات الآلاف من الروس، وفي موسكو وحدها، يؤدّيها ثلاثون ألفاً من الأشخاص سنوياً على الأقل.


المساهمون