صوت المواطن الضعيف في معركة النفط

29 نوفمبر 2018
المنظمة تعقد اجتماعاتها في 5 و6 نوفمبر بفيينا (Getty)
+ الخط -

لا صوت يعلو هذه الأيام على صوت النفط، مصدر الطاقة الأول في معظم دول العالم، كل العيون باتت معلقة بتحركات وتذبذبات وأسعار الذهب الأسود المصدر الأول لإيرادات العديد من الدول وفي مقدمتها دول الخليج والعراق والجزائر وروسيا والنرويج وإيران.

الكل يترقب نتائج اجتماع منظمة أوبك بفيينا يومي الأربعاء والخميس 5 و6 ديسمبر الجاري، والجميع في انتظار موقف روسيا أبرز منافس للسعودية من خارج أوبك".

وكالات الأنباء ترصد لحظة بلحظة حالة الارتباك الشديد في أسواق النفط ترقباً لاجتماع أوبك، والأسواق ترصد تصاعد الخلافات بين موسكو والرياض قبل الاجتماع، وتتحدث عن تهديد بوتين بفك الارتباط مع أوبك ووقف التنسيق مع الدول الأعضاء بالمنظمة، وعن التنسيق الإيراني مع روسيا قبل الاجتماع، وأن روسيا تصدّر كميات قياسية من النفط للصين بفضل العقوبات الأميركية على إيران، وأن السوق الصينية تشعل منافسة نفطية ما بين روسيا والسعودية.

العالم يراقب عن كثب مواقف الدول النفطية المنتجة المتضررة من ممارسات السعودية التي أغرقت الأسواق بالنفط استجابة لضغوط ترامب، ويتحدث عن أن السعودية تناور نفطياً وترفض خفض إنتاجها، وأن إنتاجها القياسي يضغط على أسعار النفط نزولاً، وعن تفوق روسيا على السعودية، أكبر مُصدر للنفط في العالم، لتتصدر موردي الخام إلى الصين في العامين الأخيرين.

العالم يترقب كذلك القرار الأميركي المتعلق بحظر استيراد النفط الإيراني، وما إذا كان ترامب سيمد قرار الاستثناء الممنوح لثماني دول تستورد أكثر من 80% من هذا النفط، أم سيطبق الحظر كاملا، وبالتالي يحرم طهران من أهم مورد مالي لها ويضيق الخناق عليها، وما هو الموقف في أسواق العالم في حال تطبيق الحظر الكلي على نفط إيران.

وكالات الأنباء وبنوك الاستثمار العالمية تخصص مساحات للحديث عن مستثمري النفط القلقين والمترقبين لقرار أوبك، وأن فورة النفط تحول أميركا للتصدير بعد تخطي المنتجين الكبار، وأنه في حال انخفاض أسعار النفط إلى أقل من 50 دولاراً، فإن شركات النفط الصخري ستواجه خسائر ضخمة، ربما تخرج العديد منها من السوق النفطي. 

المؤسسات المالية ترصد حال المضاربين في النفط، الذين راهنوا يوما على أن النفط الخام سيبلغ 100 دولار للبرميل، وهم يتحركون حاليا في الاتجاه المعاكس ويعززون المراكز المدينة في النفط لأعلى مستوى في أكثر من عام.

في المقابل، نجد أن الدول المستوردة للوقود سعيدة هذه الأيام بانهيار أسعار النفط وتراجعه من 88 دولارا إلى نحو 60 دولارا بنسبة تراجع 30% في أقل من شهرين، وتتمنى استمرار دورة الهبوط، خاصة وأن الإنهيار يعطيها مهلة لإعادة ترتيب موازناتها العامة وتقليص العجز الناجم عن زيادة مخصصات دعم الوقود.

الصوت الخافت والضعيف في معركة النفط هو صوت المواطن رغم أنه هو المستهلك للطاقة، ففي الدول المستوردة للوقود لم يحصل هذا المواطن على أي ميزة من تراجع الأسعار، بل إن حكوماته تهدده دوما بزيادة أسعار البنزين والسولار والغاز بزعم وجود عجز شديد في الموازنة العامة ناتج عن زيادة أسعار النفط.

حتى في الدول العربية النفطية لم يستفد المواطن من الزيادات التي حدثت في أسعار النفط والتي دفعت به إلى سعر 88 دولارا للبرميل خلال شهرين، وبدلا من أن يجد المواطن تحسنا في الأسعار والخدمات بسبب الوفرة المالية التي تحققت، نجد أن الحكومات راحت تلاحقه بالضرائب والرسوم والقيمة المضافة وزيادة أسعار الوقود كما جرى في الشهور الماضية.
المساهمون