تعميم لمصرف لبنان يشجع على دمج البنوك... وتراجع الدولار متواصل

05 نوفمبر 2019
متظاهرون أجبروا مصارف على إغلاق أبوابها بطرابلس (فرانس برس)
+ الخط -

توقع خبراء أن يؤدي قرار "مصرف لبنان" حول رسملة المصارف، الصادر أمس الإثنين، إلى تشجيع عمليات الاندماج بين البنوك التجارية المحلية، فيما رجّحت مصادر جمعية المصارف أن يستعيد القطاع نشاطه بكافة فروعه اعتباراً من يوم غد الأربعاء، بينما يواصل الدولار تراجعه أمام الليرة.

رئيس قسم البحوث والتحاليل الاقتصادية في مجموعة "بنك بيبلوس"، نسيب غبريل، قال لـ"العربي الجديد" إنه يتوقع أن يؤدي التعميم إلى صفقات دمج بين المصارف، لأن بعض البنوك قد لا يتمكن من زيادة رأسماله بالسرعة المطلوبة.

وكان حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، قد أصدر تعميماً يوم الاثنين، بشأن قرار طلب فيه من "المصارف رفع رساميلها من خلال السماح للمساهمين بضخ المزيد من السيولة بنسبة تصل إلى 20% من رأسمالها الحالي، بدءاً من نهاية 2019 وحتى نهاية 2020".

وأوضح في مسوّغات القرار أن هذا التدبير من شأنه أن "يُعزز رسملة المصارف بقيمة تقارب 4 مليارات دولار، لتضاف إلى رسملة تتجاوز 20 مليار دولار، الأمر الذي يعزز قدرتها المالية لمواجهة الأوضاع الراهنة وأي تطورات مستقبلية، خصوصاً على صعيد أي تخفيض محتمل للتصنيف الائتماني، والبقاء عند مستويات كافية لرأسمال فوق 8% أعلى من المتطلبات الدولية".
وفي نص التعميم الوسيط الرقم 532، والموجّه إلى المصارف حصراً، طلب المصرف المركزي من المصارف اللبنانية أمرين (نص التعميم كاملاً مرفق بهذا التقرير):

1 - عدم توزيع أرباح عن السنة المالية 2019.

2 - زيادة أموالھا الخاصة الأساسية بنسبة 20% من حقوق حملة الأسھم العادية Common Equity Tier One، كما ھي بتاريخ 31 ديسمبر/ كانون الأول 2018، عن طريق مقدمات نقدية بالدولار الأميركي وفقاً لما يلي: بنسبة 10% خلال مھلة حدّھا الأقصى 31 ديسمبر/ كانون الأول 2019، وبنسبة 10% إضافية خلال مھلة حدّھا الأقصى 30 يونيو/ حزيران 2020.

غبريل رأى في التعميم "إجراء جيداً لأن الاندماج يُنادي به حاكم مصرف لبنان منذ سنوات طويلة، وربما يصبح الدمج نتيجة للتعميم لكنه ليس سبباً مباشراً له"، خصوصاً أن لبنان لا توجد فيه مصارف متعثرة، وبالتالي يمكن اعتبار القرار تدبيراً احترازياً تُمليه أوضاع البلد الاقتصادية والتطوّرات السياسية التي يشهدها.

في السياق، أوضحت مصادر مسؤولة في "جمعية مصارف لبنان" لـ"العربي الجديد"، أن تعميم "المركزي" إجراء وقائي لزيادة نسبة السيولة لدى المصارف على عتبة السنة الجديدة (2020)، فهو يقضي بإلزام المصارف بتخصيص أرباح هذه السنة لزيادة الرساميل، خصوصاً أن تصنيف البلد الائتماني، واستتباعاً تصنيف المصارف، سيتراجع عقب الأزمة الراهنة بنتيجة مزيد من التوقف عن العمل وانحسار الإنتاجية وانكفاء النمو".

الليرة إلى مزيد من التحسّن

في غضون ذلك، أكّد 3 تجّار من قطاعات ومناطق مختلفة لـ"العربي الجديد"، أنهم اشتروا الدولار الأميركي مساء أمس الاثنين، بأسعار متباينة بلغ حدّها الأقصى 1720 ليرة نقداً من سوق الصرّافين، قبل أن ينخفض قبل ظهر اليوم الثلاثاء إلى 1690 ليرة، ثم إلى 1665 ليرة بعد ظهر هذا اليوم.
ويحتاج هؤلاء التجار إلى العملة الأميركية بمبالغ متوسّطة بين 7 آلاف و8 آلاف دولار يومياً لسداد ثمن البضائع للمزوّدين، وهي مبالغ لا تؤمّنها المصارف في ضوء الظروف الحالية.

ويتخذ الدولار منحى نزولياً منذ منتصف الأسبوع الماضي، عندما سجّل ذروة وصلت إلى 2000 ليرة في بعض الأسواق التجارية والمالية، قبل أن تعيد المصارف فتح أبوابها يوم الجمعة الماضي.

وفي السوق الرسمية، أعلنت "مديرية القطع والعمليات في مصرف لبنان" أن الدولار حافظ على استقراره في سوق بيروت المالية، وأقفل على 1507.5 ليرات سعراً وسطاً.

المصارف إلى طبيعتها غداً؟

على صعيد متصل، رجّحت مصادر جمعية المصارف لـ"العربي الجديد" أن يعود العمل في القطاع المصرفي إلى طبيعته المعتادة بنسبة 100% اعتباراً من يوم غد الأربعاء، وأكدت أن العمل كان شبه عادي أمس الاثنين واليوم الثلاثاء، باستثناء بعض الفروع التي كان متعذراً وصول الموظفين إليها، أو التي ألزم بعض المتظاهرين الموظفين على إعادة إقفالها بعد فتحها أمس واليوم.

أما غبريل فقد أوضح أن إدارات المصارف كانت قد استعدّت لكل الاحتمالات، منذ أول يوم عادت فيه إلى العمل بعد إغلاق قسري دام أسبوعين، مشيراً إلى أنها لم تكن مغلقة كلياً حتى عندما كانت أبوابها مقفلة، بل كانت تتواصل مع زبائنها، إما من خلال مراكز خدمة الزبائن المتوافرة على مدار الساعة للإجابة عن استفساراتهم، أو من خلال الاتصال المباشر بين الزبائن ومديري الفروع والمسؤولين عن التسليف للشركات، فيما كانت باستمرار تزوّد الصرّافات الآلية بالسيولة اللازمة طوال فترة الإغلاق.
وساهمت، في استعداد المصارف للتعامل مع المستجدات، الخبرة التي سبق وكوّنتها بعد مرورها بظروف أكثر قساوة، على نسق الشهرين اللذين أعقبا اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري في 14 فبراير/ شباط 2005، وكذلك إبّان العدوان الإسرائيلي على لبنان في يوليو/ تموز وأغسطس/ آب 2006.

ولفت غبريل إلى حصول تراكم لمعاملات الزبائن في الانتظار على مدى أسبوعين أو 12 يوم عمل من الإغلاق، وكذلك صودف أن إعادة فتح المصارف أبوابها تمّت مع نهاية شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وبالتالي كان من الطبيعي أن يشهد أول يوم من نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي حركة ضاغطة كما هي العادة في أول كل شهر.

وبالتالي، حصل أن عادت المصارف إلى نشاط المصارف تزامناً مع حلول أول الشهر، ومع ذلك استطاعت المصارف تلبية احتياجات الزبائن الذين كانت طلباتهم عقلانية لا يشوبها الهلع كما كان يتوقع البعض.

ومن لم تستطع المصارف تلبية طلباته فوراً، نسّقت معه للتريّث يوماً أو أكثر وفي بعض الحالات أسبوعاً لإتمام معاملته، ما يعني أن الطلبات تتم تلبيتها تدريجاً.

وتنتظر المصارف حالياً صدمة إيجابية، كما هي حال كل قطاعات الاقتصاد اللبناني، وكل المواطنين وكافة الأسواق المالية والتجارية، وذلك من خلال إجراءات مقنعة وذات مصداقية تؤدي إلى صدمة إيجابية تريح الأسواق وتضخ السيولة وتنشّط العجلة الاقتصادية، ما يؤدي بالتالي إلى رفع ثقة المستثمر والمواطن اللبناني.
المساهمون