حمّل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأربعاء، أوروبا المسؤولية عن أزمة الطاقة الحالية، بعدما تسبب ارتفاع أسعار الغاز بتوجيه اتهامات إلى موسكو بأنها تحدّ من الإمدادات للضغط على الغرب.
وصرّح بوتين خلال لقاء نقلته القنوات التلفزيونية مع قادة قطاع الطاقة الروسي، وفقاً لوكالة "فرانس برس"، بأن الأوروبيين "ارتكبوا أخطاء"، مؤكداً أن أحد العوامل التي أثرت على الأسعار هو إنهاء "عقود طويلة الأجل" لصالح السوق الفورية.
وأضاف: "تبين، وهذا واضح تماماً الآن، أن هذه السياسة خاطئة".
وفي وقت سابق الأربعاء، نفى ديمتري بيسكوف المتحدث باسم بوتين، علاقة روسيا بأزمة أسعار الغاز، مشدداً على أن "روسيا لا تضطلع ولا يمكن أن تضطلع بأي دور في ما يجري في سوق الغاز الأوروبي".
وأضاف بيسكوف أن "روسيا أوفت بجميع التزاماتها بموجب العقود القائمة، وتواصل الوفاء وستستمر في الوفاء بها بمسؤولية".
وروسيا هي أكبر مورد للغاز إلى أوروبا، وبلغت حصتها 43 بالمائة من إجمالي واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز العام الماضي.
اتهامات أوروبية لروسيا
وجاء كلام الرئيس الروسي إثر تعرّض موسكو لانتقادات بأنها تحدّ من إمدادات الغاز عمداً، في محاولة لتسريع إطلاق خط أنابيب غاز "نورد ستريم 2" الذي يربط روسيا بألمانيا.
وأعلن عملاق الطاقة الروسي "غازبروم" الشهر الماضي استكمال خط الأنابيب البالغة تكلفته 10 مليارات يورو (12 مليار دولار)، وقال الكرملين إن إطلاقه سيساهم في الحد من أزمة الطاقة في أوروبا.
وقال المسؤول عن سياسة الطاقة بالاتحاد الأوروبي، أمس الثلاثاء، إن المفوضية الأوروبية تنظر في شكاوى من بعض دول الاتحاد بأن روسيا تستخدم وضعها كمورد رئيسي لإذكاء زيادة حادة في سعر الغاز في أوروبا.
سجلت أسعار الغاز الأوروبي والبريطاني الأربعاء ارتفاعا بأكثر من 25 بالمائة، مدفوعة بتزايد الطلب مع اقتراب فصل الشتاء
وقال كادري سيمسون مفوض الطاقة بالاتحاد الأوروبي لوكالة "رويترز" أمس الثلاثاء: "نحن ننظر في هذا الزعم، مع نائبة الرئيس التنفيذي فيستاجر المسؤولة عن قواعد المنافسة، لأن هذا بالطبع أمر بالغ الجدية"، في إشارة إلى مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون المنافسة مارغريت فيستاجر.
ارتفاع الأسعار
وسجلت أسعار الغاز الأوروبي والبريطاني الأربعاء ارتفاعا بأكثر من 25 بالمائة، مدفوعة بتزايد الطلب مع اقتراب فصل الشتاء في النصف الشمالي من الكرة الأرضية.
وسجل السوق الأوروبي المرجعي "تايتل ترانسفر فاسيليتي" الهولندي حوالى الساعة 09,15 ت غ ارتفاعا نسبته 25,14 بالمائة إلى 145,19 يورو لكل ميغاواط ساعة بينما ارتفع سعر الغاز البريطاني تسليم الشهر المقبل بنسبة 25,13 بالمائة إلى 367,78 بنسًا لكل وحدة حرارية.
وسجل السوقان في تعاملات سابقة ارتفاعا قياسيا بلغ 162,10 يورو و407,82 بنسات على التوالي.
وقال المحلل في كومرتس بنك كارستن فريتش لـ"فرانس برس": "هلع وخوف مع اقتراب الشتاء".
وأثار ارتفاع أسعار الغاز، إضافة إلى تسجيل أسعار النفط مستويات قياسية هذا الأسبوع، مخاوف عالمية إزاء ارتفاع التضخم، ويرتفع الطلب على الغاز أيضا في آسيا وخصوصا من الصين.
وقال المحلل في مؤسسة إكس تي بي وليد قضماني، إن "أسعار الغاز الطبيعي ارتفعت إلى مستويات قياسية جديدة ... لأن كمية المخزونات غير الكافية قبيل فصل الشتاء تثير المخاوف من ارتفاع التضخم وأسعار الطاقة على المستهلك".
وأضاف أن "قيود الإمدادات هذه يمكن أن تُترجم إلى ارتفاع كلفة نقل الوقود خلال أشهر الشتاء، وهو احتمال من شأنه أن يزيد من تباطؤ الانتعاش الاقتصادي ويفاقم تراجع مزاج الأسواق".
وما يفاقم من أزمة الطاقة في أوروبا عدم هبوب الرياح الكافية لمحطات التوربينات، والإغلاق التدريجي لمناجم الفحم وسط تدابير حكومية مراعية للمناخ.
وبريطانيا معرضة بشكل خاص لأزمة طاقة بسبب اعتمادها على الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء.
(العربي الجديد، وكالات)