الجزائر تُطمئن إسبانيا على إمدادات الغاز قبيل نهاية عقد "خط المغرب"

03 أكتوبر 2021
مصنع لإنتاج الغاز المسال في ولاية ورقلة جنوبي الجزائر (Getty)
+ الخط -

يتصاعد القلق في إسبانيا حيال إمدادات الغاز الجزائري، خصوصا في ظل الارتفاع العالمي لأسعار الطاقة، ما يعيد الملف الشائك إلى طاولة المباحثات بين مدريد والجزائر، خاصة بعد توجه السلطات الجزائرية إلى إنهاء توريد الغاز عبر أنبوب يجتاز الأراضي المغربية، في أعقاب توتر حاد للعلاقات بين الجزائر والرباط.

وزار وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، الجزائر، الخميس الماضي، والتقى الرئيس عبد المجيد تبون، قبل أن يجتمع مع وزير الخارجية رمطان لعمامرة ووزير الطاقة محمد عرقاب، في لقاء استمر لساعة متأخرة من ليلة الجمعة.

وجاءت زيارة ألباريس، قبل نهاية عقد توريد الغاز إلى إسبانيا عبر الأنبوب المار بالأراضي المغربية، في 31 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

مصدر دبلوماسي جزائري يكشف لـ"العربي الجديد" أن "زيارة الباريس للجزائر جاءت لمعرفة قرار الجزائر النهائي من تجديد عقد أنبوب الغاز العابر عبر المغرب

بينما قال الوزير الإسباني في تصريح صحافي عقب لقائه تبون، إن بلاده تلقت تطمينات من السلطات الجزائرية بشأن استمرار إمداد مدريد بموارد الطاقة الجزائرية، مشيرا إلى أن الجزائر "شريك أساسي وموثوق لإسبانيا في مجال الطاقة".

وكشف مصدر دبلوماسي جزائري لـ"العربي الجديد" أن "زيارة الباريس للجزائر جاءت لسببين، الأول هو معرفة قرار الجزائر النهائي من تجديد عقد أنبوب الغاز العابر عبر المغرب، والسبب الثاني هو تلقي ضمانات رسمية، من أعلى السلطات الجزائرية وليس من شركة سوناطراك فقط، حول التزام الجزائر بتعهداتها بشأن إمداد إسبانيا بالطاقة مهما كانت الظروف، وهي التطمينات التي أكد الرئيس الجزائري عليها مجدداً، حيث لن تخل الدولة بالتزاماتها مع إسبانيا زبونها التاريخي، مهما كلف الجزائر ذلك من ثمن".

وأضاف المصدر: "الرئيس تبون أكد لمبعوث مدريد أن الجزائر مستعدة لنقل الغاز الطبيعي المسال عبر البواخر في حال تم تسجيل عجز عبر أنبوب ميد غاز، الذي يربط الجزائر بإسبانيا، كما أكد وزير الخارجية الإسباني أن بلاده لا تنوي إعادة بيع الغاز الجزائري لأي بلد باستثناء البرتغال وفق العقد المبرم مع الجزائر"، في تلميح للمغرب، لا سيما بعدما كشفت تقارير إعلامية إسبانية عن سعي المغرب لإعادة شراء الغاز الجزائري من إسبانيا لتمويل محطتي كهرباء في الشمال المغربي.

وكانت الجزائر التي تعد الممون الأول لإسبانيا بالغاز، قد قررت في السادس من سبتمبر/ أيلول الماضي، التخلي عن إمداد إسبانيا بالغاز عبر أنبوب "المغرب العربي ـ أوروبا" الذي يعبر الأراضي المغربية، في أعقاب قطع العلاقات الدبلوماسية الذي أقدمت عليه الجزائر في أغسطس/ آب، وعدم تجديد العقد الذي يربطها بالمغرب.

الجزائر الممون الأول لإسبانيا بالغاز، قررت في 6 سبتمبر، التخلي عن إمداد إسبانيا بالغاز عبر أنبوب "المغرب العربي ـ أوروبا" الذي يعبر المغرب

وفي 26 أغسطس الماضي، أعلنت وزارة الطاقة الجزائرية أن إمدادات الغاز إلى إسبانيا ستكون عبر أنبوب "ميدغاز"، الذي يربط ميناء بني صاف، غربي الجزائر، بألميريا الإسبانية، إذ أبرمت سوناطراك في 15 يوليو/ تموز الماضي، اتفاقاً مع شركة الطاقة الإسبانية "ناتورجي" على زيادة طاقة نقل الغاز عبر "ميدغاز" بنسبة 25% لتصل الإمدادات إلى 10 مليارات متر مكعب سنوياً، اعتباراً من الربع الأخير من العام الجاري.

وتشكل قدرة أنبوب الغاز "ميدغاز" مصدر قلق لمدريد، بالنظر للفرق بينه وبين أنبوب "المغرب العربي- أوروبا" الذي تصل الإمدادات عبره إلى 13 مليار متر مكعب سنوياً، خاصة أن أعمال رفع قدرة "ميد غاز" قد تمتد إلى الربع الأول من العام المقبل 2022، في وقت تشير تقارير إسبانية إلى إمكانية ارتفاع الطلب الداخلي للاستهلاك الصناعي والمنزلي حتى نهاية فصل الشتاء المقبل.

ويمتد أنبوب "المغرب العربي- أوروبا" الذي تم بدء العمل فيه عام 1996، على مسافة 1300 كيلومتر، إذ ينطلق من حاسي الرمل، جنوبي الجزائر، ويعبر 540 كيلومترا في الأراضي المغربية، قبل أن يواصل مساره، البحري والبري، إلى قرطبة في إسبانيا.

وقال مصدر في مجلس إدارة شركة "سوناطراك" لـ"العربي الجديد" إن وفداً من شركة "ناتورجي" الإسبانية سيحل بالجزائر الأسبوع الجاري، لمرافقة سوناطراك في عملية تحويل تدفق الغاز من أنبوب "المغرب العربي ـ أوروبا" نحو "ميدغاز"، والوقوف على قدرة الأنبوب التدفقية.

وفد من "ناتورجي" الإسبانية سيحل بالجزائر الأسبوع الجاري، لمرافقة سوناطراك في عملية تحويل تدفق الغاز من أنبوب "المغرب العربي ـ أوروبا" نحو "ميدغاز"، والوقوف على قدرة الأنبوب التدفقية

وأضاف المصدر أن "الزيارة ستتيح للفريق الإسباني دراسة السيناريوهات الممكنة في حال تسجيل أي عجز في التدفقات، خاصة تسخير سفن سوناطراك النفطية لنقل الغاز الطبيعي المسال، الذي لا يستغرق سوى ما بين 5 و8 ساعات بحسب حالة البحر".

واستبعد أن "تبيع إسبانيا الغاز الجزائري للمغرب، لأسباب قانونية تتعلق بالعقد الذي يربط البلدين، وأسباب تقينة تتعلق بغياب ربط الأنبوبين في الأراضي الإسبانية، كما أن المضخات في المغرب تعمل على ضخ الغاز وليس امتصاصه".

المساهمون