الروبل الروسي ينتظر حظه من التهدئة حول أوكرانيا

31 يناير 2022
شهدت العملة الروسية أوقاتا عصيبة بصعود الدولار إلى عتبة 80 روبلاً (Getty)
+ الخط -

تحسن الروبل الروسي في تعاملات بورصة موسكو، على خلفية محاولات التهدئة الروسية الأوكرانية، وإصدار الكرملين تصريحات يؤكد فيها رفضه خيار الحرب، بينما لا تزال الأسواق تترقب التطورات الجيوسياسية التي ستحدد مصير الكثير من الأنشطة في روسيا.

وشهدت العملة الروسية أوقاتا عصيبة بصعود الدولار إلى عتبة 80 روبلاً في تعاملات يوم الثلاثاء الماضي، لأول مرة منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2020، لكنها عادت إلى التحسن بوصولها إلى ما دون 78 روبلاً للدولار الواحد في ختام تعاملات الأسبوع.

ويقول مارك غويخمان، كبير المحللين في مجموعة "تيلي تريد" للتداول في موسكو، إن التطورات الجيوسياسية ستكون هي العامل الرئيسي الذي سيحدد أداء الروبل بدرجة أعلى، حتى مقارنة مع سياسات الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي)، الذي من المنتظر أن يرفع سعر الفائدة أربع مرات في السنة الحالية.

رغم الخسائر الاقتصادية المحتملة في حال تنفيذ واشنطن تهديداتها، فإن موسكو تبنت خلال السنوات الأخيرة العديد من السياسات التي يمكنها امتصاص صدمة العقوبات

ويضيف غويخمان، في حديث لـ"العربي الجديد": "ستتحدد الديناميكية المستقبلية للروبل بعوامل يصعب التنبؤ بها، وهي تطور وضع المواجهة بين روسيا والغرب حول أوكرانيا، وآفاق تشديد العقوبات الغربية على روسيا، والسياسات النقدية - الائتمانية للاحتياطي الفيدرالي الأميركي".

وحول رؤيته للسيناريوهين السلبي والإيجابي، يوضح "في حال تحققت التوقعات غير المؤاتية، يمكن للدولار أن يتجاوز 80 روبلاً، ويصل حتى إلى 90 روبلاً في حال اندلاع أعمال القتال وتشديد العقوبات، لكن مع التهدئة التدريجية للوضع، وفي حالة التوصل إلى حلول وسط ما وابتعاد شبح الحرب والعقوبات، فقد يعود الدولار إلى مستوى ما بين 74 و75 روبلا".

ويقلل غويخمان من تأثير رفع أسعار الفائدة من قبل البنك الفيدرالي الأميركي، قائلا: "بصرف النظر عن أهمية تشديد سياسات الاحتياطي الفيدرالي، فإنها أقل تأثيرا على الروبل، وأسعار الصرف الحالية تعكس بالفعل هذه التوقعات، لذلك لن يؤدي رفع الفائدة في الولايات المتحدة منفرداً إلى تراجع حاد للروبل، ولكنه سيمنعه من العودة إلى ما بين 73 و74 روبلاً، والذي كان سائدا قبل حلول السنة الجديدة".

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن وقادة غربيون قد لوحوا بعقوبات اقتصادية "لا مثيل لها" وذات "عواقب وخيمة"، إذا غزت روسيا أوكرانيا.

ورغم الخسائر الاقتصادية المحتملة في حال تنفيذ واشنطن تهديداتها، فإن موسكو تبنت خلال السنوات الأخيرة العديد من السياسات التي يمكنها امتصاص صدمة العقوبات.

ونجت روسيا من موجات من العقوبات الغربية في أعقاب ضمها شبه جزيرة القرم من أوكرانيا في 2014، الأمر الذي سبّب حينها تدهور الروبل وتضاؤل الاستثمار الأجنبي

ونجت روسيا من موجات من العقوبات الغربية في أعقاب ضمها شبه جزيرة القرم من أوكرانيا في عام 2014، الأمر الذي سبّب حينها تدهور الروبل وتضاؤل الاستثمار الأجنبي.

ورداً على ذلك، وضعت موسكو ما يُشار إليه باسم "روسيا الحصينة"، وهي إجراءات مصممة لضمان عدم انهيار الاقتصاد أو النظام المالي الروسي جراء فرض عقوبات جديدة، وفق تقرير لوكالة فرانس برس، أمس.

واعتباراً من الأول من يناير/كانون الثاني الجاري، كان لدى صندوق الثروة الوطني، وهو صندوق الثروة السيادية الروسي، أصول بقيمة 182 مليار دولار، أو ما يقرب من 12% من الناتج المحلي الإجمالي، وفقاً لوزارة المالية.

كذلك، فإن لدى البلاد ديوناً خارجية ضئيلة مقارنة بالقوى العالمية الأخرى، واحتياطياً كبيراً من العملات الأجنبية المتراكمة لدى البنك المركزي.

فضلاً عن أن موسكو اتبعت سياسة "إزالة الدولرة" لعدة سنوات، ودعت شركاءها، مثل الصين والهند، إلى تسديد مدفوعاتها بعملات أخرى. وفي العام الماضي، قالت روسيا إنها ستسقط الدولار من صندوق الثروة الوطني.

يعاني الاقتصاد الروسي من الضعف، بسبب تداعيات كورونا، واحتمالات ضعف مداخيل الطاقة، وهروب المستثمرين بسبب المخاطر الجيوسياسية واحتمالات الحظر

ولتقليل مخاطر الانقطاع عن المؤسسات المالية التي يسيطر عليها الغرب، أطلقت روسيا نظام الدفع الخاص بها "مير" الذي يستخدم على نطاق واسع في روسيا وفي بلدان الاتحاد السوفييتي السابق.

ورغم هذه التحوطات فإن موسكو تخشى حدوث تحالف للعقوبات الغربية أشد وطأة من تلك التي تعرضت لها في أعقاب ضم شبه جزيرة القرم، إذ يعاني الاقتصاد الروسي، في الوقت الراهن، من الضعف، بسبب تداعيات كورونا والمتحور "أوميكرون"، واحتمالات ضعف مداخيل الطاقة، وهروب المستثمرين من الأصول الروسية بسبب المخاطر الجيوسياسية واحتمالات الحظر الاقتصادي.

المساهمون