الجفاف يهدّد أكثر من 7 ملايين صومالي

22 نوفمبر 2021
تدهور الثروة الحيوانية بسبب الجفاف (Getty)
+ الخط -

تشهد المناطق المتاخمة للحدود بين الصومال وكينيا، أزمة جفاف حادة منذ منتصف العام الجاري؛ حيث امتدت رقعة التصحر إلى إقليم جوبا السفلى، بعدما دمرت المراعي الخضراء في الأقاليم الشرقية في كينيا وخاصة المناطق التي يسكنها الصوماليون في إقليم أنفدي الصومالي.

وأدت موجة الجفاف إلى نفوق المئات من الماشية، ووفاة طفل في الثانية عشرة من عمره بسبب الجوع، ما ينذر بأزمة مجاعة مماثلة لتلك التي شهدها الصومال عام 2011، والتي فتكت بحياة 250 ألف صومالي في جنوب ووسط البلاد.

هذا وحذر مكتب بعثة الأمم المتحدة مطلع نوفمبر/تشرين الثاني من مغبة حدوث أزمة إنسانية في البلاد، بعد تراجع موسم هطول الأمطار في الصومال في النصف الثاني من هذا العام، وتراجع الإنتاج الزراعي بسبب الجفاف.

وقال مبعوث الأمم المتحدة لدى الصومال، جيمس إسوان، في مؤتمر إنساني بمقر البعثة الأممية في مقديشو الأسبوع الماضي إن نحو 7.7 ملايين صومالي بحاجة إلى مساعدات إنسانية وذلك في غضون عام 2022، داعياً المجتمع الدولي إلى الالتزام بوعوده بمنح مساعدات مالية للصوماليين، لمواجهة موجة الجفاف التي تجتاح البلاد مجدداً.

نفوق الماشية
يقول عبدي مهد آدم (50 عاماً)، وهو أحد ملاك الماشية في مدينة طوبلي الواقعة على الحدود بين الصومال وكينيا في حديث مع "العربي الجديد" إن ماشيتي كانت في حدود 180 رأسا، لكن لم يتبق منها اليوم سوى 32، نتيجة الجفاف الذي تسبب في نفوق الماشية أمام عيني، فقد اجتاحت موجة التصحر المنطقة بشكل غير مسبوق".

يتابع: "لا أتذكر آخر مرة حصلنا على مياه صالحة للشرب في هذه الفترة، لا تتوفر لنا مياه كافية منذ ثلاثة أشهر".

يضيف مهد آدم: "المناطق التي ضربها الجفاف يواجه فيها أصحاب الماشية أياماً صعبة، فمن كان يمتلك 500 رأس ماشية، لم يبق عنده سوى 80 منها، نحن في أمس الحاجة للطعام، فضلاً عن المياه الصالحة للشرب، ولا تتوافر لدينا إمكانات لجلب المياه لإنقاذ ما تبقى من ماشيتنا".

وينتشر العديد من جيف الماشية النافقة في المناطق الريفية جنوبي البلاد، وتفوح منها روائح كريهة، بينما يظل أصحابها يراقبون من بعيد هلاك ماشيتهم أمام أعينهم بسبب الجفاف.

بدوره، يطالب علي أحمد حسن (73 عاماً)، وهو أحد شيوخ القبائل في مدينة طوبلي، خلال حديثه مع "العربي الجديد"، الحكومة الصومالية بتوفير الدعم العاجل للمتضررين من أزمة الجفاف التي تشهدها المناطق الجنوبية.

ويقول: "لا حول ولا قوة لسكان مناطق الجفاف في مواجهة الأزمة الإنسانية الحالية، وعلى الحكومة الفيدرالية والمحلية أن تشرع في توفير إمدادات غذائية والمياه النظيفة لأهالي المناطق الذين تأثروا بأزمة القحط". يضيف حسن أنّ من الصعب استئجار شاحنات لنقل الماشية أو الذهاب نحو المناطق التي يحتمل أن تتوفر فيها المياه.

مساعدات متواضعة
بدأت مساعدات محلية من أهالي بلدة طوبلي الحدودية لتوفير مستلزمات غذائية متواضعة لعشرات الأسر الأكثر تضرراً من أزمة القحط التي ضربت الإقليم، هذا إلى جانب تدشين حملة لتوفير المياه تستمر لنحو شهر، غير أنها ليست كافية ولا تستطيع تغطية المناطق المتأثرة بجائحة الجفاف التي قد تستمر لنحو 6 أشهر تقريباً، بحسب مراقبين.

ويقول الشيخ عبد الرزاق مهدي، الذي يعمل ضمن حملة محلية خيرية لـ"العربي الجديد" إن رقعة الجفاف التي ضربت إقليم جوبا السفلى كبيرة جداً، ولهذا تحركنا لتوفير المياه للسكان المحليين، فخصصنا 11 موقعاً في القرى والبلدات النائية لتوفير علب المياه للأسر الصومالية.

يضيف أن هذه الجهود محلية وهي عبارة عن مساعدات مالية جمعت من المتبرعين من أهالي مدينة طوبلي، إلى جانب أبناء الجالية المقيمين في الخارج. ويناشد مهدي المجتمع الصومالي والعربي بمد يد العون للمتضررين من مشكلة الجفاف والتصحر.

نداءات حكومية
ونظمت الحكومة الصومالية في العاشر من الشهر الجاري مؤتمراً إنسانياً شارك فيه ممثلو سفارات وبعثات دولية ومنظمات إنسانية عربية وإقليمية، وذلك من أجل تسليط الضوء على الواقع الإنساني الذي تعيش فيه المدن الجنوبية بوسط البلاد.

وقالت وزيرة الشؤون الإنسانية وإدارة الكوارث البيئية في الحكومة الصومالية، خديجة ديرية، في كلمة لها خلال المؤتمر إنّ "الأوضاع الإنسانية في البلاد تزداد تدهوراً حيناً بعد الآخر، وعلينا التحرك فوراً لإنقاذ سكان الجنوب، وإنّ سبعة ملايين وسبعمائة ألف شخص يواجهون أزمة نقص الغذاء، وهذا أمر صعب، ووحدة الرصد في وزارة الشؤون الإنسانية تواصل جهودها لمتابعة تداعيات موجة الجفاف الجديدة في جنوب البلاد".

ويرى مراقبون أنّ غياب الخطط الحكومية لمواجهة الآفات البيئية هي السبب الرئيس لتكرار أزمات القحط والجوع في جنوب ووسط البلاد، كما أن تكرار تلك الأزمات الإنسانية يسهم في انتشار المخيمات العشوائية في العاصمة مقديشو وضواحيها، بسبب النزوح، فمن دون إصلاح الأراضي الزراعية وتوفير الخدمات الأساسية في المدن الجنوبية، ستستمر هذه العشوائيات عقوداً أخرى.

المساهمون