الأجندة الاقتصادية لحزب العمال البريطاني.. نظرة شاملة

05 يوليو 2024
هل تلبي حكومة حزب العمال البريطاني طموحات الناخبين؟ لندن 5 يوليو 2024 (Getty)
+ الخط -

ترتكز الأجندة الاقتصادية لحزب العمال البريطاني الفائز في الانتخابات الأخيرة على نهج متعدد الجوانب يركز على الدين الحكومي، والأجور، والميزانية الوطنية، وعلاقة البلاد المعقدة بالاتحاد الأوروبي، مع التزامها بالعدالة الاجتماعية والنمو المستدام، حيث تهدف سياسات الحكومة العمالية الجديدة إلى إعادة تشكيل المشهد الاقتصادي في المملكة المتحدة.

وتتميز الأجندة الاقتصادية لحزب العمال بمزيج من المسؤولية المالية والعدالة الاجتماعية، من خلال التعامل مع الدين الحكومي عبر الاستثمار الاستراتيجي، والدعوة إلى فرض أجور أعلى وإعلاء حقوق العمال، مع وضع ميزانية متوازنة بضرائب تقدمية، وتعزيز علاقة بناءة مع الاتحاد الأوروبي، حيث يضع حزب العمال نفسه مدافعاً عن النمو الاقتصادي المستدام والشامل. وتعكس سياسات قادة الحزب، على مر الحكومات المختلفة، التزاماً بتحويل الإطار الاقتصادي في المملكة المتحدة لمصلحة جميع المواطنين، مع الاستعداد للتحديات المستقبلية.

الأجندة الاقتصادية لحزب العمال وأهمية خاصة للدين الحكومي

يعتبر التعامل مع الدين الحكومي ركيزة أساسية في استراتيجية العمال الاقتصادية. وتقليدياً، كان موقف العمال أكثر مرونة مقارنة بسياسات التقشف التي ينتهجها حزب المحافظين، حيث يرى حزب العمال أن الاقتراض الحكومي الاستراتيجي هو أداة لتحفيز النمو الاقتصادي، خاصة في أوقات الركود الاقتصادي. ويدعو حزب العمال إلى قيام الحكومة باستثمارات ضخمة في البنية التحتية، وفي استخدام التكنولوجيا الخضراء، والخدمات العامة، على أن يتم تمويل هذا الاستثمار من خلال الاقتراض، حيث يرى هذا النوع من الإنفاق مربحاً على المدى الطويل، كونه يعزز النشاط الاقتصادي وينتج عنه زيادة في الإيرادات الضريبية.

ويجادل الحزب بأن زيادة الإنتاجية والنمو ستجعل الدين مستداماً، ويعتبر نهجهم هذا مستوحى من الاقتصاد الكينزي، الذي يقترح أنه خلال فترات انخفاض الطلب وارتفاع البطالة، يكون التدخل الحكومي ضروريّاً.

الأجور

يعد التزام حزب العمال بتحسين الأجور واضحاً، من خلال دعمه لتعزيز حقوق العمال وزيادة الحد الأدنى للأجور، ويقترح الحزب زيادة كبيرة في الحد الأدنى للأجور ليصبح "أجراً معيشيّاً حقيقيّاً" يتناسب مع تكاليف المعيشة. وبالإضافة إلى ذلك، يدعم حزب العمال المفاوضات الجماعية والنقابات القوية لضمان الأجور العادلة عبر القطاعات. ويرى حزب العمال أن الأجور الأعلى ستؤدي إلى زيادة الإنفاق الاستهلاكي، مما يدفع بالنمو الاقتصادي، وفي الوقت نفسه، يدعو الحزب إلى سد فجوة الأجور بين الجنسين وتطبيق لوائح أكثر صرامة بشأن شفافية الأجور في الشركات.

الميزانية

تشمل سياسات الميزانية لحزب العمال نهجاً متوازناً بين الإيرادات والنفقات، وهم يقترحون فرض ضرائب أعلى على الأفراد الأكثر ثراءً والشركات الكبيرة لتمويل الخدمات العامة، من دون فرض تدابير تقشفية صارمة على عموم السكان. وتُعطى سياسات الحزب الأولوية للصحة والتعليم، مع زيادات كبيرة في التمويل. ويخطط الحزب للاستثمار في خدمة الصحة الوطنية (NHS) التي كانت تعمل بها والدة رئيس الوزراء الجديد كير ستارمر، والتعليم، والإسكان منخفض التكلفة. ولتمويل كل هذه المبادرات، يقترح حزب العمال إصلاحات ضريبية تقدمية، تشمل إعادة فرض معدل الضريبة الأعلى بنسبة 50% على أصحاب الدخول الأعلى، وفرض معدل ضريبة أعلى على الشركات، مع اتخاذ تدابير شاملة لمكافحة التهرب الضريبي، القانوني وغير القانوني.

ويعكس تركيز حزب العمال على "الثورة الخضراء" في تخصيص المبالغ في ميزانياتهم، حيث يدعمون الاستثمارات الكبيرة في الطاقة المتجددة، والنقل العام، والتكنولوجيا الخضراء، للحد من التغيرات المناخية وخلق فرص عمل.

العلاقات بالاتحاد الأوروبي

وأثّر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) تأثيراً عميقاً على علاقتها بالتكتل، ويسعى حزب العمال إلى رأب الصدع في العلاقات، والتخفيف من الاضطرابات الاقتصادية الناجمة عن بريكست، حيث أعلن حزب العمال نيته إعادة التفاوض على علاقة تجارية أقرب مع الاتحاد الأوروبي. ويهدف الحزب إلى تقليل الحواجز التجارية وضمان تدفقات تجارية سلسة، خاصة للقطاعات الرئيسية مثل التصنيع والزراعة. كما يدعم حزب العمال حماية حقوق العمال والمعايير البيئية بعد بريكست، والتزامها الوثيق بأنظمة الاتحاد الأوروبي لضمان التنافسية.

وفي ما يتعلق بالهجرة، يدعو حزب العمال إلى نظام عادل ومدار يلبي احتياجات الاقتصاد البريطاني، مع احترام حقوق الإنسان وضمان التماسك الاجتماعي. ويشدد الحزب على التعاون مع الدول الأوروبية في قضايا مثل الأمن، والبحث، والتطوير.

المساهمون