استمع إلى الملخص
- الصور تركز على آثار المهاجرين مثل الأحذية والبطانيات، وتستحضر الأماكن غير المضيافة كالممرات المائية والسدود، مما يعكس محنة اللاجئين اليومية.
- يرافق المعرض كتاب تصويري يتضمن قصيدة لجورج ويلد، مما يخلق تفاعلًا بين الصورة والكلمة، ويستحضر ذاكرة ملتبسة ومستقبلًا مجهولًا للمهاجرين.
ثمّة صورٌ تأسُرنا لصمتها المتعّمد، لعدم قدرتنا على تحديد العناصر التي تتحدّث معنا، أو على العكس تماماً، بسبب وجود الكثير من العناصر التي تتواصل معنا كي تخبرنا عن القلق، والهموم، والمتاعب، والعذابات، والتجارب التي يمكن أن تكون بشكل من الأشكال تجاربنا، وعذابتنا، وهمومنا، ومتاعبنا.
هذا هو حال معرض "سكّان"، للمصوّر الفوتوغرافي الأميركي ريموند ميكس (أوهايو، 1963)، المقام حالياً في "مؤسسة هنري كارتييه بريسون" بباريس، ويتواصل حتى الخامس من كانون الثاني/ يناير المقبل.
يتألّف المعرض من سلسلة من الصور التي التقطها الفنّان في منحدرات شمال فرنسا، وعلى امتداد الحدود مع إسبانيا، حيث تغلب عليها المنازل المهجورة، والأحياء المقفرة، والأراضي اليباب، ومنحدرات الطرق الوعرة، وضفاف الأنهار التي يصعب الوصول إليها، إضافة إلى أراضي الأشجار القمئية؛ أي بالمحصلة تلك الأماكن التي اعتاد أن يعبرها أو أن يمرّ بها أولئك الذين هاجرواً بحثاً عن ملجأ.
تصل الصور إلى تلك المناطق في محاولة ريموند ميكس التواصل عاطفياً مع تجارب الأشخاص الذين صاروا، بشكل من الأشكال، سكّان تلك المناطق. ومن أجل ترسيخ هذه الفكرة، يعرض الفنّان سلاسل طويلة لصور من السياق نفسه، في محاولة منه لربط الصورة بمرجع خارجي له وظيفة توثيقية هي استحضار لحظة من لحظات التاريخ العابر وغير المرئي.
لا يصوّر ريموند ميكس وجوه النازحين، بل آثار وبقايا رحلتهم. هناك حذاء في التراب، وبطانية ملفوفة على الأرض، وسترة معلّقة على الأغصان. كذلك ستكون المساحات غير المضيافة التي يسكنها المهاجرون أثناء عبورهم حاضرة بكثرة: الخنادق، والسدود، وجوانب الطرق السريعة، وضفاف الأنهار، والأراضي القاحلة وغيرها من الأماكن غير المرئية.
في هذا كلّه تكاد أن تكون الممرّات المائية العنصر الأكثر حضوراً في الصور، في استعارة لتدفّقات الهجرة. وأمام هذه التدفقات، بطبيعة الحال، ستكون هناك عوائق. هكذا ستكثر السدود الحجرية، والكتل الخرسانية، وأغصان الأشجار، والأسلاك الشائكة، التي قد تشير إلى محنة اللاجئين بشكل يومي.
يرافق المعرض كتاب تصويري يحمل العنوان نفسه، حيث تتآخى الصور مع قصيدة مطوّلة للكاتب والشاعر الأميركي جورج ويلد، في محاولة بناء سياق مشترك بين الصورة والكلمة، تارةً في اتجاه ذاكرة ملتبسة، وتارةً في اتجاه مستقبل مجهول لكثير من أولئك المهاجرين.