العالم قبل وبعد الحادي عشر من سبتمبر
قبل الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، كانت العلاقات الدولية تتميز بمجموعة من التحديات والديناميكيات حيث كان الصراع منحصراً بين القوى العظمى، فقد كانت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، ومن بعده روسيا، يتنافسان على السيطرة والنفوذ العالمي وكان مسرح الصراع متركزاً في مناطق مثل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والبلقان.
وخلال تلك الصراعات كانت العولمة بجميع مفاهيمها تتقدم بسرعة جامحة مما أعطى الولايات المتحدة الأميركية نصراً أيديولوجياً وسياسياً كبيراً ، على الرغم من أن التحديات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية كانت تواجه العالم، إلا أن الولايات المتحدة الأميركية أظهرت نفسها على أنها القوة الوحيدة القادرة على قيادة النظام الجديد.
كانت الفترة قبل الحادي عشر من سبتمبر مليئة بالتحديات والفرص خصوصاً بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، حيث كان العالم يواجه مصيراً مجهولاً حول ماهية المستقبل وكيف سيكون النظام العالمي الجديد وخلال فترة التسعينيات كانت روسيا الدولة التي ورثت ما تبقى من الاتحاد السوفييتي وكانت تحاول جاهدة أن تكون من الدول الرئيسية في رسم ملامح النظام العالمي الجديد. أحداث 11 سبتمبر قلبت هذا الواقع رأسًا على عقب، حيث شكلت نقطة تحول في تاريخ العالم الحديث، وكما يقول عالم السياسة هنتغتون في صراع الحضارات إن بعد سقوط أيديولوجيا الاتحاد السوفييتي لم يبق منافساً حقيقياً للولايات المتحدة الأميركية في قيادة نظام عالمي جديد، وإن العالم متوجه إلى صراع حضاري ثقافي بحت بعيد كل البعد عن كونه صراعاً أيديولوجياً.
وفي أغلب الأوقات وحسب النظرية الواقعية في العلاقات الدولية، الدول العظمى حتى تضمن بقاءها كان عليها دوماً أن تفتعل الحروب فتوجهت أنظار أميركا نحو دول الشرق الأوسط، كي تكون أراضيه رقعة الصراع القادم.
تبنى تنظيم القاعدة هجمات سبتمبر على لسان قائده آنذاك أسامة بن لادن، وقد كان "القاعدة" قد تشكل لدعم أفغانستان في حربها مع الاتحاد السوفييتي في سبعينيات القرن الماضي وكانت تتلقى دعمها من أميركا، حيث يؤكد البعض من المحللين السياسيين أن هجمات سبتمبر كانت حجة للدخول العسكري الأميركي في دول الشرق الأوسط.
بعد 11 سبتمبر، شهد العالم والولايات المتحدة الأميركية صعقة كبيرة لأن الحرب ولأول مرة كانت على الأراضي الأميركية
بعد 11 سبتمبر، شهد العالم والولايات المتحدة الأميركية صعقة كبيرة لأن الحرب ولأول مرة كانت على الأراضي الأميركية. مما دفع الولايات المتحدة الأميركية لإعلانها الحرب على الإرهاب ضامنة بذلك حرباً طويلة الأمد تمكنت من خلالها أميركا من السيطرة التامة على مفاصل الاقتصاد العالمي من خلال الشركات العابرة للدول.
على صعيد آخر، تغيرت أولويات الحكومات وزادت قوانين الأمن وشهد العالم زيادة في التوترات الثقافية والدينية، وكان هناك الكثير من التحديات التي واجهت المسلمين في مختلف أنحاء العالم وانتشرت الإسلاموفوبيا.
بصفة عامة، يمكن القول إن أحداث 11 سبتمبر 2001 كان لها تأثير كبير على العالم، وشكلت نقطة تحول في السياسة العالمية والعلاقات الدولية. إذْ أطلقت أميركا حملة مبادئ لإصلاح الشرق الأوسط على لسان وزير خارجيتها/ كولن باول، وأكدت أن الحرب ستكون حرب أفكار وثقافة أكثر من كونها عسكرية.
انطلقت الحرب مع غزو الأميركان لأفغانستان 2001 وتلاها احتلال العراق 2003 وتبعتها حروب ضد التنظيمات الإسلامية المتشددة والمصنفة إرهابية. وكان الهدف المعلن لأميركا على لسان الرئيس الأميركي جورج بوش أن معركتها هي معركة قوى الخير ضد الشر.
تكبدت أميركا خسائر كبيرة في حروبها التي خاضتها بعد هجمات سبتمبر وقد تسببت في آن واحد في دمار بلدان كاملة، انتقد بعض السياسيين الأميركيين التدخل العسكري الأميركي في أفغانستان والعراق وأيده آخرون وكان التدخل العسكري الأميركي موضوع خلاف بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري على مدى عشرين عاماً.
بالنهاية، يمكن القول إن تأثير 11 سبتمبر 2001 لم يكن محصوراً في الولايات المتحدة الأميركية بل امتد إلى كل أنحاء العالم. وما زالت عواقبه واضحة حتى اليوم، فقد أدت تلك الأحداث إلى تشكيل تاريخ جديد وتحولات هائلة في السياسة والاقتصاد والثقافة والأمن الدولي والإقليمي.
ويبقى السؤال الذي يتبادر إلى أذهان البعض هل كانت قيادة الولايات المتحدة الأميركية آنذاك على دراية بخطة الهجمات كي يكون لها الحق الدولي لإعلانها الحرب بغية التمكن من فرض سيطرة دولية تامة على مناطق معينة، أم أنها تلقت صفعة أمنية حقيقية لن يمحوها التاريخ.