قَدّم مشهد ركوع الملاكِمة الإيطالية وإجهاشها بالبكاء بعد انسحابها من النزال أمام الجزائرية إيمان خليف، الصورةَ الأكثر تعبيراً عن هزيمة الإنسان الغربي المُعاصر.
كشف العدوان الأخير على غزّة مواقف النخب الإيطالية التي نظّمت معظم الفعاليات الثقافية الخاصّة بفلسطين، لكنها اختارت أن تنحاز خلال هذا العدوان ضد المقاومة.
إذا كانت قوى اليمين في إيطاليا تكشف عن عداء صريح للقضية الفلسطينية، فإن حال اليسار ليس أكثر من صداقة زائفة تجهل تاريخ النضال، خاصة مع تبنّي رموزه لبروباغندا "إنسانية" تدعو إلى استقبال مهجّرين فلسطينيين من غزة، ريثما تستكمل "إسرائيل" القضاء على حماس.
الصمت أو المواقف الباردة التي اتّخذها الكثيرون إزاء حرب الإبادة التي يتعرّض لها الفلسطينيون، لا تُعبّر عن هزيمة داخلية يعيشها هؤلاء فحسب، لكنّ أسوأ ما في هذه الحالة أنها قد تُصبح مُعدية وقابلة للتمرير للأجيال القادمة من الكُتّاب الشباب.
يروي الشاعر الإريتري الإيطالي، في كتابه الجديد، قصّته الشخصية، وقصص شخصيات عرفها وأُخرى سمع عنها، لكنّه يجعلها جزءاً من سيرته الخاصّة، وكأنه يقول للقارئ إنّ كلّ شخص عرفه من قريب أو من بعيد، وأيّ قصة سمع عنها وتركت أثراً في نفسه هي ما صنعه الآن.
التجاوزات المعيبة التي ظهرت من خلال فرض رقابة واضحة على القرآن في التلفزيون الإيطالي خلال بثّ افتتاحية المونديال لا تمثّل سوى ثمرة إسلاموفوبيا متجذّرة في المخيال الجمعي الإيطالي، انجرّت إليه صحف يسارية، سائرة على نهج اليمين المتطرّف.
يقوم كتاب الصحافي الإيطالي على جملة من الحقائق الباردة بعيداً عن التعليق العاطفي، وهو إذ يهدم مُسلّمات اليسار الثقافي الذي صار هو المؤسسة ويهيمن على الإعلام، يؤكّد أيضاً أن الغرب يعيش حالياً أسوأ كارثة يمكن أن تمرّ عليه.