4 دول أجنبية تشعل الصراع على النفط الليبي

26 فبراير 2019
تصاعد المعارك على حقول النفط (محمود تركيا/فرانس برس)
+ الخط -

لم يقتصر التدخل الخارجي في الصراع النفطي الدائر في ليبيا على الإمارات فقط، حيث توجد أدوار أخرى لدول أجنبية تسعى للمساهمة في رسم الخريطة الجديدة للنفط الليبي، وأبرزها أميركا وإيطاليا وفرنسا وبريطانيا، بالإضافة إلى الأمم المتحدة.

وتفاوتت أدوار الدول المختلفة في التدخلات بالشؤون النفطية الليبية حسب مصالحها، إلا أن الفترة الأخيرة شهدت تصاعداً ملحوظاً في وتيرة هذه التدخلات من أجل إعادة توزيع السيطرة على ثروات الذهب الأسود في ليبيا.

وقالت مصادر لرويترز، إن مبعوث الأمم المتحدة الخاص غسان سلامة ودبلوماسيين أميركيين سيحضرون أيضا الاجتماع المقرر في دبي لأطراف الصراع على النفط الليبي.

من جهته، أكد برلماني مقرب من قوات حفتر، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن لقاء دبي تقف وراءه فرنسا وتدعمه بقوة، وجاء نتيجة لمشاورات عدة جرت بين ماري فيليبي، وهو المستشار الجديد لشمال أفريقيا والشرق الأوسط للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وبين المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، اللذين زارا اللواء المتقاعد خليفة حفتر في الآونة الأخيرة في مقره العسكري في الرجمة، شرق بنغازي.
وسبق لفرنسا أن دعت على لسان سفيرتها في ليبيا، بياتريس دو هيلين، إلى ضرورة "التنسيق بين السراج وحفتر"، موضحة خلال لقائها عدداً من أعضاء المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، أن التنسيق بين الرجلين "ضروري لتجنب أي صراع من الممكن أن يحدث".

وحول أهداف باريس، قال البرلماني، الذي رفض ذكر اسمه، إن "كفة الميزان أوروبياً رجحت لفرنسا، بعد نجاحها في دعم حفتر للسيطرة على الجنوب، وتحديداً على حقول النفط، وبالتالي فهي تحشد جهوداً دولية من أجل وضع صيغة حلّ سياسية متفق عليها بين السراج وحفتر، لكن الأخير لا يزال يرفض"، مبيناً أن اللواء المتقاعد "بدأ يرفض كل الحلول، ولا يعول إلا على الحل العسكري، لا سيما بعدما بات على بعد خطوات من الغرب الليبي والعاصمة طرابلس".

واستقبلت أبوظبي رئيس المؤسسة الوطنية للنفط التابع لحكومة الوفاق، مصطفى صنع الله، ونشرت الصفحة الرسمية للمؤسسة، في ساعة متأخرة أول من أمس، أن الأخير وصل إلى الإمارات لـ"الاجتماع بعدد من الأطراف الليبية والدولية" دون أن تحدد هويتها.


لكن المصدر البرلماني نفسه أشار لـ"العربي الجديد"، إلى أن "باريس استعانت بالإمارات التي تقف أيضاً إلى جانب حفتر، لحثه على ضرورة أن يتجنب المواجهات المسلحة في طرابلس ومحيطها، وأن يتجه إلى طاولة التفاهمات والحوار"، معتبراً أن الخطوة الفرنسية تعني معرفتها بصعوبة العمل العسكري بالقرب من العاصمة، لكثرة وجود المليشيات المعارضة له في المنطقة.

ولم يغب دور إيطاليا في هذا الملف حيث قال عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا عادل كرموس، في تصريحات سابقة: إن "التدخل الخارجي في المشهد الليبي يظهر جليا على الأوضاع في الداخل وأنه لم يعد خفيا هذا التدخل الذي يقف أمام عملية التسوية أو الحل في ليبيا".

وأضاف: أن "التدخل الإيطالي والفرنسي خاصة بشأن النفط واضح جدا وكل منهما يسعى للحفاظ على مصالحه، وأن اتفاق باريس أصبح معطلا في الوقت الراهن طبقا للتغيرات التي جرت على الأرض في الفترة الأخيرة".

وكانت إيطاليا قد استضافت كلاً من حفتر ورئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فايز السراج، في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي في محاولة لتخفيف الأزمات السياسية والأمنية والتقريب بين المتصارعين في مختلف المجالات ومنها النفط.

وفي بعض الأحيان كان التحرك يأتي جماعيا من الدول المتدخلة في الصراع النفطي الليبي كما حدث في شهر يونيو/ حزيران الماضي، إذ قالت كل من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا إنها قلقة للغاية من الإعلان عن أن موانئ وحقول نفط في شرق ليبيا سيجري تسليمها إلى كيان مواز للمؤسسة الوطنية للنفط في شرق البلاد.

وقالت الدول الأربع في بيان مشترك: "هذه الموارد الليبية الحيوية يجب أن تبقى تحت سيطرة المؤسسة الوطنية للنفط الشرعية ورقابة حكومة الوفاق الوطني دون غيرها"، في إشارة إلى المؤسسة الوطنية للنفط والحكومة المدعومة من الأمم المتحدة في العاصمة.

وجاء البيان ردا على إعلان أصدرته القوات الموالية لحفتر بأنها ستسلم الموانئ الموجودة في الشرق إلى كيان مواز للمؤسسة الوطنية للنفط مقره مدينة بنغازي الواقعة بشرق البلاد، إلا أن قوات حفتر تراجعت عن هذه الخطوة واستمرت المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس المعترف بها دوليا في ممارسة اختصاصاتها وتلقى الإيرادات المالية التي يتم تحويلها إلى البنك المركزي ليضخها بشكل تلقائي على الرواتب والمصروفات الأخرى المتفق عليها.

وتسبب الصراع المتصاعد في خسائر باهظة للنفط الليبي، وأظهر تقرير رسمي سابق، أن ليبيا خسرت نحو 1.5 مليار برميل نفط، جراء توقف موانئ التصدير خلال عامين ونصف العام فقط. وذكر التقرير الصادر عن ديوان المحاسبة في طرابلس، أن قيمة خسائر إغلاق الموانئ النفطية في الفترة من بداية من منتصف عام 2013 وحتى نهاية 2016، بلغت 150 مليار دينار ليبي ( 107 مليارات دولار).

وتعتمد الميزانية العامة في ليبيا بـ 95% من مواردها على الإيرادات النفطية، ويخصص أكثر من نصف الميزانية لرواتب موظفي القطاع العام والدعم الحكومي لعدد من المنتجات، من بينها الخبز والوقود وخدمات مثل العلاج في المستشفيات بالمجان، وكذلك العلاج في الخارج.

المساهمون