خرج الصراع المكتوم بين كينيا والصومال على النفط إلى العلن، بعد أن استدعت نيروبي سفيرها لدى مقديشو، لوكاس تومبو، في وقت سابق من فبراير/شباط الجاري، فيما طالبت سفير الصومال لديها، محمد نور ترسن، بمغادرة البلاد.
واتهمت الحكومة الكينية الصومال بتجاهل المعايير الدولية في حل النزاعات الحدودية، مشيرة إلى أن استدعاء سفيرها في الصومال جاء إثر طرح الحكومة الصومالية عطاءات التنقيب عن النفط والغاز في المنطقة البحرية، الواقعة على الحدود مع الصومال، وهي منطقة متنازع عليها بين الطرفين.
وسبق أن منحت نيروبي 3 عطاءات بالتنقيب عن النفط في منطقة النزاع لشركة "إيني" الإيطالية، الأمر الذي اعترضت عليه مقديشو، فيما اعتبرت كينيا أنها تمارس السيادة على المنطقة منذ عام 1979.
ووصل النزاع بين الدولتين الواقعتين في شرق أفريقيا، إلى محكمة العدل الدولية، وهي أعلى هيئة قضائية تابعة لهيئة الأمم المتحدة، للنظر في شأن ترسيم الحدود البحرية في المحيط الهندي.
ويأتي صراع كينيا والصومال ليسطر صفحة جديدة من النزاع النفطي في أفريقيا، حيث سبقه صراع طويل في السودان، يرى كثيرون أنه لم ينته بانفصال جنوب السودان الغني بالنفط عن السودان قبل نحو 8 سنوات.
ورغم تسوية الخلاف بين شعبي البلدين بانفصال شطره الجنوبي عن الشمالي، إلا أن ملف النفط ما يزال حاضراً، وربما لم يعد قاصرا على هاتين الدولتين، وإنما أصبح لكينيا دور في الصراع أيضا على صادرات نفط جنوب السودان.
وقال استفن لوال الخبير في شؤون جنوب السودان لـ"العربي الجديد" إن كينيا تعد المستفيدة الأولى من الصراع السوداني - الجنوبي، فهي مثلما احتضنت مفاوضات السلام وحققت اتفاقيّة "نفاشا" التي قادت لقيام دولة الجنوب، فها هي تبدأ البحث عن مصالح اقتصادية بالجنوب.
وأوضح لوال أن كينيا تغري جنوب السودان، بأن يكون ميناء " لامو" في كينيا منصّة لتصدير نفط جنوب السودان للعالم، ولذلك بدأت كينيا بتمويل من البنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي في تنفيذ البنيات الأساسية للميناء حتى يكون جاهزاً لاستقبال النفط الجنوبي.
وانفصل جنوب السودان في 2011 عن السودان، ما أفقد الخرطوم ما يقارب ثلاثة أرباع موارده النفطية، التي تمثل نحو 50% من الإيرادات العامة للدولة.
وفي 2013، وقع السودان وجارته الجنوبية، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، 9 اتفاقيات، بينها اتفاقية النفط التي تتضمن الترتيبات المالية الانتقالية التي تتضمن رسوم عبور وتصدير نفط جنوب السودان عبر الأراضي السودانية، إلا أنه لم يتم اتخاذ خطوات نحو تفعيل الاتفاقيات إلا في الأشهر الأخيرة من العام الماضي 2018، لكنها سرعان ما شهدت تعثرا مرة أخرى.
لكن عصام عبد الوهاب بوب الخبير الاقتصادي السوداني، قال في تصريح لـ"العربي الجديد" إن" ما يجمعنا بالجنوب كدولة وشعب أكثر مما يجمع بينها وبين كينيا أو أوغندا أو إثيوبيا"، مضيفا أن " كينيا وإثيوبيا تملكان موارد اقتصادية كبيرة ووجدتا في الصراع السوداني الجنوبي فرصة للاستفادة الاقتصادية".