في ختام جلسة التحقيق الثانية، تقول لك المحققة الأفريقية إن ملفك في "يد المفوض العام"، وهو وحده من يقرر بالسلب أو بالإيجاب. تتقدمك الشابة الأنيقة، ومن ورائها الطاقم النسائي بالكامل، بخطوات عسكرية، إلى بوابة المبنى، وهناك تفتح الباب الزجاجي، منهيةً آخر مهامّها.
تخرج حضرتك لهبّات الهواء، فتصل محطة القطار القريبة، وأنت تفكر ـ بالإذن من بسّوا ـ بالمفوض العام و"جبينه الصارم"، الذي "يعرف وحسب وجهة المستقبل".
تركب القطار، عائداً لمدينة أنتويربن من بروكسل، ومنها بالباص رقم 420 إلى مخيم بروخم، سارحاً في تخيل شكل المفوض العام الذي مُنحَ، لأسباب لا تدريها، الحق في تقرير مصيرك ومصير العائلة، راجياً ألا يُشبه الأمم المتحدة، وأن يكون جبينه بالذات غير صارم، وقلبه بالأخص ليس من مشتقات البازلت، وعقله مثقفاً ولو قليلاً، كي لا يطوّحنا في الريح.
مثلما فعلَ ويفعل مفوضو بلجيكا العامّون مع 99% من لاجئي بلجيكا الفلسطينيين، في السنتين الأخيرتين.
تشارِف بوابة المخيم، الذي كان، ذات يوم، معسكراً للجيش الإنكليزي، والذي هو الآن سجن لحوالي 600 لاجئ، وسط ريف ولا في الأفلام، وقصور ولا في الأفلام، وحيوانات ولا في الغابات، وسيارات ولا في الخيال، ومصائر معلقة على خشبة المفوض العام، إله اللاجئين المحدثين الجديد في المملكة غير السعيدة.
* شاعر فلسطيني مقيم في بلجيكا مؤقتاً