في إطار البحوث العلمية الميدانية الحاليّة والمستقبليّة في سلطنة عمان، استقبلت العاصمة البريطانية لندن، هادي الحاكماني وعبد العزيز الحسيني، وهما شابان من الباحثين الميدانيين العمانيين، في مبنى "الجمعية الجغرافية الملكية"، لإلقاء محاضرة وتبادل نتائج العمل الميداني في الآونة الأخيرة في عمان. نظَّم المحاضرة الدكتور رودريك داتون ونايجل وينسير، بدعم من سفارة سلطنة عمان والجمعية العمانية البريطانية. وتمحْورت حول جهود سلطنة عمان، للحفاظ على النمر العربي وكذلك مستقبل الأفلاج فيها.
أسهب عبد العزيز الحسيني، الشاب المتخرِّج حديثاً من جامعة السلطان قابوس، في الحديث عن الأفلاج، وهو الذي تطوّع وشارك على مدى ثلاث سنوات في برنامج عمان لرصد الأرض، الذي يعمل مع المركز الوطني للحفاظ على البيئة، وذلك لدعم وتطوير مشروع كبير يهدف إلى استكشاف الزراعة المائية في قرية لزق. شرح الحسيني، بأسلوب مشوّق، تاريخ الأفلاج، وفسَّر للحضور عن الفلج الذي هو نظام مياه تراثي ثقافي، صمّمه العمانيون منذ ما يزيد عن ألفي عام، إذ أدركوا قيمة المياه في بلد تحيط به الصحارى الساخنة والجبال، فاخترعوا هذا النوع من أنظمة المياه من أجل البقاء.
اقــرأ أيضاً
يبدو أنّ الحسيني أدرك، وعلى الرّغم من صغر سنّه، أنّ الكثير من الحضور، قد لا يفقهون شيئاً عن بلده، لذلك، أوضح بالتفصيل الطبيعة الجغرافية لسلطنة عمان، كذلك، وصف بدقّة الفلج، الذي هو قناة تمتد تحت الأرض وتربط مئات الآبار ببعضها البعض، لجلب المياه الجديدة من أعماق الأرض إلى السطح، وتوفير المياه العذبة بشكل مستمر للحياة والزراعة.
وعلى الرّغم من أنّ نظام الرّي بالأفلاج يعتبر أحد أقدم الأنظمة المعتمدة، لكنّه لا يزال واحداً من أهم مصادر الرّي في عمان. وللإشارة، أضيفت في عام 2006 خمسة أفلاج (أفلاج هي جمع فلج) إلى قائمة الأونيسكو لمواقع التراث العالمي. ويتوفّر في السلطنة 4112 فلجاً، بيد أن 3017 لا تزال صالحة لتدفّق المياه، أمّا البقية فتحتاج إلى أعمال صيانة نتيجة الكوارث الطبيعية، وتغيُّر نمط الحياة.
ويسعى ناشطون لإيجاد طرق بديلة ومستدامة لضمان بقاء الأفلاج لصالح الأجيال القادمة، ومنها فلج قرية لزق التي تبعد نحو 30 دقيقة عن العاصمة مسقط، والذي يحتاج إلى صيانة مكلفة، لكنّه يعجز عن توفير الدخل اللازم لتغطية التكاليف، بسبب نظام الزراعة التقليدي القديم الذي يعتمد على بيع حصص المياه وأشجار النخيل في المزادات.
وأشار الحسيني إلى أنّ مجموعة من العلماء بدأوا ثلاثة مشاريع بحثية تجريبية لحلّ هذه المشكلة، وتوفير الدخل الكافي عن طريق إدخال تقنيات زراعية جديدة إلى جانب الفلج، وإشراك وتدريب السكّان المحليين للاعتماد على أنفسهم، مثلما فعل أسلافهم الذين طوّروا واخترعوا الأفلاج.
وفي حديث له مع "العربي الجديد" قال الحسيني، إنّ الهدف من دراسته هو حماية الأفلاج من الاندثار، وأكمل أنّ مصادر التمويل التي يعتمدون عليها لإصلاح الأفلاج، هي نفسها تلك القديمة التي كانوا يستخدمونها، مثل مزادات المياه ومزادات بيع التمور، ولكنّها للأسف غير كافية، يقول الحسيني. ويؤكّد أنّهم بحاجة إلى مصدر دخل جديد. ويعمل الحسيني، حالياً، على مشروع تجريبي، وإن نجح سيطبّق على أفلاج أخرى. وقال إنّ الأمل كبير في نجاحه.
أمّا هادي الحاكماني، الحاصل على بكالوريوس في حماية الحياة الفطرية من معهد دوريل في جامعة كينت ببريطانيا، والذي يدرس حالياً دكتوراه في علم الوراثة السكانية عن النمر العربي في سلطنة عمان، فتحدّث عن الجهود والمحاولات المبذولة للإبقاء على النمر العربي المهدّد بالانقراض في جبال ظفار في جنوب سلطنة عمان.
أكمل الحاكماني أنّه على الرّغم من البيئة القاسية في المنطقة العربية، سكنتها القطط الكبيرة مثل الفهود العربية والنمر العربي. بيد أنّ الازدهار الاقتصادي الذي شهدته المنطقة منذ أواخر القرن العشرين، كان له أثرٌ مدمّرٌ على هذه القطط. فانقرضت الفهود من المنطقة، واختفى النمر العربي من العديد من أماكنه التاريخية. وأضاف الحاكماني أنّ الحكومة العمانية، وبظلّ قيادة مكتب حفظ البيئة، بدأت منذ عام 1997 برنامج بحث ومحافظة وذلك لحماية هذه النمور المُهدّدة بالانقراض.
وقال الحاكماني لـ"العربي الجديد"، إنّ النمر العربي ُيعتبَر من أندر الحيوانات الموجودة، وتقلّ أعداده عن الـ 200 نمر في البرّية، وهو مهدّد بالانقراض، لذلك، يبحث الحاكماني ضمن دراسته التنوّع الجيني لهذه الحيوانات، وخصوصاً الموجودة في البرية في جبال ظفار في سلطنة عمان، وكذلك يبحث في سلالة النمر العربي، للتحقّق من علاقتها أو ارتباطها بسلالات النمور التسع الموجودة في العالم، ويجمع عيّنات من شبه الجزيرة العربية وعمان والمملكة العربية السعودية واليمن، ليقارن وجود أي اختلاف في التنوع الجيني بين هذه المجموعات، وكذلك يبحث في أعداد النمور الموجودة، وقدرتها على البقاء في البرية.
وأضاف الحاكماني، أنّ النمر العربي كان يتواجد من شمال الأردن إلى جنوب شرق سلطنة عمان، لكنّه انقرض بنسبة 98% من تلك المناطق، ويتواجد حالياً بنسبة 2% فقط في جبال ظفار في سلطنة عمان وفي اليمن. ويلفت الحاكماني إلى أنّ المجموعة الوحيدة التي أجريت عليها الدراسات هي تلك التي تعيش في جبال ظفار. ويقدّر أن تتراوح أعدادها بين 44 و58 نمراً ويرجّح أن تكون أقل من ذلك.
ويشير الحاكماني إلى أنّه تعمّق في دراسة بيئة النمر العربي، نتيجة التوجّهات التي قامت بها حكومة سلطنة عمان لحماية النمور، خصوصاً السلطان قابوس، والهمّ البيئي في عمان الذي يكمن في الحفاظ على الحيوانات المهدّدة بالانقراض، وكذلك مشاركته مجموعة من الباحثين في مشروع مسح النمر العربي في سلطنة عمان.
كذلك تحدّث الحاكماني عن كتابه بعنوان "النمر العربي في سلطنة عمان" وهو عبارة عن دراسة سلالات النمور وخصوصاً النمر العربي، والدراسات والبحوث الميدانية التي أجريت في سلطنة عمان والنظرة المستقبلية لحماية هذا الحيوان في البرّية.
ويرى الحاكماني أن البشر أشدّ خطرا على النمر منه عليهم، لكن حين يدركون قيمة النمر سيصبحون جزءاً من عملية بقائه. ولفت إلى أنّ المجتمع المحلّي في منطقة جبال ظفار بدأ يعي أهمية بقاء النمر العربي.
أسهب عبد العزيز الحسيني، الشاب المتخرِّج حديثاً من جامعة السلطان قابوس، في الحديث عن الأفلاج، وهو الذي تطوّع وشارك على مدى ثلاث سنوات في برنامج عمان لرصد الأرض، الذي يعمل مع المركز الوطني للحفاظ على البيئة، وذلك لدعم وتطوير مشروع كبير يهدف إلى استكشاف الزراعة المائية في قرية لزق. شرح الحسيني، بأسلوب مشوّق، تاريخ الأفلاج، وفسَّر للحضور عن الفلج الذي هو نظام مياه تراثي ثقافي، صمّمه العمانيون منذ ما يزيد عن ألفي عام، إذ أدركوا قيمة المياه في بلد تحيط به الصحارى الساخنة والجبال، فاخترعوا هذا النوع من أنظمة المياه من أجل البقاء.
يبدو أنّ الحسيني أدرك، وعلى الرّغم من صغر سنّه، أنّ الكثير من الحضور، قد لا يفقهون شيئاً عن بلده، لذلك، أوضح بالتفصيل الطبيعة الجغرافية لسلطنة عمان، كذلك، وصف بدقّة الفلج، الذي هو قناة تمتد تحت الأرض وتربط مئات الآبار ببعضها البعض، لجلب المياه الجديدة من أعماق الأرض إلى السطح، وتوفير المياه العذبة بشكل مستمر للحياة والزراعة.
وعلى الرّغم من أنّ نظام الرّي بالأفلاج يعتبر أحد أقدم الأنظمة المعتمدة، لكنّه لا يزال واحداً من أهم مصادر الرّي في عمان. وللإشارة، أضيفت في عام 2006 خمسة أفلاج (أفلاج هي جمع فلج) إلى قائمة الأونيسكو لمواقع التراث العالمي. ويتوفّر في السلطنة 4112 فلجاً، بيد أن 3017 لا تزال صالحة لتدفّق المياه، أمّا البقية فتحتاج إلى أعمال صيانة نتيجة الكوارث الطبيعية، وتغيُّر نمط الحياة.
ويسعى ناشطون لإيجاد طرق بديلة ومستدامة لضمان بقاء الأفلاج لصالح الأجيال القادمة، ومنها فلج قرية لزق التي تبعد نحو 30 دقيقة عن العاصمة مسقط، والذي يحتاج إلى صيانة مكلفة، لكنّه يعجز عن توفير الدخل اللازم لتغطية التكاليف، بسبب نظام الزراعة التقليدي القديم الذي يعتمد على بيع حصص المياه وأشجار النخيل في المزادات.
وأشار الحسيني إلى أنّ مجموعة من العلماء بدأوا ثلاثة مشاريع بحثية تجريبية لحلّ هذه المشكلة، وتوفير الدخل الكافي عن طريق إدخال تقنيات زراعية جديدة إلى جانب الفلج، وإشراك وتدريب السكّان المحليين للاعتماد على أنفسهم، مثلما فعل أسلافهم الذين طوّروا واخترعوا الأفلاج.
وفي حديث له مع "العربي الجديد" قال الحسيني، إنّ الهدف من دراسته هو حماية الأفلاج من الاندثار، وأكمل أنّ مصادر التمويل التي يعتمدون عليها لإصلاح الأفلاج، هي نفسها تلك القديمة التي كانوا يستخدمونها، مثل مزادات المياه ومزادات بيع التمور، ولكنّها للأسف غير كافية، يقول الحسيني. ويؤكّد أنّهم بحاجة إلى مصدر دخل جديد. ويعمل الحسيني، حالياً، على مشروع تجريبي، وإن نجح سيطبّق على أفلاج أخرى. وقال إنّ الأمل كبير في نجاحه.
أمّا هادي الحاكماني، الحاصل على بكالوريوس في حماية الحياة الفطرية من معهد دوريل في جامعة كينت ببريطانيا، والذي يدرس حالياً دكتوراه في علم الوراثة السكانية عن النمر العربي في سلطنة عمان، فتحدّث عن الجهود والمحاولات المبذولة للإبقاء على النمر العربي المهدّد بالانقراض في جبال ظفار في جنوب سلطنة عمان.
أكمل الحاكماني أنّه على الرّغم من البيئة القاسية في المنطقة العربية، سكنتها القطط الكبيرة مثل الفهود العربية والنمر العربي. بيد أنّ الازدهار الاقتصادي الذي شهدته المنطقة منذ أواخر القرن العشرين، كان له أثرٌ مدمّرٌ على هذه القطط. فانقرضت الفهود من المنطقة، واختفى النمر العربي من العديد من أماكنه التاريخية. وأضاف الحاكماني أنّ الحكومة العمانية، وبظلّ قيادة مكتب حفظ البيئة، بدأت منذ عام 1997 برنامج بحث ومحافظة وذلك لحماية هذه النمور المُهدّدة بالانقراض.
وقال الحاكماني لـ"العربي الجديد"، إنّ النمر العربي ُيعتبَر من أندر الحيوانات الموجودة، وتقلّ أعداده عن الـ 200 نمر في البرّية، وهو مهدّد بالانقراض، لذلك، يبحث الحاكماني ضمن دراسته التنوّع الجيني لهذه الحيوانات، وخصوصاً الموجودة في البرية في جبال ظفار في سلطنة عمان، وكذلك يبحث في سلالة النمر العربي، للتحقّق من علاقتها أو ارتباطها بسلالات النمور التسع الموجودة في العالم، ويجمع عيّنات من شبه الجزيرة العربية وعمان والمملكة العربية السعودية واليمن، ليقارن وجود أي اختلاف في التنوع الجيني بين هذه المجموعات، وكذلك يبحث في أعداد النمور الموجودة، وقدرتها على البقاء في البرية.
وأضاف الحاكماني، أنّ النمر العربي كان يتواجد من شمال الأردن إلى جنوب شرق سلطنة عمان، لكنّه انقرض بنسبة 98% من تلك المناطق، ويتواجد حالياً بنسبة 2% فقط في جبال ظفار في سلطنة عمان وفي اليمن. ويلفت الحاكماني إلى أنّ المجموعة الوحيدة التي أجريت عليها الدراسات هي تلك التي تعيش في جبال ظفار. ويقدّر أن تتراوح أعدادها بين 44 و58 نمراً ويرجّح أن تكون أقل من ذلك.
ويشير الحاكماني إلى أنّه تعمّق في دراسة بيئة النمر العربي، نتيجة التوجّهات التي قامت بها حكومة سلطنة عمان لحماية النمور، خصوصاً السلطان قابوس، والهمّ البيئي في عمان الذي يكمن في الحفاظ على الحيوانات المهدّدة بالانقراض، وكذلك مشاركته مجموعة من الباحثين في مشروع مسح النمر العربي في سلطنة عمان.
كذلك تحدّث الحاكماني عن كتابه بعنوان "النمر العربي في سلطنة عمان" وهو عبارة عن دراسة سلالات النمور وخصوصاً النمر العربي، والدراسات والبحوث الميدانية التي أجريت في سلطنة عمان والنظرة المستقبلية لحماية هذا الحيوان في البرّية.
ويرى الحاكماني أن البشر أشدّ خطرا على النمر منه عليهم، لكن حين يدركون قيمة النمر سيصبحون جزءاً من عملية بقائه. ولفت إلى أنّ المجتمع المحلّي في منطقة جبال ظفار بدأ يعي أهمية بقاء النمر العربي.