أصدرت محكمة في تونس أحكاماً بسجن أربعة من صناع المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي بتهم تتعلق بـ"انتهاكات أخلاقية"، الثلاثاء. وواجه المؤثرون الأربعة تهمة "المجاهرة بالفحش ومضايقة الغير عبر شبكات التواصل الاجتماعي"، وتراوحت أحكام السجن الصادرة بحقهم بين 20 شهراً وأربعة أعوام ونصف العام، وفق ما أفاد به متحدث باسم المحكمة الابتدائية لوسائل الإعلام المحلية.
وجاءت هذه المحاكمات بعد قرار حكومي بإطلاق حملة قانونية بحق صناع المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي، إذ أعلنت وزيرة العدل ليلى جفال، في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أنها ستطالب النيابة العامة بالتحقيق في مضامين على شبكات التواصل الاجتماعي مخالفة للقواعد العامة للأخلاق.
وكانت محكمة تونسية قد قضت، الخميس الماضي، بسجن صانعة المحتوى التونسية "شموخ" (24 سنة)، لمدة أربع سنوات ونصف، بسبب "ارتكاب جرائم أخلاقية عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتحريض على الفجور". وأثارت الأحكام القضائية جدلاً واسعاً في تونس بين من رأى أنها أحكام رادعة بعد تفشي ظاهرة نشر مضامين غير أخلاقية على منصتي تيك توك وإنستغرام بهدف الكسب المالي السريع من دون مراعاة للأخلاق العامة، وهو رأي تبنته الجمعية التونسية لمكافحة جرائم الإنترنت، وبين من رأى أن هذه الأحكام مبالغ فيها، وتهدف إلى ضرب حرية النشر.
واعتبر العديد من الناشطين في تونس أن الحملة الجديدة هي استمرار لمسلسل التضييق على النشر على منصات التواصل الاجتماعي منذ إصدار الرئيس التونسي قيس سعيد المرسوم 54 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال في سبتمبر/ أيلول 2022، إذ تحوّل المرسوم من وسيلة لتنظيم عملية النشر على منصات التواصل الاجتماعي إلى أداة لمحاكمة الصحافيين والمدونين التونسيين، بحسب الناشطين.
صناع المحتوى ليسوا وحدهم المستهدفين
قضت الدائرة الجناحية بالمحكمة الابتدائية في العاصمة التونسية، في 24 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بالسجن سنتين على المحامية والمعلقة الإعلامية التونسية السابقة في إذاعة "إي أف أم" وقناة "قرطاج بلس" التلفزيونية سنية الدهماني. وصدر الحكم في أعقاب تعليق ساخر لها، خلال برنامج تلفزيوني، حول أزمة المهاجرين غير النظاميين من جنوب الصحراء الأفريقية.
وخلال البرنامج، الذي بُث في الثامن من مايو/ أيار 2024 عبر "قرطاج بلس"، قالت الدهماني: "ما الشيء المميز الذي قد يدفع المهاجرين غير النظاميين إلى الاستقرار في تونس؟"، ساخرةً من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في تونس، التي توصف بالصعبة. واعتبر البعض كلامها هذا إهانة لتونس وغير مقبول، لتتعرّض للتوقيف في 11 مايو/أيار 2024 بعد اقتحام قوات الشرطة دار المحامية التونسية، وتودع السجن في العاصمة التونسية، قبل إصدار حكم بسجنها لمدة سنتين.
وكانت سنية الدهماني قد قالت، في رسالة مفتوحة للرأي العام نشرتها على صفحتها في "فيسبوك"، إنها "تعرّضت لمظلمة جديدة تجاوزت كلّ حدود المنطق وخرقت أدنى ضمانات المواطنة، فضلاً عن حقوق الدفاع وشروط المحاكمة العادلة، في خطوة جديدة من مسلسل الاستهداف القضائي"، بحسب تعبيرها.