وتتكوّن اللجنة المنظمة لاحتفالات الأول من مايو/أيار من مجموعة من النقابات اليسارية، منها اتحاد نقابات العمال التقدّمي، واتحاد نقابات قطاع التجارة العامة، واتحاد غرف المهندسين والمعماريين الأتراك، والجمعية الطبية التركية. ودعا أعضاء هذه النقابات المواطنين إلى اللقاء في وسط مدينة إسطنبول، ولكن بطريقة مختلفة هذا العام، إذ لم يتم تحديد نقطة معينة لتجنب الاصطدام مع الشرطة ومنعها من اتخاذات الإجراءات التي قد تحول دون الوصول إلى قلب المدينة.
وأثار قرار والي إسطنبول انتقادات شديدة من عدد من السياسيين المعروفين ومنهم صلاح الدين دميرتاش، الرئيس المشارك لحزب "الشعوب الديمقراطي" (الجناح السياسي للعمال الكردستاني)، الذي دعا رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو إلى فتح الميدان أمام المتظاهرين، قائلاً إن "حظر ميدان تقسيم، يعني منع الاحتفال بعيد العمال"، مضيفاً "بالنسبة إلى العمال، إذا لم يجر الاحتفال بعيدهم في ميدان التقسيم، فكأن تركيا لم تحتفل بعيد العمال".
اقرأ أيضاً "الشعوب الديمقراطي" يطلق حملته الانتخابية: حزب لكل الأتراك
في غضون ذلك، وضعت قيادة شرطة إسطنبول خططاً متكاملة لمنع المتظاهرين من الوصول إلى ميدان تقسيم، وقررت بعد عدّة اجتماعات، حشد ما يقارب عشرة آلاف شرطي في الميدان وحوله، عبر إحضار أعداد كبيرة من الشرطة والآليات من ولايات أخرى وإلغاء إجازات الشرطة منذ يوم الأربعاء وحتى يوم السبت.
وستعمل الشرطة على تنفيذ إجراءاتها الأمنية بشكل تدريجي بدءاً من الميدان الذي يتم تطويقة بمتاريس وحواجز، كما ستوضع عربات مكافحة الشغب في شارع الاستقلال وبقية الشوارع المطلة على الساحة، وأيضاً في بعض بلديات إسطنبول المعروفة بأنها قلاع للمعارضة كبلدية شيشلي وبيشكتاش، حيث يقع مكتب رئيس الوزراء في قصر دولمة بهجة.
ومن المتوقع أن تقوم الحكومة بإيقاف عمل خطوط المترو المتجهة إلى الساحة، وسيتم إيقاف الحركة على الجسرين اللذين يربطان القسم الآسيوي بالقسم الغربي من إسطنبول، في حال حصلت اشتباكات كبيرة بين المتظاهرين وقوات مكافحة الشغب كما في العام الماضي.
ولا تنحصر أهمية ميدان تقسيم بالنسبة إلى اليسار التركي بكونه شهد احتجاجات كبيرة ضد حكومة "العدالة والتنمية" في يونيو/حزيران 2013 فحسب، بل لأنه يعتبر رمزاً لقوى اليسار الذي فقد 33 شخصاً من أفراده في احتفالات عام 1977 عندما قام أحد القوميين الأتراك بفتح النار على المتظاهرين اليساريين من المكان الذي أصبح اليوم فندق مرمرة في الميدان.
من جانب آخر، دعت النقابات والاتحادات العمالية اليمينية التركية المقربة من الحكومة إلى الاحتفال بعيد العمال في مدينة قونيا (إحدى أهم قلاع المحافظين) في وسط الأناضول. وأكد كل من اتحاد نقابات العمال اليميني وجمعية موظفي الخدمة المدنية في الدولة على دعوتهما "لتنظيم احتفالات عيد العمال في مدينة قونيا، مدينة الحضارات والتسامح، وقلب الصوفي جلال الدين الرومي"، كما جاء في بيان.
وكانت مدينة إسطنبول قد شهدت، العام الماضي اشتباكات عنيفة بين قوات مكافحة الشغب والمتظاهرين في عيد العمال، استخدمت الشرطة التركية فيها خراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع لتفريق المئات منهم بعدما حاولوا اقتحام الطوق الأمني والدخول إلى ميدان تقسيم، الذي منع عنهم في حينها. وشُلَّت الحركة في إسطنبول بعدما أغلقت السلطات الطرقات وعلقت خدمات العبّارات، وأغلقت محطات المترو لمنع مجيء حشود من المتظاهرين إلى الميدان.