يقول خبراء اقتصاد في موريتانيا، إن توقيت تراجع أسعار النفط عالميا يصب في مصلحة الحكومة الموريتانية، التي بدأت خطة لرفع الدعم عن المحروقات ورفعت أسعارها إلى مستويات قياسية، إذ جاء تهاوي أسعار النفط في آخر مراحل رفع الدعم عن المحروقات؛ ليحقق للدولة هامش ربح كبير على حساب المواطنين.
واعترفت الحكومة بهذا المعطى، وقالت إن تراجع أسعار النفط سيعوض المبالغ المسحوبة من صندوق دعم المحروقات إلى حين حصول التوازن، وعندها سيتم التفكير في تخفيض الأسعار.
ولا تزال الحكومة الموريتانية ترفض خفض أسعار المحروقات، رغم انخفاض أسعار النفط الخام بنحو 60% في الأشهر الستة الماضية، ما يثير حفيظة الشارع الموريتاني، وعبّرت أحزاب ومنظمات عمالية عن امتعاضها من إصرار الحكومة على موقفها.
ويقول الخبير الاقتصادي أحمدو ولد محمد السالم، إنه من الطبيعي أن تستفيد الدول المستهلكة للنفط من تقهقر أسعاره في الأسواق العالمية، لكن الموضوع مؤجل في موريتانيا بسبب قرار السلطات.
ويشير إلى أن رفض الحكومة خفض أسعار المحروقات، يحرم الاقتصاد من الاستفادة من تهاوي أسعار النفط وآثاره على الدخل الحقيقي، وعلى تجارة السلع والخدمات والصناعة والزراعة، وبالتالي منافسة الكثير من اقتصادات المنطقة التي استفادت من انخفاض أسعار المحروقات.
ويبقى المواطن في انتظار انعكاس انخفاض أسعار النفط على خزينة الدولة وميزانيتها، وأيضا في انتظار قرار الدولة بخفض أسعار المحروقات، لكن في ظل توقعات بعودة أسعار النفط إلى سعر ثمانين دولارا، فإن المواطن الموريتاني يبقى محروما من فارق أسعار المحروقات.
وبالمقابل، فإن استمرار هذا التراجع في السوق الدولي من شأنه التأثير على مشاريع التنقيب على النفط في موريتانيا، التي تلتزم بمشروعات مهمة في قطاع النفط بنظام تقاسم الإنتاج مع شركات أميركية وبريطانية.
وتنتج موريتانيا نحو 2.45 مليون برميل من النفط سنويا، وهي كميات يتم استخراجها كاملة من حقل "شنقيط".
كما أن تواصل تراجع أسعار النفط، قد يقوض المساعدات المالية التي تمنحها بلدان خليجية لموريتانيا، إضافة إلى تداعياته المحتملة على تحويلات المغتربين العاملين في بلاد الخليج.
وأظهرت جولة قامت بها "العربي الجديد" في بعض الأسواق الموريتانية، أن أسعار السلع وتكلفة النقل والمواصلات لم تتأثر بانخفاض أسعار النفط عالميا بسبب استقرار أسعار المحروقات محليا.
وتكشف أسعار المحروقات في موريتانيا ارتفاعات متتالية عامي 2013 و2014، ووصل سعر لتر السولار إلى 381 أوقية (1.27 دولار) والبنزين 400 أوقية (1.33 دولار).
وكشفت تقارير اقتصادية أن السلطات الموريتانية حققت أرباحا تزيد على 18 مليار أوقية (دولار واحد يساوي 300 أوقية)، بسبب رفضها تخفيض أسعار، ويرى اقتصاديون أن الدولة الموريتانية تربح حاليا 270 أوقية عن كل لتر من البنزين يستهلكه المواطن الموريتاني.