لليوم الثالث على التوالي، يعاني المصابون جراء الهجوم الكيماوي على بلدة خان شيخون السورية، من أعراض التسمم بالغاز، والتي تصاحبها صدمة نفسية من جراء المجزرة التي فقد بعضهم فيها أفراداً من عائلاتهم وأقاربهم، في حين تقتصر الرعاية الطبية في شمال سورية على عدد من المراكز الطبية محدودة الموارد.
يقول عمر الخاني، وهو أحد أهالي البلدة، لـ"العربي الجديد"، إن "معظم المصابين لا يزالون يعانون من الأعراض نفسها، التي أصيبوا بها جراء التعرض للغاز السام. بعض المصابين كانوا يشتكون من وجع في العيون، وعدم القدرة على التوازن".
وأشار إلى أن "جميع المصابين تم صرفهم في نفس يوم المجزرة خوفاً من قصف النقاط الطبية في معرة النعمان وخان شيخون وكفرنبل وجرجناز وسراقب، عدا الحالات التي لم يكن لديها مرافقون أو لم يأت أحد من أهلها لاصطحابها، للأسف هم لا يحظون بمتابعة طبية ولا أدوية، البعض ذهبوا لمراجعة طبيب خاص، وآخرون توجهوا إلى نقاط طبية بعيدة".
ويوضح الدكتور حسن، وهو طبيب يعمل في ريف إدلب، أن "معظم المصابين لا يزالون يعانون تشنجات عضلية متكررة، إضافة إلى إفرازات من الجهاز التنفسي، وهذا يعني أن تأثير الغاز لا يزال في أجسامهم".
ويقول "راجعني أحد المصابين اليوم، وكان لديه تشوش في التركيز وعدم قدرة على النوم، وآخر تحسنت أعراضه لكنه لا يستطيع التحكم بعضلاته، ويترنح خلال المشي والحركة. للأسف لا نتمكن من تجميع المصابين ومتابعة حالاتهم بدقة في النقاط الطبية لاستيعابها المحدود، ولأنها معرضة للقصف في أية لحظة".
كما يشير الطبيب، محمد الجيدو، إلى أن "عدد المصابين تراجعت عندهم أعراض التسمم، لكنها لم تختف. في العموم لا تزال الأعراض حادة عند جميع المصابين، يمكن أن تتراجع خلال 24 ساعة إضافية، أي بعد مرور 3 أيام على التعرض للغاز السام، وربما تستمر لأشهر".
ويضيف "للأسف جميع المتسممين بالغاز معرضون للكثير من المضاعفات خلال السنوات الخمس القادمة، لن يتعافى إلا قليلون، وهذا يعتمد على نسبة الغاز التي دخلت دمهم، ويمكن أن تظهر لديهم اعتلالات وظيفية في الدماغ أو القلب أو أمراض مزمنة. هم بحاجة إلى متابعة طبية دقيقة غير متوفرة لدينا بالمرة".
ونقل عدد من المصابين من ذوي الحالات الحرجة إلى تركيا لتلقي العلاج في مستشفياتها، في محاولة لإنقاذهم من الموت، ووثق "العربي الجديد" مشاهد نقل المصابين، وبينهم أطفال ونساء (الفيديو).
في سياق متصل، اعتصم عدد من الكوادر الطبية العاملة في الغوطة الشرقية، والعشرات من أطفال الغوطة التي تتعرض بدورها لحملة عسكرية عنيفة من قبل النظام، والتي تعرضت لهجمة كيميائية قبل أربع سنوات، ووجه المعتصمون رسالة مناشدة إلى العالم طالبوا فيها بحمايتهم من الهجمات التي يتعرضون لها ومن الترسانة الكيميائية للنظام.
وقال عصام الدمشقي، وهو ممرض في غوطة دمشق: "قبيل تعرض خان شيخون للقصف بالسلاح الكيماوي، شنّ النظام حملة عنيفة على الغوطة وصل عدد الضربات فيها إلى 90 غارة، واستهدفت مركزين طبيين، وقتل فيها 32 شخصاً بينهم أطفال. ليس لدينا مكان آمن حتى لإسعاف الناس، على العالم أن يتحرك وألّا ينتظر أن نباد جميعاً".