13 يونيو 2021
مصر ومأزق سد النهضة
كسابقتها، فشلت الجولة العاشرة من المفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان، بخصوص سد النهضة، على الرغم من أنها جمعت، وفق اقتراح مصري، بين الجانبين السياسي والفني، وقد دفع هذا الفشل الجانب المصري إلى رفض عقد المؤتمر الصحافي بدعوى ضيق الوقت، تماما كما حدث في الجولة التاسعة، فيما السبب عدم القدرة على الإجابة على السؤال: هل ستوقف إثيوبيا بناء السد إلى حين اكتمال الدراسات الخاصة بتأثيراته على دولتي المصب، مصر والسودان؟
ربما يعود فشل هذه المفاوضات وما يليها إلى تباين حقيقي في المواقف، ليس فقط بين مصر وإثيوبيا فقط بشأن السد وقضية مياه النيل، ولكن أيضاً، لخلاف بين دولتي المصب بخصوص تأثيرات السد المحتملة عليهما، وهو تباين في المواقف لا يصاحبه امتلاك القاهرة أوراق ضغط حقيقية على أديس أبابا، من أجل إجبارها على الرضوخ لمطالبها. ومعروف، في العلاقات الدولية، أن أوراق الضغط ربما تكون اقتصادية (منع إرسال معونات، حظر تعاون اقتصادي، ..) أو عسكرية (منع تصدير السلاح، أو التهديد بشن حرب ..) كما أن القاهرة تفتقد أيضاً أوراق الضغط الإقليمية، من خلال دول الجوار المحيطة بإثيوبيا، وأبرزها السودان وإريتريا والصومال. وتبدو الورقة الخليجية، على الرغم من أهميتها، من حيث حجم الاستثمارات الكبيرة للسعودية والإمارات في إثيوبيا، غير مفعلة، ما يثر علامات. وقد يكون الحديث عن استخدام ورقة الضغط السعودي حالياً ضد أديس أبابا مشكوكاً فيه، بسبب موقف عبد الفتاح السيسي بشأن الحرب في اليمن. وفي المقابل، تسعى الرياض، عبر السودان، لتحسين علاقاتها مع أديس أبابا لوقف تدريبها الحوثيين.
لماذا هذا التحرك المتأخر، على الرغم من أن أديس أبابا مستمرة في بناء السد، بل برز ابتزازها مصر، بقوة، بعد تبوؤ السيسي الحكم بشهرين، وخصوصاً في اجتماعات الخرطوم في أغسطس/آب 2014، حيث اشترطت في حينها أن تكون اللجنة المعنية بمتابعة ما جاء في تقرير لجنة الخبراء الدولية لجنة وطنية لا تضم أجانب، على عكس ما أرادته مصر، لأن من شأن وجود هؤلاء حسم أية خلافات قد تنشب بين الخبراء الوطنيين في الدول الثلاث، وأصرت على عدم وجود مرجعية واضحة لهذه اللجنة، وكانت القاهرة ترغب في أن يكون الخبراء الأجانب المرجعية لحسم الخلاف، ثم، وهذا هو الأهم، رفض إثيوبيا وقف أعمال بناء السد إلى حين اكتمال الدراسات الخاصة بفحص الآثار المائية والبيئية للسد، والتي يفترض أن يقوم بها مكتب استشاري هولندي، بصفة أساسية، بمساعدة مكتب فرنسي. وقد أكدت أديس أبابا هذا الرفض في اجتماعات القاهرة في أكتوبر/تشرين الأول 2014، وأصرت على عدم إلزامية نتائج هذه الدراسات، وهو ما أيدته الخرطوم أيضاً (!).
يبقى السؤال: ماذا إذا فشلت الإمارات في الضغط على إثيوبيا، أو رفضت فكرة الضغط؟ ما الأوراق الأخرى لدى السيسي؟ يبدو أن الخيارات أمامه ربما تكون ضعيفة للغاية، لا سيما مع محدودية تأثير مصر في الدائرة الأفريقية من ناحية، فضلا عن إدراك إثيوبيا المأزق الراهن الذي يمر به السيسي داخلياً، ما حدا بوزير خارجيتها، تيدروس أدهانوم، إلى القول، أخيراً، إلى أن يتحدث عن عدم قدرة مصر على الدخول في حربٍ مع بلاده، ما استدعى إلى الأذهان تحدي رئيس الوزراء الإثيوبي السابق، ميلس زيناوي، في مايو/أيار 2010، مصر أن تشن حرباً ضد بلاده.
إزاء هذا الوضع المعقد، وبعد فشل الجانبين المصريين، السياسي والفني، ممثلين في وزارتي الخارجية والري في المفاوضات، هل سيتدخل السيسي بنفسه من أجل إدارة هذا الملف؟ أم إن الأمر سيكون صعباً، لا سيما وأن الرجل هو الذي وضع المصريين في هذا الموقف الحرج، بعد توقيعه على اتفاق إعلان المبادئ في مارس/آذار الماضي، والذي اعترف بموجبه رسمياً ليس فقط بحق إثيوبيا في بناء السد، ولكن أيضاً بحصة مائية لإثيوبيا، خصماً من حصتي مصر والسودان، لعدم نص الإعلان على حقوق مصر التاريخية في مياه النيل، بموجب الاتفاقات الدولية السابقة 1929،1959، فضلا عن حق أديس أبابا في استخدام هذه المياه في أغراض مختلفة، مثل الصناعة والشرب والزراعة، بعدما كانت كل ما تطالب به استخدام السد في توليد الكهرباء فقط.
ربما يعود فشل هذه المفاوضات وما يليها إلى تباين حقيقي في المواقف، ليس فقط بين مصر وإثيوبيا فقط بشأن السد وقضية مياه النيل، ولكن أيضاً، لخلاف بين دولتي المصب بخصوص تأثيرات السد المحتملة عليهما، وهو تباين في المواقف لا يصاحبه امتلاك القاهرة أوراق ضغط حقيقية على أديس أبابا، من أجل إجبارها على الرضوخ لمطالبها. ومعروف، في العلاقات الدولية، أن أوراق الضغط ربما تكون اقتصادية (منع إرسال معونات، حظر تعاون اقتصادي، ..) أو عسكرية (منع تصدير السلاح، أو التهديد بشن حرب ..) كما أن القاهرة تفتقد أيضاً أوراق الضغط الإقليمية، من خلال دول الجوار المحيطة بإثيوبيا، وأبرزها السودان وإريتريا والصومال. وتبدو الورقة الخليجية، على الرغم من أهميتها، من حيث حجم الاستثمارات الكبيرة للسعودية والإمارات في إثيوبيا، غير مفعلة، ما يثر علامات. وقد يكون الحديث عن استخدام ورقة الضغط السعودي حالياً ضد أديس أبابا مشكوكاً فيه، بسبب موقف عبد الفتاح السيسي بشأن الحرب في اليمن. وفي المقابل، تسعى الرياض، عبر السودان، لتحسين علاقاتها مع أديس أبابا لوقف تدريبها الحوثيين.
لماذا هذا التحرك المتأخر، على الرغم من أن أديس أبابا مستمرة في بناء السد، بل برز ابتزازها مصر، بقوة، بعد تبوؤ السيسي الحكم بشهرين، وخصوصاً في اجتماعات الخرطوم في أغسطس/آب 2014، حيث اشترطت في حينها أن تكون اللجنة المعنية بمتابعة ما جاء في تقرير لجنة الخبراء الدولية لجنة وطنية لا تضم أجانب، على عكس ما أرادته مصر، لأن من شأن وجود هؤلاء حسم أية خلافات قد تنشب بين الخبراء الوطنيين في الدول الثلاث، وأصرت على عدم وجود مرجعية واضحة لهذه اللجنة، وكانت القاهرة ترغب في أن يكون الخبراء الأجانب المرجعية لحسم الخلاف، ثم، وهذا هو الأهم، رفض إثيوبيا وقف أعمال بناء السد إلى حين اكتمال الدراسات الخاصة بفحص الآثار المائية والبيئية للسد، والتي يفترض أن يقوم بها مكتب استشاري هولندي، بصفة أساسية، بمساعدة مكتب فرنسي. وقد أكدت أديس أبابا هذا الرفض في اجتماعات القاهرة في أكتوبر/تشرين الأول 2014، وأصرت على عدم إلزامية نتائج هذه الدراسات، وهو ما أيدته الخرطوم أيضاً (!).
يبقى السؤال: ماذا إذا فشلت الإمارات في الضغط على إثيوبيا، أو رفضت فكرة الضغط؟ ما الأوراق الأخرى لدى السيسي؟ يبدو أن الخيارات أمامه ربما تكون ضعيفة للغاية، لا سيما مع محدودية تأثير مصر في الدائرة الأفريقية من ناحية، فضلا عن إدراك إثيوبيا المأزق الراهن الذي يمر به السيسي داخلياً، ما حدا بوزير خارجيتها، تيدروس أدهانوم، إلى القول، أخيراً، إلى أن يتحدث عن عدم قدرة مصر على الدخول في حربٍ مع بلاده، ما استدعى إلى الأذهان تحدي رئيس الوزراء الإثيوبي السابق، ميلس زيناوي، في مايو/أيار 2010، مصر أن تشن حرباً ضد بلاده.
إزاء هذا الوضع المعقد، وبعد فشل الجانبين المصريين، السياسي والفني، ممثلين في وزارتي الخارجية والري في المفاوضات، هل سيتدخل السيسي بنفسه من أجل إدارة هذا الملف؟ أم إن الأمر سيكون صعباً، لا سيما وأن الرجل هو الذي وضع المصريين في هذا الموقف الحرج، بعد توقيعه على اتفاق إعلان المبادئ في مارس/آذار الماضي، والذي اعترف بموجبه رسمياً ليس فقط بحق إثيوبيا في بناء السد، ولكن أيضاً بحصة مائية لإثيوبيا، خصماً من حصتي مصر والسودان، لعدم نص الإعلان على حقوق مصر التاريخية في مياه النيل، بموجب الاتفاقات الدولية السابقة 1929،1959، فضلا عن حق أديس أبابا في استخدام هذه المياه في أغراض مختلفة، مثل الصناعة والشرب والزراعة، بعدما كانت كل ما تطالب به استخدام السد في توليد الكهرباء فقط.