محمود... أجبره الفقر على السرقة بعد ترك المدرسة

16 يناير 2018
يزعج مقهاه الجيران (العربي الجديد)
+ الخط -

ظروف اللجوء الصعبة في المخيمات الفلسطينية في لبنان تقهر أبناءها وتمنع عنهم الكثير من الحقوق الأساسية، وأهمها الصحة والتعليم. محمود خليل (35 عاماً) لم يختر هذه الحياة، فقد ولد في مخيم البرج الشمالي للاجئين الفلسطينيين، في صور، جنوب لبنان، في عائلة فقيرة بالكاد تستطيع تأمين قوت يومها.

يقول محمود: "أنا واحد من تسعة أفراد في عائلتنا. كثرة عددنا منعتني من متابعة تعليمي. والدي توفي عندما كنا صغاراً، وكانت حياتنا قاسية جداً، فاضطررت إلى ترك المدرسة وأنا في الصف الخامس الأساسي، لأساعد في إعالة أسرتي. في البداية عملت مساعداً لبلاّط، ولفترة طويلة في الباطون (الإسمنت)، ثم في جرف حقول الحمضيات وغيرها، وبعدها عملت في قطاف الليمون شأني شأن أهل المخيم جميعهم، أكانوا خريجي جامعات، أو غير متعلمين".

يضيف محمود أنّ الوضع في المخيم صعب جداً، وإن لم يكن الشخص منتمياً إلى فصيل سياسي فلا أحد يعيره اهتماماً: "أجبرتني الظروف على سرقة كاميرا لصديقي وبيعها بمبلغ مائتي دولار أميركي لأدفع لأخي ثمن علاجه في المستشفى، إذ وقع وكسر رجله واحتاج إلى عملية. فقد قرعت أبواب كثيرين، لكنّ أحداً لم يقدم لنا المساعدة، فاضطررت إلى السرقة، وبعدها دفعت الثمن من سنوات عمري، فقد سجنت لمدة أربع سنوات، لكن بعد خروجي من السجن صار الناس يهابونني. فالآدمي والفقير ليس لديهما من يقف إلى جانبهما".

يتابع محمود قصته: "بعد خروجي من السجن لم أعمل، كنت فقط أعيش لنفسي، فأوفر المعسل للنارجيلة ويكفيني ذلك. لكن بعد زواجي فتحت مقهى يجتمع فيه يومياً أكثر من ثلاثين شخصاً ونبقى فيه حتى ساعات الفجر الأولى". معظم الزبائن كما يقول محمود هم من الخريجين الجامعيين الذين لم يجدوا فرص عمل لهم في اختصاصاتهم. ورق الشدة (كوتشينة) صديقهم طوال الليل. ندفع عمرنا من أجل تحقيق مستقبل زاهر لكنّ سياسيينا يبيعون قضيتنا". وعن يومياته، يقول: "قبل أن أفتح المقهى كان الجيران يحبونني، لكن بعدها بات بعضهم يشتمني أو يتحاشاني، بسبب الأصوات الصادرة عن الشبان ليلاً، لكن ماذا بإمكاني أن أفعل؟ هل أبقى بلا دخل ليرتاح الجيران؟ عائلتي تحتاج إلى قوت يومها، وعائلتي هي الأهم في هذه المعادلة".

وعن زواجه يقول محمود: "منذ سنة ونصف سنة تزوجت من امرأة سورية، وحتى اللحظة لم أتمكن من إنهاء معاملات الزواج الخاصة بنا، وهي الآن حامل، وما أخشاه هو احتمال العملية القيصرية، إذ لن أتمكن من تأمين المبلغ المخصص للعملية".
المساهمون