ميس البسطامي.. لاعبة كاراتيه من غزة لم تهزمها الحرب ولا النزوح

07 يوليو 2024
لاعبة الكاراتيه الفلسطينية ميس البسطامي في مصر، 25 يونيو 2024 (خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -

غداة تتويجها بطلة في الكاراتيه للعام الماضي في قطاع غزة، استيقظت اللاعبة الفلسطينية ميس البسطامي وقد بدأ الاحتلال عدوانه على قطاع غزة. فنزحت مع عائلتها إلى جنوبي القطاع ومنه إلى القاهرة، بعدما هجّرتهم آلة الحرب الإسرائيلية، لكنّ ذلك لم يمنعها من مواصلة السعي وراء حلمها في الرياضة.

وتخبر ميس البسطامي البالغة من العمر 18 عاماً وكالة فرانس برس، من محل إقامتها الجديد في شرق القاهرة، أنّ في السادس من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، جرت مباريات بطولة كاراتيه و"قد تُوّجت بالمركز الأوّل". تضيف: "كان يوماً للتتويج، لكنّني لم أتمكّن حتى من تعليق ميدالياتي في المكان المناسب بالمنزل". وتتابع الشابة أنّ "في السابع من أكتوبر، في الساعة السادسة والنصف صباحاً، وُلدتُ إنساناً آخر في حياة أخرى... وكلّ ساعة تمرّ علينا نكبر فيها سنة"، مشيرةً إلى أنّ "خرجنا من المنزل ولم نحمل معنا أيّ شيء ولا أيّ تذكار".

وكانت ميس البسطامي المقيمة في شمال قطاع غزة قد تنافست، عشية اندلاع الحرب الإسرائيلية، مع مواطناتها في بطولة للكاراتيه على مستوى القطاع من شأنها أن "تؤهّلنا لبطولة فلسطين" التي تشمل قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة. وتلفت الشابة الفلسطينية إلى أنّ "منذ اللحظة الأولى (من الحرب)، رحنا نفقد أشخاصاً. والساعة الواحدة كانت تفرق معنا. في الأيام العشرة الأولى، فقدت مدرّبي جمال الخيري وحفيدته التي كانت تتدرّب معي".

إصرار ميس البسطامي مصدر للأمل

تقول ميس البسطامي: "نزحنا كثيراً في القطاع قبل أن نتوجّه إلى الجنوب... ولا مكان آمناً في الجنوب ولا في الشمال"، مؤكدةً أنّ "الخطر كان في كلّ مكان". وتقرّ أنّه بمجرّد وصولها إلى العاصمة المصرية في 20 إبريل/ نيسان الماضي، وبعد أن أعادت مع أفراد عائلتها ترتيب حياتهم الجديدة هناك، فإنّ العودة إلى تدريبات الكاراتيه هو أوّل ما شغل تفكيرها بعد الاطمئنان على الأقارب في قطاع غزة المحاصر والمستهدف. فتواصلت الشابة مع حسن الراعي، أحد مدرّبيها في المنتخب الفلسطيني الذي كان لا يزال في قطاع غزة، وتواصل مع نظراء له في المنتخب المصري لتمكينها من استئناف تدريباتها.

وتؤكد ميس البسطامي أنّه "بعد أسبوعَين من وصولي، سُجّلت فعلياً في النادي، بمساعدة مدرّبي المنتخب الفلسطيني والمنتخب المصري بالتأكيد"، لافتةً إلى أنّ "الكابتن سيد سالم والكابتن ممدوح سالم هما اللذان يدرّبانني في مصر في الوقت الحالي... هما تبنّياني منذ وصولي ويحاولان تطوير أدائي حتى أتمكّن من المشاركة في البطولات المقبلة". وتشير إلى أنّ "إصراري يعطيهما أملاً كبيراً، وإن شاء الله سوف أكون أفضل ممّا يتخيّلان"، علماً أنّها تعتزم المشاركة في "بطولة الجمهورية للكاراتيه" في مصر المقرّرة في أغسطس/ آب المقبل.

وأمام منزل عائلتها الواقع في تجمّع سكني راقٍ، ارتدت ميس البسطامي زيّ التدريب وراحت تركض لتحمية نفسها قبل البدء بتدريباتها، خصوصاً أنّ موقع سكنها محاط بالأشجار والمساحات الخضراء. ولا تخفي الشابة الفلسطينية أنّ "عندما وصلنا إلى القاهرة، رحنا نبحث عمّا يشبهنا. لذا اخترنا هذه المنطقة. نحن كنّا نعيش في برج سكني وفي منطقة تشبهها في غزة". لكنّ كلّ ذلك لا يحدّ من اشتياق ميس البسطامي إلى أصدقائها وكذلك إلى الأماكن التي كانت تمارس فيها رياضة الكاراتيه في قطاع غزة. وتقرّ بأنّ "التدريب كان مختلفاً. كنت أشعر بسعادة أكبر. وكلّ يوم جمعة، كنت أذهب لتلقّي التدريب على البحر مع زملائي".

ميس البسطامي: تمثيلي فلسطين مسؤولية وطنية

وترى ميس البسطامي أنّ ممارستها الكاراتيه في مصر يُعَدّ "تحدياً صعباً، لكنّه سوف يرفع من مستوى المنافسة"، لافتةً إلى أنّ عدد لاعبي الكاراتيه في مصر يفوق عددهم في فلسطين، كذلك فإنّ "اللاعبين في مصر يتفوّقون تاريخياً على نظرائهم في فلسطين".

في سياق متصل، يقول مدرّب الكاراتيه المصري ممدوح سالم لوكالة فرانس برس إنّ ميس البسطامي "لاعبة لديها إمكانيات وتمتلك الإصرار وملتزمة جداً، لكنّنا نحن نعمل على معالجة أخطاء في الأسلوب، نظراً إلى أنّ مستوى الكاراتيه في فلسطين أضعف ممّا هو عليه في مصر". يضيف أنّ "الكاراتيه لعبة قدرات وليست موهبة، لذلك أتوقّع أن تتميّز ميس في هذه اللعبة". وعن حظوظها في المنافسة دولياً وتمثيل بلادها، يرى سالم "إذ لم نستطع المحاربة إلى جانبهم، على الأقلّ نساعدهم في رفع اسم بلدهم في الخارج".

وفي التدريبات، تحاول ميس البسطامي "الانفصال عن الواقع"، بحسب ما تقول. تضيف: "لكن في بعض الأحيان، تتغلب عليك مشاهد الحرب وما تعرّضنا له من ضغوط واضطرارنا إلى النزوح سيراً على الأقدام والقصف يميناً ويساراً... فأتوقّف عن التدريب". ولا تخفي أنّ "مشاعر متعلقة بالاشتياق إلى أجواء تدريبنا (في غزة)" تغلبها أحياناً، كما تشتاق إلى "اللاعبين وإلى كبارنا في البلد... كلّها أمور صعبة".

ترفض ميس البسطامي أن تكون مجرّد "قصة عابرة خرجت من غزة" بحسب وصفها، وهذا ما يدفعها إلى عدم الاستسلام من أجل "إبقاء القضية الفلسطينية دائماً في الميدان، بقدر ما أستطيع". وإذ تؤكد: "أنا لاعبة كاراتيه ولن أترك اللعبة بين يوم وآخر من دون إنجاز"، تتساءل "لماذا أتوقف؟". في ما يتعلق بها، فإنّه بمجرّد "وصولي إلى مصر، لم تعد أيّ حجة تمنعني من تحقيق هدفي". وتكمل أنّ "ما أستطيع تقديمه لبلدي وللشهداء والجرحى هو مشاركتي في البطولات وتمثيلي فلسطين"، مشدّدةً "هذه مسؤولية وطنية".

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون