تُسجَّل في المغرب محاولات بطيئة إنّما حازمة لتقديم عناية إلى هؤلاء المسنّين الذين يحتاجون إلى اهتمام كبير ورعاية إنسانية ونفسية وطبية، هؤلاء المصابين بمرض ألزهايمر. ويأتي ذلك من خلال مراكز ومؤسسات وجمعيات تنشط في مجال رعاية هؤلاء الذين تلفت ذاكرتهم ووظائفهم الإدراكية.
قبل أشهر، تحديداً في مايو/ أيار الماضي، افتُتح مركز الاستقبال النهاري لمرضى الألزهايمر في العاصمة الرباط، ومهمته دعم هؤلاء المرضى ورعايتهم. والمركز مثلما يدلّ اسمه، يستقبل المصابين بما يمكن تسميته "خرف الشيخوخة" خلال ساعات النهار فقط، ليرعاهم طاقم طبي (بدني ونفسي) متخصص ويلبّي حاجاتهم ويرشد عائلاتهم ومرافقيهم. يُذكر أنّ جمعية "ماروك ألزهايمر" (الجمعية الوطنية المغربية لمرض الألزهايمر) تدير شؤون المركز بالتعاون مع وزارة الصحة ومؤسسة التعاون الوطني، فيما تموّله مؤسسة محمد الخامس للتضامن، وهي مؤسسة رسمية تعنى بمبادرات التضامن الاجتماعي ومساعدة الفقراء والفئات الهشة.
في حيّ النهضة في الرباط، وسط عدد من الشقق السكنية، يقع مركز الاستقبال النهاري لمرضى الألزهايمر في بناية صغيرة أنيقة، ويضمّ طاقماً طبياً وآخر تقنياً يرحّب أفرادهما ببشاشة بالضيوف والزائرين، ويمدّونهم بكل الشرح والمعطيات اللازمة، فيما يحرصون على الحفاظ على كرامة المرضى وخصوصياتهم وكذلك على أدقّ التفاصيل التي تؤمّن لهم الراحة.
يفيد القيّمون على المركز، وقد تحفّظوا عن الكشف عن هويّتهم لـ "العربي الجديد"، بأنّ "هذه المؤسسة الطبية والاجتماعية هي الأولى من نوعها في المغرب، لجهة استقبال المرضى نهاراً. وهي تستقبل اليوم عدداً محدوداً من المصابين بمرض ألزهايمر في طوره الأول وطوره الثاني غير المتقدّمَين، على أمل أن تتمكّن من استيعاب عدد أكبر يصل إلى المائة بحلول العام المقبل". ويشرحون أنّ "الأولوية حالياً هي لتنظيم المهام وتنسيقها من أجل تأمين استقبال لائق للمرضى ومنحهم الرعاية اللازمة، بالإضافة إلى مدّ مرافقيهم وعائلاتهم بما يلزم من إرشادات ونصائح. وهو ما يفسّر التركيز على استقبال الحالات غير المتفاقمة فقط".
ويقوم عمل المركز على مبدأ "التكفّل المزدوج"، فيأتي التكفّل الأوّل للمرضى أنفسهم الذين يعانون من الألزهايمر في مراحله الأولى عبر مساعدتهم على إنعاش ذاكرتهم بطرق علمية حديثة، والثاني للأسر والمرافقين بهدف تزويدهم بدليل للتعامل السليم والصحي مع تلك الحالات. والمركز بحسب القيّمين عليه، يحرص على "الدمج بين الطبي والاجتماعي والوقائي والعلاجي. وهو لا يقدّم الأدوية إلى مرضاه بقدر ما يعمل على تحفيز وظائفهم المعرفية. كذلك يقدّم إليهم علاجات في الطب العام والطب النفسي وطب الأعصاب والمجال النفسي الحركي، بالإضافة إلى تقويم النطق".
في السياق، يشدّد عضو جمعية "ماروك ألزهايمر" الدكتور محمد بوتبوشت على أنّ "الأساس في علاجات هؤلاء المصابين بالألزهايمر داخل المركز، يتمثّل في صون كرامتهم الإنسانية والعناية بهم والرفق بأحوالهم، إذ من شأن ذلك أن يحسّن ذاكرتهم المتدهورة بسبب التقدّم في السنّ". يضيف أنّه "لا يجب على الأسر أن تخجل من مرضاها، بل عليها مساندتهم والوقوف إلى جانبهم ومرافقتهم ومنحهم مشاعر إيجابية".
ومركز الاستقبال النهاري ليس الجهة الوحيدة الناشطة في المغرب في هذا المجال، بل ثمّة مراكز أخرى، أحدها داخل مستشفى مدينة الصويرة، وقد أنشئ بشراكة ما بين جمعية الصويرة موكادور والمبادرة المتوسطية لمرض ألزهايمر وجمعية جنوب المغرب ألزهايمر وجمعية قلب الغزال. وهو يهدف إلى إرساء بنية صحيّة لاستقبال المرضى وعائلاتهم، إلى جانب دعم البحث العلمي حول المرض. ويعمل المركز بحسب المشرفين عليه، على "إجراء اختبارات للذاكرة وتقديم خدمات رصد وتوجيه، بالإضافة إلى مرافقة المرضى وعائلاتهم. كذلك ثمّة وحدة خاصة بالأبحاث الطبية للتعرّف أكثر على هذا المرض في المغرب". ويؤكّد هؤلاء المشرفون على أنّ المركز يحرص على "استقبال كل مريض بطريقة خاصة، بالإضافة إلى الإنصات إلى عائلته وأقربائه بهدف تحقيق حدّ أدنى من الاستقلالية له".