التوعية أولى الخطوات في الكويت

21 سبتمبر 2017
خمسة في المائة من مسنّي الكويت مصابون (سبنسر بلات/Getty)
+ الخط -

بعد ازدياد عدد المسنّين في الكويت وارتفاع معدّل الأعمار فيها ليصل إلى 78 عاماً، على خلفيّة جودة الخدمات الصحية المقدّمة إلى المواطنين بالإضافة إلى أسلوب الحياة الحديث في البلاد، راحت تُسجّل حالات أكثر من مرض ألزهايمر بين الناس.

بهدف الإحاطة بذلك المرض الذي يصفه البعض بـ "الحديث"، أنشأت وزارة الصحة الكويتية مركزاً متخصصاً لعلاج مرض ألزهايمر في مستشفى الصباح التخصصي، وهو واحد من أكبر مستشفيات البلاد. وتحاول الوزارة جاهدة تحديد عدد المصابين بهذا المرض في الكويت عبر إجراء فحوصات لزائري عيادات المسنّين المنتشرة في مستشفيات البلاد، لكنّها ما زالت تعاني بسبب انخفاض الوعي لدى الناس حول هذا المرض، الأمر الذي يؤدّي إلى عدم توفّر سجلات رسمية حول عدد المرضى. لكنّ الألزهايمر يمثّل 70 في المائة من نسبة حالات الخرف في الكويت، بحسب تصريح سابق لمدير إدارة خدمات كبار السنّ في محافظة حولي الدكتور إبراهيم الحمادي.

في السياق، أطلقت الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية في الكويت مشروع توعية حول مرض ألزهايمر في البلاد، في عام 2011. ويقضي المشروع بتوعية كبار السنّ المصابين حول هذا المرض وكذلك توعية أقربائهم، عبر توجيههم إلى كيفية التعامل معه وكيفية وقف الحدّ من تفاقمه. يأتي ذلك من خلال ندوات شهرية ونصف سنوية ينظمّها المعنيون، بالإضافة إلى توزيع كتيّبات ومطويات في ذلك الإطار.

تقول رئيسة مجلس إدارة الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية، لولوة الملا، لـ"العربي الجديد" إنّ "مشروع التوعية حول مرض ألزهايمر أُطلق من قبل الجمعية لهدفَين اثنَين، الأوّل توعية الناس حول مدى خطورة المرض وكيفية التعامل معه، أمّا الثاني فمساعدة المصابين به على السيطرة عليه وعلى تبعاته الخطيرة وسط عجز أسر كثيرة تضمّ أفراداً مصابين به، خصوصاً أنّ خمسة في المائة من المسنّين في الكويت مصابون بهذا المرض وفق إحصائية أصدرتها وزارة الصحة عام 2010". وتوضح الملا أنّ "الجمعية تنظم ورشا تدريبية ومحاضرات تثقيفية ونشاطات اجتماعية في مقرّها، فتساعد المرضى بالتعاون مع وحدة علاج المسنّين في وزارة الصحة وكلية الطبّ في جامعة الكويت. كذلك أصدرنا كتباً للتوعية". وتشير إلى "نقطة مهمة جداً وهي أنّنا نراعي في توعيتنا مقدّمي الرعاية للمرضى من أزواج وزوجات وأبناء وبنات، إذ هم الفئة الأكثر ضرراً، خصوصاً أنّ كثيرين منهم لا يملكون الوقت الكافي للتفرّغ لهم نظراً إلى انشغالهم إمّا بوظائفهم أو بدراساتهم. إلى ذلك، فإنّ كثيرين من العاملين في الخدمة المنزلية لا يوافقون على العمل في خدمة هؤلاء المرضى بدعوى تقلّب مزاجهم وصعوبة أطباعهم".



بحسب بيانات نُشرت في إطار مشروع التوعية حول الألزهايمر، فإنّ ما نسبته 59 في المائة من مقدّمي الرعاية معرّضون للإجهاد العاطفي، كذلك فإنّ 39 في المائة منهم معرّضون للإصابة بالاكتئاب نتيجة صعوبة التعامل مع المريض.

يقول الباحث الاجتماعي خليل خالد لـ "العربي الجديد" إنّ "المشكلة في مرض ألزهايمر هي انعدام الوعي الشعبي حوله، فكثيرين يرونه كمرحلة طبيعية من مراحل الشيخوخة فيهملون بالتالي المصاب به ولا يصطحبونه إلى المستشفى". يضيف أنّه خبر ذلك "من خلال ما عايشته مع جدتي في طفولتي، إذ كان الجميع يتحدّث عن إصابتها بالخرف إلى أن توفاها الله. وعندما كبرنا، أدركنا أنّها كانت مصابة بالألزهايمر وأنّ جهلنا وعدم معرفتنا بخطورة هذا المرض وتوفّر أدوية للحؤول دون تفاقمه أضرّها وجعلها تموت ببطء وألم". يضيف خالد أنّه "من المهم كذلك إقناع المريض وتوعيته حول التعامل مع حالته بواقعية وإخبار الطبيب المتخصص بالأعصاب والمخ بكلّ تفاصيل القصة وعدم إنكارها خوفاً من اهتزاز الصورة أمام الناس. فثمّة أدوية تساعد المرضى على السيطرة على حالتهم، كذلك فإنّ كلّ تأخّر في مراجعة الطبيب قد يصعّب المهمة أكثر".

تجدر الإشارة إلى أنّ الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية تأسست في ستينيات القرن الماضي، ولا تقتصر نشاطاتها في المجال الصحي على مشروع التوعية حول مرض ألزهايمر فحسب، بل تيمتدّ إلى نشاطات أخرى تهمّ المرأة الكويتية والوافدة عموماً. فهي أنشأت نادي الأمل الذي يختصّ بدعم مرضى السرطان وألّفت فريقاً للتوعية حول سرطان الثدي، بالإضافة إلى نادي الأصدقاء وهو الأوّل من نوعه في الخليج العربي لدعم النساء اللواتي يتلقينَ علاجات في مستشفيات تُعنى بالصحة النفسية في الكويت.