قصيدتان لـ"رشيد الخديري"

16 مارس 2015
خالد حافظ، مطر استوكهولم
+ الخط -
إِيمُولا*

مَا الذِّي تَرَاهُ العَيْنُ تُنْكِرهُ الحَوَاسُّ
ومَا هَذَا الذِّي يُرَى أُفُقٌ سَجَّادَةٌ
فُصُولٌ منْ سِفرٍ الرُّؤْيَا
غَابَةُ أَشْوَاقٍ
طُيُورٌ منْ وَرَقِ النَّيْلوفر
أَنْصَعِقُ أَنْسَكِبُ أَدْخلُ إلى ذَاتِي
أُحَرِّرُهَا منْ حُمقِ التَّآَويل،
وأَنْخَطِفُ خَلْفَ مَجَازَاتِهَا
وإَيمُولا،
الظِّلُّ و نَقِيضُهُ
انْدِلاَعُ العِشْقِ في أَعْيُنِ الجَمِيلاتْ
حِكَايَةُ مَدِينَةٍ لَبِسَتْ تَارِيخَهَا، وسَاحَتْ في دُرُوبِ المَجَازِ،
هَا قَدْ تَرَبَّعْتُ عَرْشَ الشُّعَرَاء: سَأَكُونُ اللَّيْلَةَ طَرَفَة بنُ الوَرْد،
سَلاماً لِخَوْلَةَ حينَ تَلُوحُ،
سَلاماً لِيَدٍ تُنَاوِشُ النُّجُومَ،
وسَأَكُونُ الحُطَيْئَةَ أَهْجُو العَالَمَ، أَهُجُرُ امْرَأَتِي حَتَّى حِين،
وسَأَكُونُ أَحَدَ القَيْسَينِ، أَكْتُبُ رَسَائِلَ حُبٍّ إِلَيَّ،
سَأَكُونُ مَا أَكُون،
وإِيمُولاَ،
مَوَائِدُ لُغَةٍ عَلاَمَاتُ تَرْقِيمٍ تَرَاتِيلُ عِشْقٍ
هُنَا،
حَنَاجِرُ الشِّعْرِ تُضِيءُ زُقَاقَ
"أَيْتَامو"
رَأَيْتُ الحِكْمَةَ تَخْرُجُ منْ رَأْسِ أَرسطُو فان قَصِيدَةً يَصْقِلُهَا محمد عَلي الرَّبَاوِي
رَأَيْتُ أَجْسَاداً مَرْفُوعَةً علَى أَعْمِدةٍ منْ دُخان،
رَأَيْتُ طُيُوراً
تُرَتِّلُ آَخرَ مَوَّالٍ لمُحمد رويشَة،

مَا الذِّي تَرَاهُ العَيْنُ تُنْكِرهُ الحَوَاسُّ
ومَا هَذَا الذِّي يُرَى أُفُقٌ سَجَّادَةٌ
فُصُولٌ منْ سِفرٍ التَّكوِينِ
غَابَةُ أَشْوَاقٍ
طُيُورٌ منْ وَرَقِ النَّيْلوفر
و إِيمُولا-
اَلْبُومُ صًوَرٍ كِتَابُ غِوَايَةٍ سلاَلِمُ ضَوْءٍ
كُلُّ مَا فِيكِ يُبَعْثِرُنِي،
أَنْصَعِقُ
أَنْسَكِبُ أَدْخُلُ إلى ذَاتِي أُحَرِّرُهَا منْ حُمقِ التَّآَويل،
وأَنْخَطِفُ خَلْفَ مَجَازَاتِك.



* إيمولا تعني" الظلال".



سَلاَلِمُ ضَوء


-1-
الشِّعرُ تَمرينٌ
الشِّعرُ هوَسٌ
الشِّعْرُ ليسَ شيْئاً آَخَرَ غيرَ عَزْفٍ
على آَلَةِ الجُنُونْ
جَسَدٌ طِبَاقٌ-
جسدٌ يَتَحَرَّكُ في بركةٍ منْ لهبٍ، أَيُّهَا الجَسَدُ الطُّوفَانُ الذِّي أَدْخلُ فِيهِ أَخْرُجُ مِنِّي صَلْصَالاً يَتَلَوْلَبُ في عَطَشِ المَحْوِ.
-2-
عَجَبِي من مُؤَرِّخٍ يَخُطُّ موَاعِظَ الرِّيح، دُونَمَا مُرَاعَاةٍ لِيُتْمِ الرَّمال .
-3-
ظَنّي أنَّنِي أتثاءَبُ وأُصَاحِبُ ليْلِي
في دغلِ الإشارات، ظنِّي أنني مُقِيمٌ في الزَّمنِ المَخْمَلِي، ولي جناحي طائرِ من نورٍ، أهيَ يدُ الحطَّابِ ترْسُمُ ظلالاً عينهُ التي ترى قمراً نُحاسياً يَهبطُ منْ بلادٍ غريبةٍ لمنْ تُشعلُ رؤاكَ أيُّها المُسافرُ يا أوّل اليُتْمِ؟ كيفَ تُزاوِجُ بينَ يُتْمِي وتاريخَ الإِنْسَان؟
أَقُولُ لِـ" أَنَايَ" التي لَمْ أَلْتَقِ بها بعدُ: كُونِي مُنْتَهَايَ، وآَخرَ مُشْتهَاي، لَنَا شَجرٌ يُؤَرِّخُ دمَ السُّلاَلَةِ لَنَا حجلٌ يَحْمِلُ رَسَائِلَنَا إلى الغُرَبَاء لَنَا مَا لَنَا منْ رَمْلٍ الكَلِمَاتْ.
-4-
... وكَأَنَّني أسبحُ في بِركةٍ من لهبْ،
رأْسِي مدخنةٌ جسدِي فضاء
ومن تكونُ أيُّها المتَحَجِّبُ خلفَ
سلالمَ ضوءٍ
حلماً
أم ذاكرةً تتهادى، تجفلٌ في لجَّةِ الخطفِ
أقولُ،
دعْ روحي تُهنْدِسُ خرائطها، يا إنكيدو
يا سفري الأخير في كِتَاب الشقاء.
في ها الأفقِ الأَخضَر،
-5-
ها المطرُ يسَّاقَطُ في داخلي
أنا ظامِئٌ
لم أرتَو منكَ بعد.
-6-
أين أنتَ يا رشيد، هل رصدتَ خطَاياك؟
كلَّ خطَاياك،
حتَّى التِّي اندفَنَتْ خلفَ المَدى،
وضلَّلَتْ خُطاك،
أينَ أنتَ يا آخرَ الحطَّابينَ،
احملْ فأْساً
كنْ أكْثَر بأْساً
منْ سُرَاةِ الَّليلِ هناك،
أينَ أغانِيكَ القَدِيمة، أينَ وَصَلَتْ رُؤَاك؟
الزَّمنُ حبرٌ
المجازُ منْفاك،
أينَ أنت، أيُّهَا الطَّائشُ القَلِقُ، الحالمُ النَّزقٌ، المنذورُ للهلاك،
-7-
وكأنَّنِي مَكشُوف القَلْبِ واللِّسَان،
أخبِّئُ أَسرارِي في صَدر امرأةٍ، أُهادنُ طبعَ المَاءَ في عُنفوان النَّهر، - خَطْوِي يشِعُّ في طَرِيقِ العرفانِ، لا لغةَ لِي إلَّا ما اشتَهَيْتُ من مفرداتِ النَّدى،
لا لُغةَ لي
إِلَّا جَسَدِي
أقولُ لامرَأَةٍ تقيسُ خطْوِي:
هذهِ أنتِ، ضوءٌ ينثَالُ من بينِ الأَصَابِعْ،
خُطِّي بحبرِ القلب آخرَ فصلٍ،
سأختارُ دوراً صغيراً في الرِّوَاية،
مرّةً أكونُ حطَّاباً
يُحَقِّبُ أنفاسَ الشَّجَرْ
مرّةً شاعراً ينْكَتِبُ قصيدةً نثرِيةً
أَكثَرُ جُمُوحاً منْ سوزان برنار،
أكونُ ما سأَكُونُ،
فقطْ، خُطِّي اسمكِ في سمائي
لأبدوَ أكثرَ علوّاً من سمَاءكْ.
-8-
تخطَّاني يا حدسي،
وارمِ نردكَ في لججِ المعنى،
تَهَجَّانِي يا حرفِي، واكْتُبْنِي قصيدةً من هبَاء
الخُطوةُ الثانية،
أن أعتِقَ جسَدِي من خُطوَتِهِ الأولَى

-9-
السروةُ التّي نبتَتْ هنا،
أَغْصَانُهَا في الفَضَاءْ
-10-
كم هو ملِيءٌ بالثُّقوب هذا الجسدْ
-11-
أَنْصَعِقُ،
منْ هَذَا الإِنْشَادِ الرَّمْبَوِي،
سِفْرٌ واحِدٌ فقطْ،
سِفْرٌ وَاحِدٌ يُشْعِلُ كُلَّ حَطَبِ هَذَا الوَقْت.
-12-
قلتُ: الضوء
قال: الأفقُ المُشْتَهى
وانصقلنا معاً في سؤال المرايا.
-13-
سَأَرْمِي نَرْدِي نَحْوَ شُمُوسٍ تتوَسَّطُ الفَضَاء، وِلاَدَتِي الأُولَى منْ بُذُورِ – أَقْوَاسٌ منْ بُخُورٍ و أَدْعِيَة، نَهْرٌ منْ فِضَّةٍ عِبَارَاتُ التَّهَانِي ويَدٌ عُلْوِيَةٌ تُلَوِّحُ جئْتُ لِأَتنَاثَرَ في اللانِهَائي طِفْلٌ يَهْجِسُ في الغِيَاب.
-14-
لمْ يَنْبُتْ منْ جَسَدِي وَرْدٌ
لمْ أَحْمِلْ شُمُوساً
لمْ أرَ غيرَ الظَّلاَمْ.
المساهمون