قصة محمد.. بين لجوء الكنيسة ونادي الروتاري

01 نوفمبر 2015
حكايات عن الاستقطاب الديني للوافدين الجدد من السوريين(فرانس برس)
+ الخط -
بين قصة "محمد"، التي روتها صفحة "العرب في أوروبا" على موقع فيسبوك، والتي تختصر في أنه بعد وصوله إلى النمسا بشهر واحد، تعرف على شخص نمساوي قدم له المساعدة العينية ثم أخذه "إلى نادي الروتاري" عارضا على أصدقائه أن يقترحوا كيفية مساعدة هذا الشاب السوري القادم حديثا، وقصص أخرى تعمي العيون من كثرة رذاذ الفلفل الأسود على طبخات كتابة آخر الليل، شيء يقلق...
الآلاف تناقلوا قصة محمد وبزيادة متدحرجة وصلت حد أن الشاب صار نمساويا خلال 7 أشهر "بقرار من قاض" بحسب استدارة دولاب القصة.
قبل قصة محمد كانت تصريحات سياسية غربية وشرقية في أوروبا توحي وكأنها لن تمنح لجوءاً وإقامات إلا لمسيحيين، ثم جاءت تقارير رسمية دنماركية وغيرها عن أن بضعة عشرات يتقدمون باللجوء على أنهم قد تحولوا إلى المسيحية، ليحصلوا على الإقامة "مخافة الملاحقة إن جرى إبعادهم إلى أوطانهم الأصلية"، بحسب ما ذهبت إليه صحف رسمية وليس مواقع فيسبوك.
في الحالتين ثمة مصيدة لسفر مشبوه... فانهالت الدعوات على / لـ المقدمين على تلك الخطوات... وفي الواقع الحقيقة تذهب "بين الرجلين" كما يقول المثل الشعبي الذي يعشق
أيضا بهارات القصص حتى لو شاطت.
ما من شك في أن البعض لديه قابلية تصديق قصص مشوقة كأن يكون "الروتاري" يعمل بانتظام كذراع للماسونية "لسرقة شبابنا" على ما يذهب بعضهم، وبالتالي وحتى لو لم يصح بأن وثيقة السفر التي حملها "محمد" بما يشبه سيلفي توكيد روايته المنقولة من النمسا بأن القاضي قال له : أنت لا تستحق لجوءاً بل أنت نمساويٌّ الآن" لا تحمل أي ملمح من جواز السفر النمساوي إنما وثيقة لجوء وفق معاهدة جنيف فلا يزال البعض يردد: بلى يمكن لك أن تنضم للماسونية وبالتالي يمنحونك جنسية أي بلد!
من الطبيعي جدا أن تنتشر في "سفر مشبوه" قصص وروايات تجعل "عاليها واطيها" وتدس في عيوننا المزيد من الدموع المسالة بكثير من الرذاذ... فمن هو هذا القاضي الذي يمنح شخصاً دخل للتوّ بلاده جنسيتها؟
في إحدى ممالك أوروبا، تزوج ذات يوم ابن ملكة، وولي عهدها، من إنسانة أجنبية ومن عوام ناس بلدها، احتاج منح تلك الزوجة استثناءات برلمانية وقانونية وتصديقات وتعقيدات لغوية نحن بغنى عن ذكرها هنا... فهل لنا أن نتخيل حقا بأن قاضياً في دولة تفصل بين السلطات، يعجب فيها رجال نادي الروتاري بمحمد، فيأخذونه بحسب القصة إلى كنيسة ليعلموه المزيد من اللغة ثم يعرضوه كبضاعة أمام قاض ليجري "ختمه" باندهاش: "اذهب يا محمد فأنت نمساوي الجنسية الآن، لأني اعتقدتك المترجم لشدة إتقانك اللغة الألمانية"....
رحمة بعقولنا من السفر المشبوه في أدمغتنا، فيكفي أن الغربة شوهت المشوه، فلا تزيدوا طين الرحيل وحلا، فيظن البعض بأن أندية الروتاري هي العنوان... مثلما ظن البعض ذات يوم بأن الكنائس في كوبنهاغن كذلك...


دلالات
المساهمون