قانون الإرهاب في اليد

01 مارس 2015
+ الخط -
في مملكة الدنمارك قانون "مكافحة الإرهاب"، جرى تبنيه بعد 11 سبتمبر/أيلول 2001. مختصره أن الشخص يمكن أن يحاكم بناء عليه حتى إذا "تفوّه بما يشي بأنه يتضامن مع عمل يعد إرهابياً".
ما معنى الإرهاب وفق قوانين مكافحته؟
الإجابة ليست من عندنا، بل في تطبيقات مرتبطة باعتقال وحكم حتى على من يعلق بابتسامة وإعجاب بعمل ما في عرف المملكة "إرهابي". حرية التعبير والرأي مصانة ولكن. يمنع عليك مثلاً أن تقول إنك تساند حركة مقاومة ضد الاحتلال. ذلك قد يدخلك إلى ملاحقة قانونية: "معاداة السامية والتحريض على الإرهاب والعنف ضد اليهود". فكيف لو كان الموقف صادراً عن شيخ أو إمام مسجد؟
سيوصف مرتادو ذلك المسجد بأنهم مشجعون على "الإرهاب". حدث ذلك مع مسجد معروف في مدينة وسط البلاد. حتى حين كان يساريو الدنمارك يؤيدون الجبهة الشعبية جرى تجريمهم بالإرهاب بُعيد مقتل رحبعام زئيفي. إذاً، لا فرق أن تتعاطف مع حركة إسلامية أو يسارية أو حتى قومية عربية.
في المقابل، ذهبت الصحافة باندفاعة تشبه الحملة الشعواء إلى اعتبار ما جرى في كوبنهاغن يوم 14 فبراير/شباط "العمل الإرهابي الأكبر منذ 25 سنة". أي منذ حدوث مهاجمة بعبوات ناسفة في 1985 على مكاتب شركات طيران العال وبان أم وغيرها.
إن الإرهاب هنا فضيلة قومية. فدعوة عضو سابق في حزب اليمين ومسؤول بيغيدا نيكولاي سينل في المملكة لمواطنيه بتعلم "المصارعة والقتال والانضمام إلى الدفاع المدني" (لحمل السلاح) من أجل محاربة المد الإسلامي لم يعتبرها القانون إرهاباً.
الإرهاب الذي كلف منذ عام 1990 حياة 300 شخص بحملات عنصرية وعنيفة ضد المهاجرين في كل من السويد والنرويج وألمانيا وفرنسا، لم يُسمَّ إرهاباً مثلما لم يُسمَّ قتل 3 من العرب في نورث كارولاينا.
في العقل الغربي، ومنه الدنماركي، فإن المدني الذي يُقتل "من قبل الأعداء" هو ضحية عمل "إرهابي". الفاعل في أية حال هو "منهم" و "ضدنا". و "نحن" تشمل حتى الإسرائيليين المحتلين "باعتبارهم متحضرين مثلنا" وليسوا همجيين "مثلهم".
في الواقع تلك القراءة ليست مقتصرة على قراءة العرب لكيفية تصنيف الغرب للإرهاب، فاليسار يرى التعريف في ذات السياق. ولنأخذ مثالاً، يكذب السياسيون ووسائل إعلامهم حين يقفزون عن أفعال إرهابية قام بها نازيون ويمينيون ضد اليسار والمهاجرين دون أن يطلقوا عليها إرهاباً. تخريب مساجد في فرنسا بعد شارلي إيبدو، وغيرها من الدول، هو هجوم ضد "الآخر"، فلماذا يُسمّى إرهاباً؟
منذ 2001 راحت أذرع الأنظمة السياسية المهيمنة في الغرب تتشدق، في سبيل التجييش وإراحة الضمير في صور عشرات آلاف الضحايا المدنيين بطائرات بوش وتشيني والدنمارك وبقية "التحالف المتحضر" تقنع المتلقي: إن الصراع القائم هو بين الغرب والشرق الأوسط، مستثنى منه دولة الاحتلال. الاحتلال تحميه قوانين "مكافحة الإرهاب ومعاداة السامية" من "حرية التعبير".
المساهمون