27 يوليو 2015
دول الثعلب والفلاح
الحسن حرمه (الجزائر)
يتكئ العالم العربي على قاموس سياسي، غني بمصطلحات بروتوكولية وتعاريف سياسية مزيفة، تؤدي إلى استنتاجات خاطئة في فضاء عربي، تحركه نخب سياسية وثقافية مغشوشة، وطبقة تعاني تضخم الأنا الكاريزمية، بكل سيئاتها غير المندمجة والغريبة عن الأطر الحداثية، لصالح ولاءات الدم والعائلة.
ويستدعي هذا القاموس، دائماً، مصطلحات "الشقيقة" و"تطابق وجهات النظر" و"المؤامرة الخارجية والعملاء"، للاستخدام العام عند المنعرجات الحاسمة.
خلال طفولتنا، كانت حقول إدراكنا ثلاثية صافية، تتوزع بين أفلام كرتون "جونغر" لتحرير الأرض من الغزاة "الجبابرة" وسلسلة "ما أحلى أن نعيش في بيت واحد"، وما تيسر من عالم خيالي، خال من الحروب والعنف ونشرات الأخبار وحصاد اليوم من الدماء. مرت السنين. كبرنا، وصغرت أحلامنا الملتوية لصالح أفلام كرتونية واقعية، بلغة الجنوح الدموي للذين فقدوا أطرافهم، أو فقئت أعينهم في تربص الترويض على أصوات الانفجار، ما دام مستقبلهم يحتاج هذا التمرين الاستباقي من مخزون العنف.
في سنة 2015، ما زالت فكرة البحث عن "المراعي الاقتصادية" قائمة دولياً في المستعمرات السابقة، والسيطرة على الثروات الباطنية لشعوب رفعت شعار "الشعب يريد..". السخرية أن قصة "البستاني والثعلب" التي درسناها صغاراً في كتاب القراءة كانت عميقة في دلالاتها السياسية حول نهاية الديكتاتوريات، ولم نكن نحتاج إلى التخصص في العلوم السياسية، أو حتى متابعة الفضائيات والأخبار، لفهم سلوك المنتظمات العربية من درس البستاني والثعلب:
يُحكى أنّ بُستانيًّا كان له بستانٌ يعتني بأشجارهِ كلّ يومٍ. نَمَتْ أشجار البستان و أثمرتْ، فتدلّتْ أغصانها. وذات مساءٍ مرّ بالبستان ثعلبٌ جائع. رأى ثماره الناضجة فسال لعابه، واشتهى أن يأكل منها. لكن، كيف يدخل البستان. بقي الثعلب يدور حول السّور، حتّى وجد فتحة في أسفله، فنفذ منها بصعوبة، وبدأ يأكل الفواكه، حتّى انتفخ بطنه. ولمّا أراد الخروج لم يستطع. قال في نفسه: أتمدّدُ هنا كالميّت. وعندما يجدني البستانيّ هكذا. يرميني خارج السّور ، فأهرب وأنجو. جاء البستانيّ ليعمل كعادته، فرأى بعض الأغصان مكسّرة، والقشور مبعثرة، عرف أنّ أحدًا تسلّل إلى البستان، فأخذ يبحث حتّى وجد ثعلبًا ممدّدًا على الأرض، بطنه منفوخ، وفمه مفتوح، و عيناه مغمضتان.
قال البستانيّ : نلتَ جزاءك أيّها الماكر، سأحضر فأساً، وأحفر لك قبرًا، كي لا تنتشر رائحتك النّتنة. خاف الثعلب فهرب و تخبّأ، وبات خائفًا، وعند الفجر خرج من الفتحة الّتي دخل منها، ثمّ التفت إلى البستان، وقال: ثمارك لذيذة ومياهك عذبة. لكنّي دخلت إليك جائعا...وخرجت منك جائعاً. لذلك، نهاية الطغاة جميعهم مثل الثعلب، سوف يخرجون مثلما دخلوا، جائعين منتفخين، وسوف يرميهم البستاني من فوق السور، لكنهم مثل الثعلب تركوا البستان مبعثراً وفاسداً، وتلك المشكلة الأطم؟
خلال طفولتنا، كانت حقول إدراكنا ثلاثية صافية، تتوزع بين أفلام كرتون "جونغر" لتحرير الأرض من الغزاة "الجبابرة" وسلسلة "ما أحلى أن نعيش في بيت واحد"، وما تيسر من عالم خيالي، خال من الحروب والعنف ونشرات الأخبار وحصاد اليوم من الدماء. مرت السنين. كبرنا، وصغرت أحلامنا الملتوية لصالح أفلام كرتونية واقعية، بلغة الجنوح الدموي للذين فقدوا أطرافهم، أو فقئت أعينهم في تربص الترويض على أصوات الانفجار، ما دام مستقبلهم يحتاج هذا التمرين الاستباقي من مخزون العنف.
في سنة 2015، ما زالت فكرة البحث عن "المراعي الاقتصادية" قائمة دولياً في المستعمرات السابقة، والسيطرة على الثروات الباطنية لشعوب رفعت شعار "الشعب يريد..". السخرية أن قصة "البستاني والثعلب" التي درسناها صغاراً في كتاب القراءة كانت عميقة في دلالاتها السياسية حول نهاية الديكتاتوريات، ولم نكن نحتاج إلى التخصص في العلوم السياسية، أو حتى متابعة الفضائيات والأخبار، لفهم سلوك المنتظمات العربية من درس البستاني والثعلب:
يُحكى أنّ بُستانيًّا كان له بستانٌ يعتني بأشجارهِ كلّ يومٍ. نَمَتْ أشجار البستان و أثمرتْ، فتدلّتْ أغصانها. وذات مساءٍ مرّ بالبستان ثعلبٌ جائع. رأى ثماره الناضجة فسال لعابه، واشتهى أن يأكل منها. لكن، كيف يدخل البستان. بقي الثعلب يدور حول السّور، حتّى وجد فتحة في أسفله، فنفذ منها بصعوبة، وبدأ يأكل الفواكه، حتّى انتفخ بطنه. ولمّا أراد الخروج لم يستطع. قال في نفسه: أتمدّدُ هنا كالميّت. وعندما يجدني البستانيّ هكذا. يرميني خارج السّور ، فأهرب وأنجو. جاء البستانيّ ليعمل كعادته، فرأى بعض الأغصان مكسّرة، والقشور مبعثرة، عرف أنّ أحدًا تسلّل إلى البستان، فأخذ يبحث حتّى وجد ثعلبًا ممدّدًا على الأرض، بطنه منفوخ، وفمه مفتوح، و عيناه مغمضتان.
قال البستانيّ : نلتَ جزاءك أيّها الماكر، سأحضر فأساً، وأحفر لك قبرًا، كي لا تنتشر رائحتك النّتنة. خاف الثعلب فهرب و تخبّأ، وبات خائفًا، وعند الفجر خرج من الفتحة الّتي دخل منها، ثمّ التفت إلى البستان، وقال: ثمارك لذيذة ومياهك عذبة. لكنّي دخلت إليك جائعا...وخرجت منك جائعاً. لذلك، نهاية الطغاة جميعهم مثل الثعلب، سوف يخرجون مثلما دخلوا، جائعين منتفخين، وسوف يرميهم البستاني من فوق السور، لكنهم مثل الثعلب تركوا البستان مبعثراً وفاسداً، وتلك المشكلة الأطم؟