بعد مجموعة فضائح طاولت أعضاء من "الأكاديمية السويدية"، جرى الإعلان في بداية أيار/ مايو الماضي بأن نوبل للآداب 2018 ستحجب هذه السنة، وهو ما يحدث لأوّل مرة منذ إطلاق الجائزة في بداية القرن العشرين. لم يمض على ذلك سوى أسابيع ثلاثة حتى صرّحت "مؤسسة نوبل" أن "التأجيل قد يستمر لفترة أطول" وهو ما يعني أن عودة منح الجائزة باتت أمراً معلّقاً إلى زمن غير محدّد.
يبدو أن هذه الوضعية لم ترض المهتمين بالأدب، وإن أجمعوا على إدانة "الأكاديمية السويدية"، ولكن القرارات الأخيرة تبدو لهم عقوبة جماعية للأدب بشكل عام، باعتبار أن تسليم جائزة نوبل يظلّ الحدث الأدبي الأبرز طوال العام، وإن أشار كثيرون إلى "اعتباطية" الجائزة أو حساباتها السياسية.
مع بداية الشهر الجاري، وتحديداً في الثاني منه، جرى الإعلان في السويد، بمبادرة من كتّاب وصحافيين، أنه سيجري إطلاق "نوبل موازية" هذا العام، وبالتالي تشكيل لجنة خاصة هناك من يصر أن يسمّيها أيضاً بـ"الأكاديمية السويدية". إلى هنا لا جديد، فمرة أخرى تأتي المبادرة من السويد، ومرة أخرى يجري اعتماد شهر أكتوبر موعداً لإعلان الجائزة، ومرة أخرى سيكون تقييم الأدب من خلال تقارير اللجان.
الجديد يأتي ربما من أهم النقاط، وهو خيارات منح الجائزة حيث أنه جرى الإعلان عن بحث عن طريقة اختيار "أكثر ديمقراطية" لتحديد هوية الفائز بنوبل للأدب. المقترح الأولي هو أن يجري تشكيل قائمة بأهم المكتبات والمؤسسات المهتمة بالكتاب في السويد ومن ثم إدماجها في القرار باعتبارها فضاءات أكثر احتكاكاً بالقرّاء من الجالسين على كراسي "الأكاديمية"، ومن المفترض أن يحدّد المشرفون على هذه المكتبات الفائز من بين أسماء قائمة قصيرة يجري استفتاء القرّاء عليها، وسيكون دور "الأكاديمية" الجديدة أقرب إلى إشراف عام وإطلاق توصيات بدل اتخاذ القرارات بشكل منفرد وسرّي.
قد تكون الطريقة ديمقراطية أكثر من المتبعة إلى حد نوبل 2017، لكنها ليست ديمقراطية بالشكل الكافي ففي النهاية هاهي تحكّم رأي القارئ السويدي على مجمل الأدب العالمي، وهذا القارئ يبقى مرهوناً بثقافته الخاصة، ومن الصعب أن نتصوّر شريحة موسّعة من القرّاء السويديين لهم اطلاع خارج ما يصل إلى بلادهم من أدب، جزء كبير منه لم يترجم إلى السويدية، وحتى إلى الإنكليزية في أحسن الأحوال.
من أبرز الأسماء التي أطلقت المبادرة، الناشرة آن بالسون، والباحثة ليزبيث لارسون، ومديرة إحدى المكتبات غونيلا ساندين. ربما نستشعر من هكذا مبادرة أنه توجد مصالح يشعر بها عدة أطراف من وراء نوبل، وبالتالي ينبغي لها أن تستمر، إنها لحظة سنوية يلتفت فيها العالم إلى السويد، ولحظة سنوية تحرّك قطاع النشر، ولحظة سنوية يشتغل فيها الصحافيون والنقّاد وغيرهم، وثروة سنوية تذهب إلى كاتب ما. كل ذلك لا ينبغي إهداره.
لكن من وراء كل هذه التجاذبات والمبادرات، ماذا نفهم؟ هناك الكثير من الألق الذي زال عن جائزة نوبل، منذ فترة ليست بالقصيرة. لماذا لم يفكّر أحد في تغيير قواعد اللعبة منذ زمن، إلى أن سحبت فضائح جنسية البساط من تحت أقدام نوبل؟