بين سليمان خاطر وعمر النايف

03 مارس 2016
+ الخط -
نشأت إسرائيل على أيدي عصابات مسلحة، قامت بقتل وتهجير العرب من أرض فلسطين، حتى يقيموا دولتهم، فيما بعد أصبح قادة العصابات أهم قيادات إسرائيل، وحازوا المجد والمناصب.
انتقل قادة العصابات إلى قيادة الدولة، حاملين معهم فكر العصابات وأداءها، فأصبحت الدولة تعتمد على أساليب العصابات وليس على أساليب إدارة الدولة، خصوصا في الجيش وأجهزة الأمن والمخابرات.
انتهجت تلك العصابات طريق القتل والتصفية المباشرة لكل عربي، ثم استعملت الدولة طرق القتل والتصفية نفسها لمن تريد غير عابئة بقانون أوعلاقات دولية، فعندما تقرر الدولة (العصابة) تصفية شخص ما، تصدر أمرها إلى أجهزتها الاستخباراتية بقتله في أي مكان.
فى منتصف الثمانينات من القرن الماضي، وفي عمليتين منفصلتين، زمانياً ومكانياً، قرر شابان عربيان أن يواجهوا صلف دولة العصابات وعدوانها، كل فى ميدانه وحسب طريقته.
الأول، سليمان خاطر، الشاب المصري المجند على الحدود الشرقية لمصر، وفي أثناء نوبة حراسته لم يرضه اجتياز إسرائيليين حدود الدولة المصرية، ففتح نيران سلاحه عليهم وقتل بعض منهم. ألقت أجهزة الأمن المصرية القبض على سليمان خاطر، وحُوكم عسكريا (كان يؤدى واجبه ووظيفته في حماية حدود بلاده)، في الوقت نفسه، كانت الأوامر في إسرائيل صدرت بتصفية سليمان خاطر، أينما كان.
وجد سليمان خاطر مشنوقا فى محبسه، بينما أعلنت الرواية الرسمية أن سليمان خاطر شنق نفسه، كانت وُجهت اتهامات عديدة إلى أجهزة الأمن بتصفية سليمان خاطر، أو السماح لغيرهم بذلك، وخرجت بعدها صحف إسرائيل لتبارك العملية، وعلى ما يبدو، كان نظام حسني مبارك يريد تقديم اعتذار يرضي غرور الإسرائيليين. وقُتل سليمان خاطر بأيدي أو بأوامر إسرائيلية، وهو فى حماية سلطات بلاده، لتظل الحقيقة غير الرواية الرسمية دائما.
الثاني، المقاوم عمر النايف، الشاب الفلسطينى الذي رفض احتلال إسرائيل أراضي بلاده وتشريد أهله وشعبه، فقرر استهداف مستوطن إسرائيلى فى القدس. قُبض على عمر ثم تمكن من الهرب، وأعلنت إسرائيل أنه مستهدف لديها.
صرح السفير الفلسطيني في بلغاريا إن عمر النايف وُجد مصابا داخل السفارة، إلا أن عائلة النايف والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وجهوا اتهامات صريحة للسفارة بتسهيل عملية قتله، بعد أن كانت طلبت منه مغادرة السفارة أكثر من مرة، وهو من لجأ لها لتحميه، وكالعادة، تظل الحقيقة غير الرواية الرسمية.
وجد عمر مقتولاً داخل السفارة الفلسطينية فى صوفيا، وهو تحت حماية سلطة بلاده، إذ تمكنت الأيادى القذرة منه وقتلته.
فى العمليتين، عوامل عدة مشتركة، الشابان العربيان من مواليد بداية ستينات القرن الماضي، وعايشا منذ طفولتهما العدوان والمجازر الإسرائيلية على شعبيهما، الدافع الوطني هو ما حركهما. كان الاثنان فى بلديهما، وتحت حماية سلطات بلادهم. أعلنت إسرائيل استهدافها لهما، القتل والتصفية تمت تحت سمع وبصر أجهزة الأمن في كل بلد، الجريمتان دليل دامغ على نهج العصابات الذي تتبعه إسرائيل وإفلاتها من العقاب.
الأنكى أن تصل أيادي إسرائيل إلى من تريده برعاية وتنسيق مع الحكومات العربية وأجهزتها الأمنية والمخابراتية.
لم يكن عمر النايف الأول، وعلى ما يبدو أنه لن يكون الأخير، ما دامت الأراضي الفلسطينية محتلة، والشعب الفلسطيني مشرد، وما دامت إسرئيل تعربد وتقتل من تشاء فى أي مكان.
54358ACB-149C-420E-84CD-5806495F0468
54358ACB-149C-420E-84CD-5806495F0468
عبد الكريم محمد (مصر)
عبد الكريم محمد (مصر)