18 نوفمبر 2016
"غير مسبوق" في مصر
عبد الكريم محمد (مصر)
لا يخلو حديث عن الأوضاع في مصر من جملة "غير مسبوق"، تسمعها من الجميع، حتى صارت لازمة مع كل حديث في أيّ مجال.
سياسياً، جاء انقلاب الثالث من يوليو/تموز 2013 على حساب تجربة ديمقراطية ناشئة، كانت تشق طريقها، فسارع الجيش إلى وأدها قبل أن ترى النور. الانقلاب الدموي غير مسبوق في تاريخ مصر السياسي والعسكري، على الرغم من أنّه لم يكن الأوّل في مصر، فاستيلاء الجيش على السلطة في 1952 يمكن تسميته انقلاب قصر، حيث بدأ بتولية ابن فاروق الحكم، وتشكيل مجلس وصاية على العرش بانقلاب ناعم (غير دموي)، جاء في ظلّ أجواء سياسية وشعبية متهيّئة لإنهاء حكم الملك، وحازت حركة العسكر وقتها على تأييد شعبي.
اقتصادياً، أصبح الاقتصاد المصري يعتمد بشكل أساسي على القروض والسلف، وبات صعباً على الحكومة أن تتدبّر الاحتياجات الأساسية للمواطنين شهراً فقط، وإلا تكن الأزمات المتلاحقة كما نشهد في أزمات القمح والسكر والبنزين والغاز وغيرهم. كلّ هذا متزامناً مع سيطرة الجيش وتحكمه في الاقتصاد بالكلية، وتدخله طرفاً مباشراً في سلع كثيرة، كاللحوم والمعكرونة، وحتى لبن الأطفال، مع تدنّي قيمة الجنيه المصري (المخطّط له) أمام الدولار وارتفاع الأسعار بشكل جنوني، اشتكى منه القادرون مالياً قبل المعدمين، وشكّل هذا كله انهياراً اقتصادياً وتضخماً غير مسبوق.
اجتماعياً، من أسوأ نتائج الانقلاب العسكري إحداث انقسام مجتمعي حاد بين المصريين، فصار الاختلاف السياسي عداءً، ورفض الوضع القائم خيانة، والوقوف ضد حكم الجيش عدم وطنية، كما حدثت القطيعة بين الأصدقاء والفرقة بين الأسر، في سياق انقسام مجتمعي غير مسبوق.
عدلياً، لم تشهد المحاكم المصرية، عبر تاريخها الطويل، مهازل من قضاتها، كما الحاصل هذه الأيام، إذ شهدت ساحات المحاكم إعلان بعض القضاة خصومتهم السياسية ضد المتهمين (ظلمًا)، وسبق ذلك اختيار بعض القضاة قضايا معينة للحكم فيها، إلى درجة أن يحكم على أكثر من 500 إنسان بالإعدام (قضية المنيا) في أوّل جلسة محاكمة، ومن دون سماع مرافعة الدفاع، ومن دون تلاوة أسماء المتهمين (ظلمًا)، في سوابق قضائية غريبة جداً على القضاء المصري.
بدأ الأمر بمساندة القضاء الانقلاب العسكري، حينما وقف بجوار عبد الفتاح السيسي، في إعلان انقلابه على الثورة والدستور والشرعية، في مشهد شكّل نسفًا لنضال القضاة أنفسهم ضد طغيان مؤسسات الدولة على السلطة القضائية، وطلبًا لاستقلال القضاء.
حقوقياً، عانى المجتمع الحقوقي من بطش السلطة سنوات، وناضل من أجل حرية منظماته. الطامة أن نجد حقوقيين يتماهون مع الانقلاب العسكري، ودافع بعضهم عن جرائمه ومذابحه، بينما تشهد السجون والمعتقلات قتلًا متعمّدًا في أوضاع حقوقية غير مسبوقة.
أرض الوطن، لا شيء أغلى عند المصريين من أرضهم، هذا ما أثبته تاريخهم الطويل في دفع المعتدي وتأديب الخصوم، ويكفي أنّ كلّ حروب مصر من أجل أرضها دفاعًا عنها أو تحريرًا لها. الكارثة أن يتنازل النظام الانقلابي الحالي عن أراض مصرية (جزيرتي تيران وصنافير)، كما تنازل عن جزيرة تشيوس المصرية (وبدون مقابل)، بالإضافة إلى التنازل عن حقول غاز مصرية في البحر المتوسط، والتنازل عن حصة مصر التاريخية من مياه النيل، في وقائع تنازل غير مسبوقة وأقرب للخيانة من الخيال.
تستطيع بكل اطمئنان أن تحكي عن أي شيء في مصر، وتقرنه بعبارة "غير مسبوق" التي أصبحت تدل على سوء الحال الذي نعيشه.
سياسياً، جاء انقلاب الثالث من يوليو/تموز 2013 على حساب تجربة ديمقراطية ناشئة، كانت تشق طريقها، فسارع الجيش إلى وأدها قبل أن ترى النور. الانقلاب الدموي غير مسبوق في تاريخ مصر السياسي والعسكري، على الرغم من أنّه لم يكن الأوّل في مصر، فاستيلاء الجيش على السلطة في 1952 يمكن تسميته انقلاب قصر، حيث بدأ بتولية ابن فاروق الحكم، وتشكيل مجلس وصاية على العرش بانقلاب ناعم (غير دموي)، جاء في ظلّ أجواء سياسية وشعبية متهيّئة لإنهاء حكم الملك، وحازت حركة العسكر وقتها على تأييد شعبي.
اقتصادياً، أصبح الاقتصاد المصري يعتمد بشكل أساسي على القروض والسلف، وبات صعباً على الحكومة أن تتدبّر الاحتياجات الأساسية للمواطنين شهراً فقط، وإلا تكن الأزمات المتلاحقة كما نشهد في أزمات القمح والسكر والبنزين والغاز وغيرهم. كلّ هذا متزامناً مع سيطرة الجيش وتحكمه في الاقتصاد بالكلية، وتدخله طرفاً مباشراً في سلع كثيرة، كاللحوم والمعكرونة، وحتى لبن الأطفال، مع تدنّي قيمة الجنيه المصري (المخطّط له) أمام الدولار وارتفاع الأسعار بشكل جنوني، اشتكى منه القادرون مالياً قبل المعدمين، وشكّل هذا كله انهياراً اقتصادياً وتضخماً غير مسبوق.
اجتماعياً، من أسوأ نتائج الانقلاب العسكري إحداث انقسام مجتمعي حاد بين المصريين، فصار الاختلاف السياسي عداءً، ورفض الوضع القائم خيانة، والوقوف ضد حكم الجيش عدم وطنية، كما حدثت القطيعة بين الأصدقاء والفرقة بين الأسر، في سياق انقسام مجتمعي غير مسبوق.
عدلياً، لم تشهد المحاكم المصرية، عبر تاريخها الطويل، مهازل من قضاتها، كما الحاصل هذه الأيام، إذ شهدت ساحات المحاكم إعلان بعض القضاة خصومتهم السياسية ضد المتهمين (ظلمًا)، وسبق ذلك اختيار بعض القضاة قضايا معينة للحكم فيها، إلى درجة أن يحكم على أكثر من 500 إنسان بالإعدام (قضية المنيا) في أوّل جلسة محاكمة، ومن دون سماع مرافعة الدفاع، ومن دون تلاوة أسماء المتهمين (ظلمًا)، في سوابق قضائية غريبة جداً على القضاء المصري.
بدأ الأمر بمساندة القضاء الانقلاب العسكري، حينما وقف بجوار عبد الفتاح السيسي، في إعلان انقلابه على الثورة والدستور والشرعية، في مشهد شكّل نسفًا لنضال القضاة أنفسهم ضد طغيان مؤسسات الدولة على السلطة القضائية، وطلبًا لاستقلال القضاء.
حقوقياً، عانى المجتمع الحقوقي من بطش السلطة سنوات، وناضل من أجل حرية منظماته. الطامة أن نجد حقوقيين يتماهون مع الانقلاب العسكري، ودافع بعضهم عن جرائمه ومذابحه، بينما تشهد السجون والمعتقلات قتلًا متعمّدًا في أوضاع حقوقية غير مسبوقة.
أرض الوطن، لا شيء أغلى عند المصريين من أرضهم، هذا ما أثبته تاريخهم الطويل في دفع المعتدي وتأديب الخصوم، ويكفي أنّ كلّ حروب مصر من أجل أرضها دفاعًا عنها أو تحريرًا لها. الكارثة أن يتنازل النظام الانقلابي الحالي عن أراض مصرية (جزيرتي تيران وصنافير)، كما تنازل عن جزيرة تشيوس المصرية (وبدون مقابل)، بالإضافة إلى التنازل عن حقول غاز مصرية في البحر المتوسط، والتنازل عن حصة مصر التاريخية من مياه النيل، في وقائع تنازل غير مسبوقة وأقرب للخيانة من الخيال.
تستطيع بكل اطمئنان أن تحكي عن أي شيء في مصر، وتقرنه بعبارة "غير مسبوق" التي أصبحت تدل على سوء الحال الذي نعيشه.
مقالات أخرى
20 أكتوبر 2016
25 يوليو 2016
17 يوليو 2016