الحكومة البريطانية تفرج عن توصياتها في حال عدم الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي
ألقى وزير بريكست البريطاني دومينيك راب كلمة، اليوم الخميس، حدد فيها بعضاً من توصيات الحكومة البريطانية للتعامل مع احتمال عدم الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي.
وقال راب إن الاتفاق بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي في مرمى البصر، ولكن التوصيات التي ستنشرها الحكومة البريطانية تباعاً حتى نهاية شهر سبتمبر/ أيلول المقبل تأتي ضمن استعدادات البلاد لاحتمال سير المفاوضات بالطريق غير المرغوب. "إني متأكد من أن صفقة جيدة في مرمى البصر. لقد اتفقنا على 80 في المائة من القضايا. لقد أوضحنا أنه في حال لم تنجح المفاوضات في تحقيق نتيجتها المثلى فإننا سنتصرف كجار وشريك أوروبي مسؤول".
وحاول راب طمأنة مخاوف البريطانيين بقوله إن عدم الاتفاق لن يجلب التحديات فقط، بل ستأتي معه العديد من الفرص "من الصواب القول إن التحديات والمخاطر ستأتي مع سيناريو عدم الاتفاق، وإننا سنحتاج لتدبير هذه المخاطر والتعامل مع هذه التحديات. ولكن ستكون هناك فرص أيضاً. لذلك دعونا ندير حواراً متوازناً، ونضع احتمال عدم الاتفاق المستبعد في سياقه الصحيح".
وأضاف أن المخاطر المتوقعة من احتمال الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق مع حلول موعد بريكست في 29 مارس/ آذار المقبل ليست بالحجم المتداول. "هناك بالتأكيد مخاطر. ولكن دعونا لا نعطيها أكبر من حجمها، وخارج سياقها. ما نفعله اليوم هو أن نكون صادقين حول المخاطر وأن نعلم المتأثرين بها ... وتوفير بعض التوصيات".
وخفف الوزير من احتمال عوز الأدوية في بريطانيا في حال عدم الاتفاق بقوله "نمتلك مخزوناً يكفي لثلاثة أشهر لنحو 200 نوع من الأدوية ... وتمتلك الخدمات الصحية الوطنية في إنكلترا مخزون ثلاثة أشهر على الأقل من اللقاحات. ولذلك فإننا معتادون على هذا الأمر".
وكانت الحكومة البريطانية قد أفرجت اليوم عن 24 ورقة من توصياتها الخاصة بسيناريو عدم الاتفاق التي يتجاوز عددها الثمانين، وستستكمل إصدارها تباعاً حتى نهاية شهر سبتمبر/ أيلول المقبل.
وتشمل الوثائق التي صدرت اليوم تحذيرات تتعلق بالتعاملات المالية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي في حال خروج بريطانيا من دون اتفاق ينظمها. وتشمل هذه العواقب ارتفاع رسوم استخدام بطاقات الائتمان البريطانية في أوروبا، إضافة إلى صعوبة الوصول إلى الحسابات المصرفية البريطانية أثناء التواجد في القارة الأوروبية.
ومع احتمال فقدان المصارف البريطانية وصولها لنظام الدفوعات الأوروبي فإن الورقة الخاصة بالخدمات المالية تنص على "أن العملاء (بمن فيهم الأعمال التي تعتمد على التعامل باليورو) سيواجهون ارتفاع التكاليف وبطء التعاملات بالنسبة للتعاملات باليورو ... كما قد ترتفع تكلفة استخدام بطاقات الائتمان المصرفية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي".
كما تحذر التوصيات الحكومية من أن المواطنين البريطانيين المقيمين في الاتحاد الأوروبي، والمقدر عددهم بأكثر من مليون شخص، "قد يفقدون وصولهم إلى خدمات الإيداع والاستدانة المصرفية، إضافة إلى عقود التأمين".
وسيتضرر بالتأكيد البريطانيون المتقاعدون في دول الاتحاد الأوروبي، حيث ستتأثر رواتبهم التقاعدية. ويتلقى نحو 200 ألف بريطاني رواتبهم التقاعدية وتأمينهم الصحي خارج البلاد. بينما يتلقى نحو 135 ألف مواطن إيرلندي تقاعداً من الحكومة البريطانية ويقطنون حالياً في الجمهورية الإيرلندية، ويعمل العديد منهم في إيرلندا الشمالية.
أما من جانب الأعمال، فإن سيناريو عدم الاتفاق سيؤدي إلى نهاية التنقل الحر للبضائع بين الطرفين. وسيطلب من الشركات ملء استمارات استيراد البضائع القادمة من الاتحاد الأوروبي، ولذلك يجب عليهم التفكير في "اللجوء إلى خدمات مخلصين جمركيين، أو شركات شحن، أو مساعدين لوجستيين للمساعدة، أو ضمان حصولهم على الموافقات الضرورية". وتؤكد الورقة على توقع إجراءات مماثلة من جانب الاتحاد الأوروبي.
ومن جانبه، انتقد حزب العمال التوصيات الحكومية، والتي وصفها وزير بريكست في حكومة الظل العمالية، كير ستارمر، بأنها "غامضة وتعكس عدم جاهزية الحكومة المحافظة لاحتمال عدم الاتفاق".
وكان ستارمر قد قال في تصريح سابق صباح اليوم إن حزب العمال لا يستبعد اللجوء إلى استفتاء ثان على بريكست في حال رفض البرلمان البريطاني للاتفاق الذي ستبرمه تيريزا ماي مع الاتحاد الأوروبي.
وقال في تصريحات تعد الأولى من نوعها "أعتقد بضرورة وجود كوابح ديمقراطية. لا أعتقد أن رئيسة الوزراء يمكنها ببساطة اتخاذ القرار حول مستقبل هذا البلد لوحدها بالطريقة التي تراها مناسبة ... إذا صوت البرلمان برفض اتفاق المادة 50 (المادة التي طلبت بها بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي)، فيجب على البرلمان تحديد ما يجري بعد ذلك ... نحن لا ندعو إليه (الاستفتاء الثاني على بريكست) ولكن في حال رفض المادة 50 من قبل البرلمان، فإننا نعتقد أن كافة الخيارات يجب أن تكون مطروحة على الطاولة ... هذا هو موقف حزب العمال".
وكانت بريطانيا والاتحاد الأوروبي قد اتفقا على تواصل المفاوضات بينهما للتوصل إلى اتفاق حول المسائل الشائكة. وتواجه المفاوضات موعدها النهائي في أكتوبر/ تشرين الأول بحيث يتم نقل الاتفاق المبرم حينها إلى البرلمانات الأوروبية والبريطاني للمصادقة عليه.