الواشنطن بوست:ثمار ثورة شباب مصر ذهبت للحرس القديم

22 ابريل 2014
طلاب يتظاهرون ضد الانقلاب خارج جامعة القاهرة (GETTY)
+ الخط -


في مقهى متواضع بالقاهرة جلس مجموعة من الرجال المتقدمين في العمر، وهم يوجهون اللوم لمجموعة من الشباب يجلسون علي مائدة قريبة منهم ولم يستطع هؤلاء الشباب الرد على الاتهامات الموجهة، هذه ليست حالة فردية، ولكن ما يحدث في المقهى يعكس ما يحدث في مصر بشكل عام من النقمة على شباب الثورة.

الفئة المتقدمة في العمر ترغب في أن يكون وزير الدفاع السابق عبد الفتاح السيسي رئيساً للبلاد بزعم استعادة استقرار البلاد، بينما ترفض الفئة الأقل عمراً هذا الأمر.

هذا الانقسام المجتمعي ظهر جلياً أثناء مواجهة قريبة في حي إمبابة الفقير، حيث اتسعت الفجوة بين الأجيال الشابة الراغبة في الديمقراطية، والأجيال الأكبر سناً التي تري في الاستبداد طريقاً للاستقرار، هذا الانقسام يعد واحداً من أهم التحديات التي يتوجب على السيسي مواجهتها حال انتخابه رئيساً، فوزير الدفاع السابق (59 عاماً) يحظي بشعبية كبيرة بين الفئات العمرية المتقدمة، الذين يعتبرون استعداده لمواجهة عنف المعارضة الإسلامية استمراراً لسياسات عرفها المصريون منذ استولى الجيش على السلطة عام 1952.

لكن السيسي يواجه أيضاً كتلة متزايدة من الشباب الناقم بشدة علي المناخ السياسي الممتلئ بقمع الطلاب وسجن النشطاء والاقتصاد المنهار، وهذه الفئة العمرية تمثل أكثر من نصف المصريين الذين تقل أعمارهم عن 25 عاماً، وتنمو أعدادها بوتيرة أسرع، بينما وفي الوقت نفسه يهيمن على مقاليد الحكم قدامى السياسيين، فأصغر عضو في مجلس الوزراء هو خالد عبد العزيز وزير الشباب وهو يبلغ من العمر 55 عاماً، أما رئيس الوزراء إبراهيم محلب فيبلغ من العمر 65 عاماً، وهو من رجال الحكم في عهد الرئيس السابق حسني مبارك.

هناك اتجاه ملحوظ في البلدان النامية ذات النمو السريع في تعداد السكان الشباب، حيث يتولى الحكم سياسيون من كبار السن، ولكن المحللين يرون أنّ هذا المزيج يشكل خطراً ويؤدي إلى عدم الاستقرار السياسي في مصر، حيث قامت قوات الأمن بحملة شرسة لقمع احتجاجات الطلاب ومظاهرات الشوارع التي يقودها الشباب.

مصر كان يحكمها قادة عسكريون خلال الستين عاماً الماضية، وكان الاستثناء الوحيد خلالها هو العام الذي تولى فيه الرئيس المنتخب محمد مرسى مقاليد الحكم، لكن وزير الدفاع السابق قاد الانقلاب ضد مرسى وأطاح به من السلطة في يوليو/ تموز الماضي ومنذ ذلك الوقت قامت السلطات المصرية بقتل واعتقال الآلاف من المعارضين، خاصة من التيار الإسلامي.

إنّ الفجوة بين الأجيال ليست مطلقة فهناك عدد من الشباب يدعم ترشح السيسي وسياسات السلطة الانتقالية، وهناك بعض من كبار السن يعارضون الحكومة وحملاتها الأمنية، ولكن عندما قام المصريون بالتصويت على الدستور الجديد المدعوم من الجيش في يناير/ كانون الثاني الماضي، أظهرت النتائج التي رصدها مراقبي الانتخابات أن أقل من ربع الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم تقل أعمارهم عن 30 عاماً.

ولا تتوفر أرقام عن النسبة المئوية للشباب الذين أدلوا بأصواتهم في استفتاء على دستور سابق صاغته جماعة الإخوان المسلمين عام 2012، ولكن وفقاً لماجد عثمان، مدير المركز المصري المستقل لبحوث الرأي العام، فقد شارك ناخبون شباب أكثر في هذا الاستفتاء مع انخفاض الإقبال في الاستفتاء التالي يوحي باللامبالاة المتفاقمة بين الشباب في مصر، فبعد ثلاث سنوات فقط من قيام الشباب بثورة أطاحت بمبارك لم يتحقق للكثيرين منهم الاستقرار الذي وعدت به الحكومة.

والدستور الجديد يذكر الشباب بسنوات حكم مبارك، عندما كان الشباب يرزحون تحت وطأة دولة بوليسية فاسدة أو يسعون إلى الهجرة للعمل في أوروبا أو في منطقة الخليج، فوفقا للأمم المتحدة منذ عام 1950 تضاعف عدد سكان مصر ليصل إلى 86 مليون نسمة، ووفقا لمنظمة العمل الدولية دخل عدد غير مسبوق من المصريين سوق العمل بالتزامن مع تباطؤ النمو الاقتصادي، وتتركز البطالة في الأعمار من 15 إلى 24 عاماً أكثر من كبار السن.

ربما كان الشباب ساذجاً عندما تصور أنّ الثورة ستجعل الفساد يختفي بين عشية وضحاها ولكنّ ظلت مراكز النفوذ نفسها تتحكم في كل شيء، ويعتقد الجيل الأكبر سناً أنّ الشباب ضد الاستقرار والأمن ولكن في الحقيقة أنهم يريدون فقط أنّ يكون لديهم الحق في التعبير عن رأيهم سواء بالاحتجاج أو حتى كتابة الشعارات على الجدران.

وفي الواقع فإنّ حكومة الانقلاب بمساعدة وسائل الإعلام المصرية استطاعت أنّ تصور النشطاء الشباب مثل أحمد ماهر، زعيم حركة شباب 6 أبريل التي لعبت دوراً رئيسياً في ثورة 2011، كعملاء لقوى أجنبية تسعى إلى تخريب مصر واشاعة الفوضى فيها، واستطاعت الجماعات العلمانية المعادية لحكم العسكر مثل جماعة ماهر تنظيم المظاهرات ضد المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي حكم في الفترة من 2011 إلى 2012، ثم نظمت مظاهرات ضد إدارة مرسي بعد ذلك.

ومنذ الانقلاب الذي حدث العام الماضي نظموا مسيرات متفرقة ولكن بعض قيادات الحركة البارزة تم سجنهم، بما في ذلك ماهر الذي يقضي حكماً بالسجن ثلاث سنوات بسبب تنظيمه مظاهرة بشكل غير قانوني.

أما المظاهرات المتزايدة التي يقودها أنصار جماعة الإخوان المسلمين فيقودها الشباب من جماعة الإخوان المسلمين بعد سجن الآلاف من قياداتها العديد من القادة الشباب الذين يعارضون النظام، بما في ذلك الذين تحالفوا مع الجيش للإطاحة بمرسى كانوا يرغبون في أن يكون لهم مقعد على طاولة الحكم بعد الإطاحة بمرسي، لكن الجيش رفض، وقال محمود عمر أمين عام شباب حزب مصر القوية ذي الميول الإسلامية: إنّ الجيل الأكبر سناً خنق هذا البلد لمدة 30 عاماً وأنّ الشباب دفع ثمن الثورة غالياً من دمه ومن حريته فقط كل ما أراده الشباب أنّ يكون لهم مكان في مجلس الوزراء وغيره من مظاهر الحكم الشباب لن يرضي عن الواقع المفروض عليه ويريد أن يغيره مهما كلفه ذلك.

عن الواشنطن بوست

المساهمون