المصرية مها المكاوي... 4 سنوات في انتظار زوج اختفى قسرياً

08 مارس 2018
المصرية مها مكاوي في انتظار زوجها (فيسبوك)
+ الخط -
ييرز اسم الزوجة المصرية مها المكاوي بين قصص أهالي مئات المختفين قسريًا في البلاد كدليل على حكايات الصبر والألم التي لا تنتهي، ويتكرر اسمها بقوة في كل مرة يفتح فيها الملف محليا أو دوليا، خاصة بعد أن خاضت إضرابا عن الطعام للمطالبة بإجلاء مصير زوجها وغيره من المختفين.
لم تيأس المكاوي من انتظار زوجها المختفي قسريًا منذ آخر اتصال بينهما في 13 يناير/كانون الثاني 2014، في هذا الاتصال أخبرها الزوج أشرف شحاتة (48 سنة) أنه سيذهب إلى مقر أمن الدولة بمدينة 6 أكتوبر، بعد انتهاء دوامه في العمل، للدردشة في بعض الأمور، وفقا لقرار باستدعائه، منذ هذا اليوم لم يعد، فقد "خطفوه من عمله"، حسب قولها.

الزوج شحاتة هو عضو بحزب الدستور المصري، وهو محامٍ حر، ويمتلك مدرسة خاصة في منطقة كرداسة المتاخمة للقاهرة. والزوجة مها عضو هي الأخرى في نفس الحزب، وهي أم لثلاثة أبناء، وكانت حاملا في شهرها الثاني عند اختفاء زوجها، ولكن الحمل لم يستمر بسبب ما جرى.

بعد ساعات من المكالمة الأخيرة بين أشرف ومها، باءت جميع اتصالاتها معه بالفشل، "الهاتف الذي طلبته ربما يكون مغلقا"، ظلت تلك الرسالة المسجلة تطارد الزوجة كلما حاولت الاتصال بزوجها.

تتنوع تدوينات المكاوي عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي بالمحتويات السياسية والحقوقية، لكن يومًا لا يمر دون أن تذكر أشرف شحاتة. لا تكفّ عن نشر صور تجمعهما، وذكريات تربطهما، أو الإشارة إلى قصة الحب والإخلاص.

ورغم الاختفاء الذي دام طويلاً، إلا أن المكاوي لا تزال تقوم بتقديم بلاغات تفيد باختفائه، وتطالب الجهات الحكومية بالكشف عن مكانه. حتى وصل الأمر إلى تقدمها لإدارة الجوازات المصرية، بطلب استخراج "شهادة تحركات" زوجها، ثم جاءت المفاجأة بعدما تسلمت الشهادة بعد أسبوع من تقديم الطلب، والتي تفيد بأن زوجها "خارج البلاد"، دون أية تفاصيل أخرى تشير إلى موعد مغادرته أو مكان توجهه، وهو ما تعاملت معه باعتباره تمويها من قبل جهات الأمن من أجل إقناعها أنه هجرها هي وأبناءه، لتتوقف عن البحث عنه.

قبل أشهر، نشر المجلس القومي لحقوق الإنسان، وهو منظمة حكومية، تقريراً كشف فيه عن مصير 118 مختفيا قسريا في مصر، كان من بينهم أشرف شحاتة، وأوضح المجلس أنه متهم على ذمة قضايا، ومحكوم عليه بالسجن خمس سنوات في سجن الزقازيق بالشرقية.

بدأت دوائر البحث من جديد، حتى تبين أن أشرف شحاتة الذي ورد في تقرير مجلس حقوق الإنسان، ليس أشرف شحاتة المختفي قسريا، بل هو تشابه أسماء، فانقطع خيط جديد في لغز اختفائه، وظلت زوجته وأبناؤه الثلاثة يتشبثون بأمل عودته إلى المنزل.

تقول المكاوي: "يبدو أنني المصرية الوحيدة التي تسعى في قضية اختفاء قسري تحتوي على جميع الأخطاء والحالات الفردية النادرة".



طرقت الزوجة كل الأبواب المغلقة، وتبعت كل سبل التصعيد، بدءًا من تقديم البلاغات والمشاركة في الفعاليات الخاصة بالمختفين قسريًا، وصولًا للظهور على وسائل الإعلام لنشر قضيتها، بل والإضراب عن الطعام عدة مرات، منها إضراب في أكتوبر/تشرين الأول 2014، وآخر في مارس/آذار 2015، وإضراب كلي في 24 أكتوبر 2015، استمر لأكثر من خمسة عشر يوما، وتضامن معها فيه أكثر من 50 ناشطا بإضراب كلي أو جزئي عن الطعا.

في إبريل/نيسان 2016، حملت المكاوي لافتة ضخمة، وقفت بها منفردة في شارع التحرير بحي الدقي بالجيزة، كتب عليها "الجدع أشرف محبوس من 27 شهر. ها مبسوط يا شعب؟ وفيه 25 جدع محبوسين ضد بيع الأرض".
لا تنشغل الزوجة المصرية بالبحث عن زوجها فقط، بل يهمها ملف المختفين قسريًا كله، ظلت واقفة بلافتتها تحاوطها أنظار المارة وتساؤلات العابرين، حتى انتهى بها المطاف لاحتجازها في قسم الشرطة، قبل أن يتمكن محامون من إخراجها في وقت متأخر من تلك الليلة.

 

يمر اليوم العالمي للمرأة على مها المكاوي وهي تدعو "اللهم احفظ لي أشرف، ونجِّه من كل شر، وسخر له الأرض ومن عليها"، وهو الدعاء الذي يلازمها كثيرًا عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتحتفظ مها بهاتف خلوي صغير اكشفت وجوده في منزلها يوم ميلادها، ومسجل عليه صوت موسيقي هادئة يذكر صاحبه بموعد ميلادها، كان زوجها قد ضبط التاريخ والنغمة ورسالة "عيد ميلاد حبيبتي" قبل أن يتركه في أحد أدراج الغرفة، دون أن يعلم أنها ستسمع رنينه وتقرأ رسالته بعد اختفائه.
دلالات
المساهمون