لينا بن مهنى لـ"العربي الجديد": ترشيحي لـ"نوبل للسلام" أصابني بانهيار عصبي

08 مارس 2018
اكتسبت شجاعة النقد وعدم السكوت على الظلم (العربي الجديد)
+ الخط -

تعترف المدونة والناشطة والأكاديمية التونسية، لينا بن مهنّي، بأنّ ترشيحها لجائزة نوبل للسلام عام 2011، بعد سقوط نظام زين العابدين بن علي، تقديراً لجهودها في نقل أحداث الثورة، تسبب لها في حملة تشويه غير مسبوقة ما أصابها بأزمة نفسية حادة وانهيار عصبي.

وتضيف لـ"العربي الجديد" أنها لا تعرف من رشحها، ولكنها تمنت لو لم يحدث ذلك لأنها تعرضت إلى هجمة قاسية انتهك خلالها عرضها وشرفها، وكل ذلك للتشكيك بعدم أحقيتها في الجائزة، "المؤلم أن ذلك كان من أبناء بلدي".

وتتمسك بن مهنى بابتسامتها التي تخفي صراعاً مريراً مع مرض مزمن ونادر اسمه "لوبوس لاد"، أصابها وهي في سن الحادية عشرة، مسبباً لها قصورا كلويا.

لينا من مواليد 22 مايو/أيار 1983، وهي من أبرز شباب الثورة التونسية، ووثّقت تفاصيل عديدة بانتقالها إلى العديد من المحافظات في الوقت الذي كان الرصاص الحي يستهدف المعارضين، فنقلت أنين الأمهات في محافظات تالة والقصرين وسيدي بوزيد، ولم تبال بالتوقيف أو حتى الموت.

ونجحت الشابة التونسية رغم أن مرضها حرمها من عيش حياة طبيعية، فهي لا تستطيع ارتياد البحر أو ممارسة الرياضة، ولم تستطع تحقيق حلمها في دخول الأكاديمية العسكرية بسبب حصص العلاج المطولة والأدوية وتصفية الدم، لكنها تمكنت من نحت عالمها الخاص ومواصلة دراستها الجامعية بتفوق رغم مرضها، وبشجاعة نادرة تجرأت على انتقاد النظام الذي كرر تشويه منتقديه واستهدافهم، فتمت سرقة بيتها وحاسوبها وملاحقة عائلتها.



وكانت لينا من الذين كشفوا زيف دعاية النظام عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وتقول إنها بدأت انتقاداتها عام 2007، ما جعلها عرضة لعديد من المضايقات، بينها حجب صفحتها على "فيسبوك"، المعروفة باسم "بنية تونسية"، والتي كسرت من خلالها التعتيم الإعلامي على أحداث الثورة التونسية، وكذا حملة "سيّب عمار" ضد الحجب.

وتقول "ليلة سقوط النظام، ومباشرة بعد خطاب بن علي الشهير، خرجت للاحتجاج مع المواطنين، أتذكر يومها أنني تعرضت لهجوم شرس من قبل شخص كان يتابعني، لقد كان أحد طلابي بالجامعة، يومها فهمت أن الشخص الذي اعتقدت يوما أنه طالب، كان مجرد خادم للنظام السابق، وكان مكلفا بملاحقتي، حتى في قاعة الدرس".


تنحدر بن مهنى من عائلة متوسطة، فوالدها موظف ووالدتها أستاذة تعليم ثانوي، لكنها وعت ما يحصل في تونس بحكم أن والدها سجين سياسي سابق ومن مؤسسي فرع تونس لمنظمة العفو الدولية، وتضيف أنها منذ طفولتها كانت تستمع إلى نقاشات والدها مع المعارضين للنظام، خاصة وأن أغلب الاجتماعات كانت تعقد في بيتهم بالضاحية الجنوبية لتونس.

تلفت الشابة أنها تعلمت معنى حقوق الإنسان، واكتسبت شجاعة النقد وعدم السكوت على الظلم من عائلتها، ما دفعها إلى مقارنة الواقع بما يروج في وسائل الإعلام حول التنمية المزعومة وما يعيشه سكان المحافظات من فقر وظلم وبطالة.


تقول: "ساعدني مرضي الذي اكتشف عام 1995، كي أكون أقوى، وأن أرى الواقع بعيون مختلفة، حيث إنّ إقامتي شبه الدائمة في المستشفيات، كمستشفى الأطفال بباب سعدون، واطلاعي على قصص المرضى ساهم في كشفي للواقع الأليم الذي نعيشه".

وتضيف أن "الثورة قامت تحت شعار (شغل حرية وكرامة وطنية)، وبسبب تجاهل الحكومات المتعاقبة لهذا الشعار ولمطالب الشباب، كان الاحتقان نتيجة حتمية لهذا التجاهل. الثورة حققت هامشا من الحرية، وأصبح الاحتجاج ممكنا، وهي أمور لم يكن مسموحا بها سابقا، ولكن لابد من ثورة في العقليات لتغيير الأوضاع".

وتوضح أن "نتائج الثورة التونسية لا يمكن أن تتحقق بعد 7 أعوام من سقوط الدكتاتورية. يلزم المزيد من الوقت والصبر، وعلى شباب تونس مواصلة النضال والصبر".



وتؤكد بن مهنى بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، أن العديد من القوانين في تونس تعتبر جيدة، كالمساواة بين الجنسين، وقانون تجريم تعنيف النساء، إلا أن أغلبها سيظل حبرا على ورق طالما أن المجتمع ذكوري، ويفكر بنفس الطريقة القديمة، وبالتالي يجب ان تتغير العقليات أولا.

وتعترف بأن "هناك تغييرات كثيرة حصلت في تونس، ولكن لا يزال هناك عمل كثير، فالمساواة تبدأ من الإصلاحات الحقيقية، خاصة وأن المرأة الريفية لا تزال تعاني، وتتقاضى أجرا زهيدا، وتقوم بالأعمال الشاقة، وتموت في طريقها إلى العمل. الإصلاح الحقيقي يكون من خلال إصلاح التعليم" على حد تعبيرها.

ودعت بن مهنى منظمات حقوق الإنسان ومنظمات المرأة إلى مزيد من العمل على نشر حقوق النساء، والوصول إلى الفئات التي ليس لديها شبكات تواصل اجتماعي، والنزول إلى أرض الواقع، لأن "كثير من النساء يعانين في صمت".

المساهمون