دعا الرئيس التونسي، الباجي قايد السبسي، اليوم الأحد إلى بحث مسألة المساواة في الإرث بين الرجال والنساء، دون أن يتعارض ذلك مع الدين أو إصلاحات تصدم مشاعر الشعب التونسي المسلم في أغلبه.
واعتبر السبسي في خطاب ألقاه اليوم بمناسبة العيد الوطني للمرأة، أنّ المساواة بين الرجل والمرأة التي أقرّها الدستور التونسي يجب أن تشمل جميع المجالات.
وقال السبسي: ''إذا فكرنا في التناصف فلأن الدستور يفرض ذلك، لذلك يجب أن نذهب في هذا الاتجاه''، مؤكدا أنه لا ينبغي أن يعتقد البعض أن "التوجه نحو التناصف فيه مخالفة للدين لأن هذا غير صحيح". ويقصد بالتناصف ما أقره الدستور بشأن القوائم الانتخابية التي ينبغي أن تكون قسمة بين المرأة والرجل.
واعتبر السبسي أنّ "مسألة الإرث ليست مسألة دينية، وإنما تتعلق بالبشر، وأنّ الله ورسوله تركا المسألة للبشر للتصرف فيها"، معلنا عن تكوين لجنة لدراسة مسألة الحقوق الفردية وتفعيلها، والنظر في المساواة بين الرجل والمرأة في جميع المجالات، بما فيها الإرث، مبدياً ثقته بذكاء التونسيين.
وأكد السبسي أن تونس وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم، ونجحت في تحقيق "بداية ربيع عربي في تونس" لأنها عممت التعليم واعتمدت على المرأة التي أثبتت اليوم جدارتها بهذه الثقة، واحتلت مواقع ريادية في مجالات الطب والهندسة والسياسة والمجتمع المدني بنسبة تفوق أحيانا نسبة الرجال.
واعتبر أن المرأة التونسية كان دورها رئيسا في نجاح الثورة، إذ قادت مسيرات وفرضت إصلاحات كبيرة في البرلمان، وهي اليوم عماد المجتمع المدني التونسي، بالإضافة الى إسهامها الواضح في الحياة الاقتصادية.
وأثنى السبسي على جرأة التونسيين الذين أقرّوا "مجلة الأحوال الشخصية" منذ 61 عاما، أي بعد الاستقلال بأشهر قليلة، وحرروا المرأة ومنحوها حقوقها كاملة وأوقفوا اضطهاد الرجل وتبعيتها له، ودفعوها إلى التعليم والمشاركة تدريجيا في الحياة بكل مجالاتها، حتى وصلت إلى ما وصلت اليه اليوم من نديّة كاملة مع الرجل، بل فاقته في كثير من المجالات. وأضاف: "يمكن أن تكون هناك امرأة في قيادة البلاد في 2019"، متابعا "لكنه ليس اقتراحي".
وللتذكير فإن مسألة الدعوة إلى المساواة في الإرث ليست جديدة في تونس، إذ طالبت بها جهات مدنية وسياسية كثيرة، لكنها أثارت جدلا كبيرا انتهى بعدم تضمينها في الدستور. وينتظر أن تثير أيضا نقاشات كبيرة ستنطلق مع خروج أعمال اللجنة التي أنشأها السبسي لبحث هذا الموضوع، وإيجاد "صيغ لا تتعارض مع الإسلام ومقاصده، ولا مع الدستور ومبادئه" وفق تعبير السبسي.