الرقة السورية: أسيرة "داعش" والفقر والجفاف

دمشق

ريان محمد

avata
ريان محمد
03 يوليو 2014
2C333925-BC00-44F8-AF37-E8DAAEEF63CD
+ الخط -
لم يقطع تنظيم "داعش" الكهرباء عن محافظة الرقة التي يتخذها معقلاً رئيسياً له في سورية، إلا أنها تُحرم من الكهرباء لنحو 20 ساعة يومياً، جرّاء انخفاض منسوب المياه في "بحيرة الأسد" الواقعة على سد الفرات، وهي المصدر الرئيسي لتوليد الكهرباء في المنطقة، الأمر ينعكس على ري الأراضي الزراعية لأسابيع عدة.

ويعيش أهالي الرقة في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية سيئة، إذ يعمل معظمهم في الزراعة، التي تضررت بشكل كبير جراء الجفاف ونقص منسوب مياه الفرات، إضافة إلى المواجهات

العسكرية، وانعدام الأمن والأمان، مما تسبب في خروج مساحات واسعة من الأراضي من دائرة الإنتاج، حيث يعتبر القمح والقطن المحصولين الرئيسيين في المحافظة. يضاف إلى ذلك أن "داعش" قرر اقتطاع 5 في المئة من المحصول تحت مسمى الزكاة، كما فرض على المحال التجارية ثلاثة آلاف ليرة سورية، تحت المسمى ذاته.

من جهتهم، يعيش مقاتلو التنظيم حياة رخاء خلال فترة "اللاحرب" الطويلة، إذ إنها الأقل عرضة لقصف النظام، فتجدهم يتنقلون في مطاعم المدينة ومقاهيها، حاملين أجهزة اتصال حديثة. وتشير بعض التقارير إلى أن راتب المقاتل في "داعش" يصل إلى نحو ألف دولار شهرياً، نحو (169 ألف ليرة سورية).

وفي ظل ارتفاع الأسعار الجنوني الذي تشهده سورية، مع وصول حجم التضخم إلى حوالي 300 في المئة، تعتبر الأسعار في الرقة أعلى بقليل من نظيرتها في المناطق التي يسيطر عليها النظام، وأدنى منها في المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة المسلحة. وبلغ سعر الكيلوغرام الواحد من السكر 120 ليرة، والبرغل 100 ليرة، والعدس بـ 175 ليرة، والخبز (ربطة 12 رغيفا) بـ 100 ليرة، والرز بـ 200 ليرة للكيلوغرام واللحمة بـ 1400 ليرة، أما المازوت فبلغ سعر الليتر بـ 75  ليرة، والبنزين بـ 200 ليرة.

ويقول الناشط الإعلامي في الرقة، أبو إبراهيم االرقاوي، لـ"العربي الجديد" إن "داعش يكسب ودّ الناس جرّاء ظهوره بمظهر المراعي للأوضاع المعيشية للناس، إذ إنه حدّد الأسعار، ودعا أصحاب المحال التجارية لوضع أسعار بضائعهم بشكل واضح وباللغة العربية، مع مراعاة أن تكون الأرباح معتدلة".

ويوضح الناشط الرقاوي أن "الناس بدأت تعتاد الحياة في ظل داعش، وتؤقلم نفسها على تشدّده، مقابل شبه استقرار كانوا يفتقدونه في ظل سيطرة فصائل مسلحة أخرى، وذلك في ظل سقوط النظام من حساباتهم".

من جهة ثانية، ألغى "داعش" المدارس العادية والتدريس، وحوّل الأطفال إلى "الحلقات

الشرعية" في الجوامع، حيث يتعلمون فيها تعاليم التشدد والطاعة العمياء، وهو ما يهدد بضياع جيل بأكمله.

ويقول ناشطون، لـ"العربي الجديد"، إن "سياسة العقاب العلني، الذي أمعن "داعش" في تطبيقها بحق الناس، جعلهم يتجنبون عناصر التنظيم، بل في أحيان كثيرة، يوجد هناك من يتملق التنظيم وعناصره، في محاولة لتجنب أذاه.

ويلفت هؤلاء إلى "وجود أعداد كبيرة من المقاتلين الأجانب بين أفراد التنظيم، ممن يغالون في التطرف والتشدد، ولا يعتبرون الأهالي ملتزمين دينياً، مما يجعلهم يلاحقونهم، في أداء الفرائض".

وأطلق التنظيم العديد من الأحكام على المناطق التي يسيطر عليها، بينها منع الرجال من حلق لحاهم وتسريح شعورهم، وكذلك منع وضع صور نساء على هواتفهم الجوالة، كما منعت النساء من الجلوس على الكراسي، أو التجول من دون "محرم شرعي"، إضافة إلى وجوب وضع النقاب ولبس العباءة، ومن يخالف يعاقب بالجلد علناً.

ويتوقع متابعون أن تكون دير الزور، المحافظة السورية الثانية التي تسقط بيد تنظيم "داعش"، على حساب تقهقر تنظيم "جبهة النصرة"، بعد اشتباكات ومواجهات عديدة بينهما، يفسرها خبراء في التنظيمات الجهادية إلى تناحر شخصي بين زعيم "داعش"، أبو بكر البغدادي، وزعيم "النصرة"، أبو محمد الجولاني، وهو تناحر يعود إلى أيام تتلمذهما على يد زعيم تنظيم "القاعدة" في العراق، أبو مصعب الزرقاوي.

وتُعتبر مدينة الرقة، عاصمة تنظيم "داعش"، بعد أن كانت تحت سيطرة "جبهة النصرة"، و"حركة أحرار الشام الإسلامية"، بالإضافة إلى كتائب من "الجيش الحر"، والذين تعرضوا لضربات قوية من "داعش"، عقب إعلان زعيم الأخير حل تنظيم "الجبهة"، إذ بايع القسم الأكبر من عناصرها زعيم "داعش"، في حين انهزمت كتائب "الحر" أمام "داعش".

ذات صلة

الصورة
الاحتلال يستهدف مدارس أونروا في غزة، 7 مايو 2024 (الأناضول)

مجتمع

قوات الاحتلال الإسرائيلي قصفت ثلثي مدارس أونروا منذ بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، 4 منها خلال الأيام الأربعة الماضية.
الصورة
تواصل الاحتجاجات ضد "هيئة تحرير الشام"، 31/5/2024 (العربي الجديد)

سياسة

شهدت مدن وبلدات في أرياف محافظتي إدلب وحلب الواقعة ضمن مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام احتجاجات ضد زعيمها أبو محمد الجولاني وجهازها الأمني
الصورة
تنظيم داعش/فرنسا

سياسة

رفعت فرنسا، أول من أمس الأحد، مستوى التأهب الأمني إلى الدرجة القصوى، وذلك في أعقاب هجوم موسكو الدموي الذي تبناه تنظيم "داعش"، مستعيدة تهديدات عدة للتنظيم.
الصورة

سياسة

قال وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا، اليوم الأحد، إن إرهابيين نفذا هجوما بقنبلة أمام مباني الوزارة في أنقرة، مضيفا أن أحدهما قتل في الانفجار بينما قامت السلطات هناك "بتحييد" الآخر.
المساهمون