تغييرات في "الشرطة العسكرية" شمالي سورية

22 يوليو 2024
حفل تخريج للجيش السوري المعارض برأس العين، 7 ديسمبر2021 (هشام حق عمر/الأناضول)
+ الخط -

أجرت وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة التابعة للمعارضة تغييرات إدارية في جهاز "الشرطة العسكرية" شمالي سورية التابع لها، تضمنت تعيين قادة جدد في المراكز المهمة، في خطوة استدعتها كما يبدو الأحداث التي عصفت بالشمال السوري مطلع شهر يوليو/تموز الحالي وأدت إلى مقتل وإصابة متظاهرين مناهضين للجانب التركي.

تغييرات "دورية" في "الشرطة العسكرية" شمالي سورية

وذكرت إدارة "الشرطة العسكرية" شمالي سورية التابعة للجيش الوطني السوري المعارض، أول من أمس السبت، أنه عُيّن غسان كنو رئيساً لفرع الشرطة العسكرية في مدينة أعزاز، معقل المعارضة الأبرز في ريف حلب الشمالي، بدلاً من العقيد أحمد مجاهد الذي تسلّم مهامه الجديدة مديراً لسجن الراعي العسكري في ريف حلب بدلاً من المقدم غياث أحمد فرزات. وقالت وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة إن "العميد عبد الكريم الضاهر، معاون وزير الدفاع للشؤون الإدارية، أشرف، يوم الجمعة الماضي، على إجراءات تسلّم المقدم أحمد خلف مهامه الجديدة قائداً لألوية حرس الحدود في المناطق المحرّرة شمالي البلاد".

عُيّن رئيس جديد لفرع الشرطة العسكرية في مدينة أعزاز

وفي السياق، اكتفى المقدم محمد علوان، وهو مسؤول الإعلام في الجيش الوطني السوري المعارض، بالقول في اتصال "العربي الجديد" معه إن هذه التغييرات الإدارية في جهاز "الشرطة العسكرية" شمالي سورية "دورية". بدوره، أكد هشام اسكيف وهو قيادي في "الجيش الوطني"، لـ"العربي الجديد"، أن التغييرات "جاءت في سياق عادي"، مشيراً إلى أنها "تأتي ضمن تنقلات إدارية تجرى بشكل دوري".

لكنّ الوقائع تشير إلى أن هذه التغييرات في جهاز "الشرطة العسكرية" شمالي سورية، التابع للجيش الوطني السوري المعارض، جاءت بعد الأحداث التي عصفت بالشمال السوري مطلع يوليو، حيث قتل سبعة مدنيين بالرصاص في احتجاجات مناهضة للجانب التركي على خلفية تعرض اللاجئين السوريين في تركيا لاعتداءات واسعة وتحطيم ممتلكات في ولايات تركية، وخصوصاً في مدينة قيصري. كما هاجم متظاهرون غاضبون مصالح وشاحنات بضائع تركية في الشمال السوري، وأنزلوا العلم التركي عن الأبنية الرسمية، واقتحم قسم منهم مبنى الوالي التركي في مدينة عفرين شمال غربي حلب، ما أدى إلى إطلاق نار من قبل الشرطة التركية ومقتل متظاهرين.

"إصلاحات" قادمة

وجاءت الاحتجاجات رداً على التقارب التركي مع النظام السوري، والذي من المحتمل أن يؤدي إلى مصالحة وتطبيع علاقات، وهو ما جدّد مخاوف ملايين السوريين في شمال سورية من أن يكون هذا التقارب على حساب قضيتهم، ما دفع الجانب التركي إلى عقد اجتماعين مع فعاليات عسكرية ومدنية سورية لتوضيح موقف أنقرة.

وعقد الاجتماع الأول مطلع الشهر الحالي في منطقة حوار كلس في ريف حلب الشمالي، بين شخصيات أمنية وعسكرية تركية تتولى الملف السوري من جهة، وبين قادة في فصائل المعارضة السورية المرتبطة بأنقرة ووجهاء وأكاديميين وصحافيين سوريين، من جهة أخرى. بينما عقد الاجتماع الثاني في العاصمة التركية أنقرة منتصف الشهر الحالي بين رئيس جهاز الاستخبارات التركية إبراهيم كالن، وقادة فصائل في الجيش الوطني السوري المعارض. وفي كلا الاجتماعين، أعطى الجانب التركي تطمينات لقادة الفصائل المعارضة بأن التقارب مع النظام لا يعني تخلي أنقرة عن السوريين في شمال البلاد، أو عن المعارضة، وأن هناك إصلاحات حقيقية قادمة لكافة مؤسسات المعارضة السورية، بما فيها الحكومة المؤقتة والائتلاف الوطني و"الجيش الوطني". ويعدّ الشمال السوري منطقة نفوذ تركية بلا منازع، حيث تتولى عمليات الإشراف عليه من النواحي كافة.

وائل علوان: تغييرات قادمة نتيجة اجتماعات الجانب التركي مع فعاليات المجتمع المدني في الشمال السوري

وأعرب الباحث في مركز جسور للدراسات وائل علوان، في حديث مع "العربي الجديد"، عن اعتقاده أن التغييرات في جهاز "الشرطة العسكرية" شمالي سورية التي حدثت خلال اليومين الماضيين "جاءت نتيجة الفوضى الذي حصلت مطلع يوليو". وأشار علوان، المواكب للمشهد الفصائلي في شمال سورية، إلى أن "تغييرات متوقعة قادمة في أجهزة الأمن والقضاء والشرطة المدنية"، مضيفاً أن "هذه التغييرات تأتي نتيجة اجتماعات الجانب التركي أخيراً مع فعاليات المجتمع المدني في الشمال السوري".

ويسيطر "الجيش الوطني"، الذي تأسس في عام 2017 بدفع من الجانب التركي، على منطقة "درع الفرات" في ريفي حلب الشمالي والشمالي الشرقي، والتي تضم العديد من المدن والبلدات، أبرزها الباب وجرابلس ومارع. كما ينتشر في مدينة أعزاز في ريف حلب الشمالي، التي تحتضن العديد من مؤسسات المعارضة السورية، وعلى منطقة "غصن الزيتون" التي تضم منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية من السكان، فضلاً عن كونها تحتضن عشرات الآلاف من النازحين والمهجرين. وفي شرق نهر الفرات، يسيطر "الجيش الوطني" السوري المعارض على شريط حدودي بطول 100 كيلومتر، وبعمق 33 كيلومتراً، وهو ما بات يُعرف بـ"منطقة نبع السلام"، وتضم تل أبيض في ريف الرقة الشمالي ورأس العين في ريف الحسكة الشمالي الغربي.

ولطالما شهدت هذه المناطق اقتتالاً فصائلياً بسبب الصراع على النفوذ في الشمال السوري محدود الموارد، والمكتظ بالسكان الذين يدفعون دائماً ثمن هذا الاقتتال في ظل تجاوزات متعددة تُرتكب من قبل مجموعات في "الجيش الوطني" من دون رادع. وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد فرضت العام الماضي عقوبات على فصيلين من فصائل "الجيش الوطني" المعارض، هما "لواء سليمان شاه" و"فرقة الحمزة"، لضلوعهما في "ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان" ضد السوريين و"مشاركتهما بشكل مباشر أو غير مباشر في تلك الانتهاكات".

كما فرضت الخزانة الأميركية في عام 2021 عقوبات على فصيل "أحرار الشرقية" بتهمة القتل غير القانوني للأمينة العامة لحزب سورية المستقبل هفرين خلف، إضافة إلى حراسها الشخصيين، في أكتوبر/تشرين الأول 2019 في منطقة رأس العين، شمال شرقي سورية، إبان العملية العسكرية التي عُرفت بـ"نبع السلام" والتي شارك فيها "الجيش الوطني" إلى جانب الجيش التركي ضد وحدات حماية الشعب الكردية وانتهت بخروج الأخيرة من المنطقة. واتهمت الخزانة الأميركية "أحرار الشرقية" بارتكاب جرائم عديدة ضد المدنيين، لا سيما ضد الأكراد السوريين، في شمال شرق سورية، تشمل "عمليات قتل خارج نطاق القانون وخطف وتعذيب ومصادرة ممتلكات خاصة.

المساهمون