يتجلّى دور اللغة العربية الحضاري في العالم عبر تمظهرات عديدة، لعلّ أبرزها هو تأثيرها في اللغات الأخرى، وقد تبيّن أنّ نسبة كبيرة من الكلمات العربية الداخلة في الإنجليزية هي كلمات علمية مثل: Alchemy, Zero, Algebra، ولهذا وُصِفت اللغة العربية نتيجة بأنها لغة علميّة.
وتأسيساً على ذلك يُحاول الباحثون في هذا الكتاب أن يحفظوا للعربيّة مكانتها بين اللغات الأخرى، ولا سيّما الإنجليزية، في العالم باستثمار برامج التقنية الحاسوبية والإنترنت. فقد عرف العرب الكتابة منذ الجاهلية، نتيجة لاتصالهم بالأمم المتحضّرة ممّا يُلمح إلى أنّهم مارسوا أدوارهم في بناء الحضارة الإنسانيّة من خلال تبادل التأثر والتأثير مع الأمم والحضارات الأخرى، وكانت الكتابة أحد أهم نتائجها. وأدت الدعوة الإسلامية دوراً مهمًّا في تطوّر الكتابة وخروجها من طور النشأة، إلى طور الاستخدام الواسع الذي امتدّ حتى بُعيْد منتصف القرن الثاني الهجري حيث راجت الكتابة في العصر النبوي وتبعتها المرحلة الأخيرة: مرحلة تقعيد الإملاء.
وقد ابتدعت العربية علامات ورموزاً خاصة لتمثيل الحرف العربي، مثل النقط والشكل والإعجام (توضيح معنى الكلمة)، ووصلت الكتابة العربية إلى درجة من الكفاية تُضاهي أدق ما توصّل إليه علماء اللغة والأصوات في الأوساط الغربية. ولكنّ هذا لا يعني أنّ تمثيل الكتابة كان خالياً من المشكلات؛ فاهتمام اللغويين بالجانب المعياري وإهمالهم الجانب الاستعمالي أدى إلى أن يكون هذا التقعيد على حساب دقة التمثيل الصوتي للمنطوق وأدى إلى قصورٍ فيه، ومن هذه المشكلات: زيادة حروف لا تُنطق، كزيادة ألف بعد واو الجماعة التي يُسند الفعل الماضي أو المضارع المجزوم أو المنصوب إليها، ونقص بعض الحروف مثل حرف الألف في أسماء الإشارة، وغيرها مما بقي بعضها عقبة أمام برامج التحليل اللغوي.
يرى كيلغارف، وهو باحث بريطاني متخصص باللغويات التطبيقية، أن أدوات معالجة اللغة الطبيعية وكذلك اللغويات الحاسوبية قد دخلت إلى مجالات البحث اللغوي كالمتنمّر في باحة المدرسة، ممّا جعل كل ما هو غير حاسوبي إمّا خاضعاً لها، أو متواطئاً معها أو مهمّشاً. نتيجة لذلك طوّر الباحثون في الجامعات الغربية أدوات حاسوبية ومصادر لغوية بدأت بدراسة اللغة الإنجليزية ثمّ تطوّرت لتشمل دراسة اللّغة العربيّة.
وفي سبيل سعي الباحثين اللغويين إلى تطبيق أدوات البحث الحاسوبية على اللغة العربيّة، أُنشئت في جامعة ليدز مجموعة من المدوّنات العربية على شبكة الإنترنت، وقد صُمّمت لها مجموعة من الأدوات الحاسوبية لتحليل النصوص العربية. من هذه المدوّنات: مدوّنة تعليم العربية بواسطة الحاسب الآلي، والمدوّنة اللغوية للعربية المعاصرة، ومدونة الإنترنت العربية، ومدوّنة اللغة العربية حول العالم، والمدونة اللغوية لتدريس معلومات عن الإسلام.
وطُبِّقت على هذه المدوّنات مجموعة من أدوات تحليل النصوص العربية الحاسوبيّة، مثل: الكشاف السياقي للغة العربية، والمحلل الصرفي لوسم أقسام الكلام في المدونات العربية، وجدول وسم الأخطاء في مدونات المتعلمين العربية، والوسم الصوتي والمقطعي للغة العربية، وتدريب برامج التخاطب الآلي على مدونة عربية، وغيرها. وأسهمت هذه الأدوات في توفير الدعم الكامل للنصوص العربية مثل تحويل واجهة الكتابة من اليمين إلى اليسار، والكشف عن الأنماط المعجمية للنصوص العربية، وتحرير الأخطاء اللغوية التي يقع بها متعلمو اللغة العربية، وأيضا في بناء نظام ربط مباشر بين الحروف المكتوبة في اللغة العربية مع رموز الألفبائية الصوتية الدولية (API)، بما يساعد غير الناطقين بالعربية على تعلم التلاوة الصحيحة، وغيرها.
كذلك اهتم الباحثون في مجال رقمنة المخطوطات حاسوبيا بتطوير البرمجيات المختلفة المعنية بخدمة المخطوطات العربية والإسلامية، إذ من الممكن استخدام قاعدة البيانات في مجال التّعرّف الآلي على نصوص المخطوطات، وفي تحليل التعرّف الآلي ومعالجته على مواقع الكتابة والرسومات والصور والجداول وغيرها، وتقسيم صور المخطوطات آلياًّ إلى مناطق أو أجزاء وتوصيف هذه الأجزاء، وتطوير أساليب التعرف على خط الناسخ، والتأكد منه في المخطوطات العربية والإسلامية. وثمّة جهودٌ كثيرة برزت وكان لها اليد الطّولى في تطوّر البحث الرقمي في المخطوطات، وقد بدأت جهود فردية، مثل جهود قسم علوم الحاسب الآلي وتقنية المعلومات في جامعة مالاي في ماليزيا، وجهود حسين النشفي وزملائه في مختبر سنكروميديا في جامعة كيوبيد في كندا. وبرزت مشاريع مستقبلية في رقمنة المخطوطات العربية والإسلامية، منها - على سبيل المثال - مؤسسة الفرقان، التي أعلنت شروعها في بناء أكبر قاعدة بيانات للتراث الإسلامي على الشبكة العنكبوتية.
(كاتب أردني)
وتأسيساً على ذلك يُحاول الباحثون في هذا الكتاب أن يحفظوا للعربيّة مكانتها بين اللغات الأخرى، ولا سيّما الإنجليزية، في العالم باستثمار برامج التقنية الحاسوبية والإنترنت. فقد عرف العرب الكتابة منذ الجاهلية، نتيجة لاتصالهم بالأمم المتحضّرة ممّا يُلمح إلى أنّهم مارسوا أدوارهم في بناء الحضارة الإنسانيّة من خلال تبادل التأثر والتأثير مع الأمم والحضارات الأخرى، وكانت الكتابة أحد أهم نتائجها. وأدت الدعوة الإسلامية دوراً مهمًّا في تطوّر الكتابة وخروجها من طور النشأة، إلى طور الاستخدام الواسع الذي امتدّ حتى بُعيْد منتصف القرن الثاني الهجري حيث راجت الكتابة في العصر النبوي وتبعتها المرحلة الأخيرة: مرحلة تقعيد الإملاء.
وقد ابتدعت العربية علامات ورموزاً خاصة لتمثيل الحرف العربي، مثل النقط والشكل والإعجام (توضيح معنى الكلمة)، ووصلت الكتابة العربية إلى درجة من الكفاية تُضاهي أدق ما توصّل إليه علماء اللغة والأصوات في الأوساط الغربية. ولكنّ هذا لا يعني أنّ تمثيل الكتابة كان خالياً من المشكلات؛ فاهتمام اللغويين بالجانب المعياري وإهمالهم الجانب الاستعمالي أدى إلى أن يكون هذا التقعيد على حساب دقة التمثيل الصوتي للمنطوق وأدى إلى قصورٍ فيه، ومن هذه المشكلات: زيادة حروف لا تُنطق، كزيادة ألف بعد واو الجماعة التي يُسند الفعل الماضي أو المضارع المجزوم أو المنصوب إليها، ونقص بعض الحروف مثل حرف الألف في أسماء الإشارة، وغيرها مما بقي بعضها عقبة أمام برامج التحليل اللغوي.
يرى كيلغارف، وهو باحث بريطاني متخصص باللغويات التطبيقية، أن أدوات معالجة اللغة الطبيعية وكذلك اللغويات الحاسوبية قد دخلت إلى مجالات البحث اللغوي كالمتنمّر في باحة المدرسة، ممّا جعل كل ما هو غير حاسوبي إمّا خاضعاً لها، أو متواطئاً معها أو مهمّشاً. نتيجة لذلك طوّر الباحثون في الجامعات الغربية أدوات حاسوبية ومصادر لغوية بدأت بدراسة اللغة الإنجليزية ثمّ تطوّرت لتشمل دراسة اللّغة العربيّة.
وفي سبيل سعي الباحثين اللغويين إلى تطبيق أدوات البحث الحاسوبية على اللغة العربيّة، أُنشئت في جامعة ليدز مجموعة من المدوّنات العربية على شبكة الإنترنت، وقد صُمّمت لها مجموعة من الأدوات الحاسوبية لتحليل النصوص العربية. من هذه المدوّنات: مدوّنة تعليم العربية بواسطة الحاسب الآلي، والمدوّنة اللغوية للعربية المعاصرة، ومدونة الإنترنت العربية، ومدوّنة اللغة العربية حول العالم، والمدونة اللغوية لتدريس معلومات عن الإسلام.
وطُبِّقت على هذه المدوّنات مجموعة من أدوات تحليل النصوص العربية الحاسوبيّة، مثل: الكشاف السياقي للغة العربية، والمحلل الصرفي لوسم أقسام الكلام في المدونات العربية، وجدول وسم الأخطاء في مدونات المتعلمين العربية، والوسم الصوتي والمقطعي للغة العربية، وتدريب برامج التخاطب الآلي على مدونة عربية، وغيرها. وأسهمت هذه الأدوات في توفير الدعم الكامل للنصوص العربية مثل تحويل واجهة الكتابة من اليمين إلى اليسار، والكشف عن الأنماط المعجمية للنصوص العربية، وتحرير الأخطاء اللغوية التي يقع بها متعلمو اللغة العربية، وأيضا في بناء نظام ربط مباشر بين الحروف المكتوبة في اللغة العربية مع رموز الألفبائية الصوتية الدولية (API)، بما يساعد غير الناطقين بالعربية على تعلم التلاوة الصحيحة، وغيرها.
كذلك اهتم الباحثون في مجال رقمنة المخطوطات حاسوبيا بتطوير البرمجيات المختلفة المعنية بخدمة المخطوطات العربية والإسلامية، إذ من الممكن استخدام قاعدة البيانات في مجال التّعرّف الآلي على نصوص المخطوطات، وفي تحليل التعرّف الآلي ومعالجته على مواقع الكتابة والرسومات والصور والجداول وغيرها، وتقسيم صور المخطوطات آلياًّ إلى مناطق أو أجزاء وتوصيف هذه الأجزاء، وتطوير أساليب التعرف على خط الناسخ، والتأكد منه في المخطوطات العربية والإسلامية. وثمّة جهودٌ كثيرة برزت وكان لها اليد الطّولى في تطوّر البحث الرقمي في المخطوطات، وقد بدأت جهود فردية، مثل جهود قسم علوم الحاسب الآلي وتقنية المعلومات في جامعة مالاي في ماليزيا، وجهود حسين النشفي وزملائه في مختبر سنكروميديا في جامعة كيوبيد في كندا. وبرزت مشاريع مستقبلية في رقمنة المخطوطات العربية والإسلامية، منها - على سبيل المثال - مؤسسة الفرقان، التي أعلنت شروعها في بناء أكبر قاعدة بيانات للتراث الإسلامي على الشبكة العنكبوتية.
(كاتب أردني)