أعلن حزب "جبهة التحرير الوطني" الحاكم في الجزائر عن إطلاق مشاورات سياسية مع مختلف الفاعلين السياسيين لتطويق الأزمة في البلاد ومنع حدوث تطورات غير محمودة، على خلفية الحراك الشعبي الرافض لترشيح الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، لولاية خامسة، في حين تصاعدت الدعوات لحل الحزب.
ونشر الحزب الذي يترأسه بوتفليقة، ويديره رئيس البرلمان، معاذ بوشارب، بياناً جاء فيه "نتحرك مع كل الأطراف السياسية للخروج من هذه الأزمة بأقل ضرر، مراعين المصالح الوطنية والحفاظ على سلمية الحراك لضمان الأمن والاستقرار".
وحذر الحزب من الآثار غير المحمودة للعصيان المدني، ودعا إلى "اليقظة والحيطة من التهور في القرارات، لأن ما وصل إليه الحراك الشعبي هو مكسب ومفخرة للشعب الجزائري، فلا ندع بعض الجهات المتهورة والمجهولة لتزج بالجزائر وشعبها نحو المجهول".
وطالب مجموع القوى الفاعلة في الشارع إلى "الكف عن الترويج للعصيان المدني"، مدعياً أنه "حتى أعرق الديمقراطيات في العالم تجد صعوبة في تنظيم عصيان".
ويمرّ الحزب الحاكم بحالة ارتباك سياسي وتصدع داخلي بعد سلسلة من الاستقالات شملت كوادر من الصف الأول ووزراء سابقين.
وفي سياق تداعيات الحراك الشعبي الذي انتقل إلى داخل أحزاب الموالاة والحزب الحاكم نفسه، طالب عدد من كوادره القيادية بحله وتحويل اسم "جبهة التحرير الوطني" إلى مؤسسة ورمز وقاسم مشترك بين كل الجزائريين، باعتبار أن "الجبهة" تمثل الإرث الثوري والإطار الجامع الذي قاد الجزائريين في الفاتح من نوفمبر/ تشرين الثاني 1954 إلى حرب التحرير الوطني.
وأصدر 14 قيادياً بارزاً في الحزب، كانوا قد شغلوا مناصب سامية ومثلوا الشعب في البرلمان، بياناً دعوا فيه رئيس الجمهورية المقبل (بعد بوتفليقة)، وكافة المؤسسات الفاعلة، إلى العمل على "استرجاع شعار جبهة التحرير الوطني، من مستغليه الحاليين، وإنشاء مؤسسة تحمل الاسم ذاته تليق بمقام جبهة التحرير ليبقى الرمز الموروث من فترة التحرر الوطني ملكاً مشتركاً لكل الجزائريين والجزائريات، ويكون مرجعية تاريخية وفكرية وأيديولوجية".
وأكد البيان أنه "بعد مرور ثلاثين عاماً على الشروع في دخول الجزائر عهد التعددية السياسية، فإنه لا يمكن بقاء حزب واحد، ولو كان بحجم جبهة التحرير، أن يبقى منفرداً بمرجعية وإرث ثورة أول نوفمبر المجيدة، وهذا الوضع قد أدى إلى وجود فرز بين أفراد الشعب الواحد وتنكر جزء كبير من أبنائه لتاريخهم المشترك".
وضمت قائمة الموقعين أعضاء سابقين في اللجنة المركزية والمكتب السياسي ومسؤولين في هياكل الحزب والبرلمان، أبرزهم رئيس لجنة الشؤون الخارجية السابق في البرلمان، مسعود شيْهوب.
وتدعم موقف هذه القيادات دعوات منذ سنوات لسحب اسم "جبهة التحرير" من التداول السياسي، والاستغلال الحزبي. وبحسب البيان فإن ذلك "من شأنه أن يعمل على تعزيز روح المواطنة وتجذير الوطنية في النفوس وضمان بقاء شعلة أول نوفمبر متقدة في قلوب الأجيال إلى الأبد، ومن ثمة تقوية أسس بناء الأمة الجزائرية الموحدة وفق ما جاء في البيان التاريخي لثورة أول نوفمبر العظيمة، ووصولاً إلى مصالحة حقيقية بين الجزائريين وتاريخهم المجيد".
وجددت كوادر الحزب الحاكم التمسّك بقرارها الصادر في السابع مارس/ آذار الجاري، والمتعلق بالاستقالة النهائية من الحزب ودعم الحراك الشعبي، بسبب "مناقضة الحزب لتطلعات الشعب بتكريس قيم الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، خصوصاً بعد تغلغل المال الفاسد وطغيانه على مركز القرار داخل مختلف هياكل الحزب على مختلف المستويات".