استبَقت السلطة الجزائرية المسيرات المقررة اليوم الجمعة ضد ترشح عبدالعزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، والتي يُتوقع أن تكون الأكبر منذ انطلاق الحراك الشعبي في 22 فبراير/شباط الماضي، بإشهار سلاح التحذير من "الفوضى" و"الفتنة" والتدخل الخارجي، بالتوازي مع مساعٍ لتدعيم كتلتها ومنع المزيد من الانهيارات في صفوفها، وتحديداً في حزب "جبهة التحرير الوطني" الحاكم. في المقابل، كان الناشطون يتوعّدون السلطة وبوتفليقة برد شعبي وسلمي في مسيرات اليوم، التي أطلقوا عليها "جمعة الكرامة"، في ثالث جمعة من الحراك الشعبي، في وقت استمرت التحركات في الشارع أمس ضد العهدة الخامسة لبوتفليقة في الانتخابات المقررة في 18 إبريل/نيسان المقبل.
ونشرت السلطة أمس رسالة منسوبة إلى الرئيس الجزائري، تجاهلت المطالب المركزية التي رفعها المتظاهرون، والمتعلقة أساساً برفض ترشحه. ولجأت السلطة إلى التحذير، إذ أفادت الرسالة التي قرأتها وزيرة الاتصالات هدى إيمان فرعون، بأن بوتفليقة يدعو إلى الحذر والحيطة من "اختراق هذا التعبير السلمي من قِبل أي فئة غادرةٍ داخلية أو أجنبية التي، لا سمح الله، قد تؤدي إلى إثارة الفتنة وإشاعة الفوضى وما ينجر عنها من أزمات وويلات". وتابعت الرسالة، ناقلة على لسان بوتفليقة: "شاهدنا منذ أيام خروج عدد من مواطنينا ومواطناتنا في مختلف ربوع الوطن للتعبير عن آرائهم بطرق سلمية ووجدنا في ذلك ما يدعو للارتياح لنضج مواطنينا بما فيهم شبابنا، وكذلك لكون التعددية الديمقراطية التي ما فتئنا نناضل من أجلها باتت واقعاً معيشاً". ويتحدث بوتفليقة في رسالته عن الديمقراطية والتظاهرات كمكسب ديمقراطي على الرغم من أن حق التظاهر في العاصمة والمدن الجزائرية ظل ممنوعاً منذ يونيو/حزيران 2001، إضافة إلى التضييق الحاصل على الصحف والقنوات والصحافيين، وعلى الأحزاب المعارضة والناشطين المدنيين، كما تتأخر الجزائر بشكل لافت في معظم التقارير المتصلة بحقوق الإنسان وحرية التعبير وحرية الإعلام.
وإذا كان بوتفليقة، عبر الرسالة المنسوبة قد حيّا "الطابع السلمي للمسيرات الشعبية"، إلا أنه حذر من تكرار حالة ثورات الربيع العربي في الجزائر، قائلاً: "فصل الربيع هو، في الجزائر، فصل وقفات تذكر محطات كفاحنا وانتصاراتنا، والجزائر دفعت ثمناً باهظاً وبذلت جهداً جهيداً لاسترجاع استقلالها وحريتها كما دفع شعبنا كلفة غالية وأليمة للحفاظ على وحدتها واستعادة سلمها واستقرارها بعد مأساة وطنية دامية". وناشد بوتفليقة في الرسالة النساء بعدم الانخراط في مسار الحراك، قائلاً: "نناشد وبالدرجة الأولى الأمهات، الحرص على صون الوطن عامة وأبنائه بالدرجة الأولى والحفاظ على الاستقرار للتفرغ، سلطة وشعباً للبناء".
ولم يشر بوتفليقة، عبر الرسالة التي قالت وكالة الأنباء الجزائرية إن الرئيس نشرها بمناسبة اليوم العالمي للمرأة من دون أن تحدد مصدرها، إلى أي موقف من مطالب الشارع الجزائري، المتعلقة برفض استمراره في الحكم، كما لم يتطرق إلى الوعود التي أطلقها في رسالة ترشحه للرئاسة الأحد الماضي، الخاصة بعزمه على عقد ندوة توافق وطني وتعديل دستوري عميق وتنظيم انتخابات رئاسية مسبقة لا يترشح لها. ومن شأن هذا التجاهل أن يزيد من مشاعر الاحتقان لدى الشارع الجزائري، عشية المسيرات التي دعا إليها الناشطون اليوم الجمعة، قبل اتخاذ خطوات إضافية كالدعوة إلى إضراب عام في البلاد. وقال الناشط في الحراك الشعبي، عبد الغني بادي، لـ"العربي الجديد" إن "الحراك لم تعد تعنيه رسائل بوتفليقة أو تحذيراته، هذه تفاصيل تجاوزها الزمن والشعب والحراك، التحذيرات التي جاءت في الرسالة المنسوبة لبوتفليقة بشأن الربيع العربي والاختراق الداخلي والخارجي، هي انسياق إلى منطق المؤامرة وإساءة سياسية لشعوب عربية حرة حاولت استنهاض الديمقراطية والحد من الأنظمة الديكتاتورية".
اقــرأ أيضاً
وكان مدير حملة الرئيس الجزائري، عبد الغني زعلان، أكد في حوار مع صحيفة "الخبر" الجزائرية نُشر أمس، أن بوتفليقة ما زال في جنيف "بصدد استكمال فحوصه الطبية"، مؤكداً أن وضعه الصحي "لا يدعو للقلق". وشدد على أن الأنباء حول تدهور وضعه الصحي "لا أساس لها من الصحة على الإطلاق".
في غضون ذلك، دفعت المخاوف من انقسام داخل الحزب الحاكم، "جبهة التحرير الوطني"، الذي يرأسه بوتفليقة، قيادة الحزب إلى اتخاذ قرار استباقي لتأمين الحزب من الانقسام واسترضاء الكوادر والقيادات التي كانت تستعد للتمرد على المنسق العام، رئيس البرلمان معاذ بوشارب. وقرر بوشارب توسيع القيادة الحالية للحزب من خمسة أعضاء، إلى 22 عضواً، لتضم وزير العدل الطيب لوح، والوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان محجوب بدة، ومستشار رئيس الجمهورية حبة العقبي، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان عبدالحميد سي عفيف، وغيرهم. وقال القيادي في "جبهة التحرير" عبد الكريم عبادة، والذي كان يقود حركة تصحيحية في الحزب، إن "الخطوة الجديدة تستهدف إعادة الحزب إلى وضعه الطبيعي".
واعتبر مراقبون قرار بوشارب، خطوة استباقية لمنع حدوث انشقاق داخل الحزب، بعد بروز مؤشرات التمرد على بوشارب ورفض وجوده في الحزب، كمنسق عام. وفي وقت سابق أصدر 100 من كبار قياديي الحزب، بياناً طالبوا فيه بإعادة تفعيل المؤسسات الشرعية للحزب، اللجنة المركزية والدعوة إلى انعقادها في أقرب وقت "بهدف إعادة الحزب إلى المناضلين"، وانتخاب قيادة شرعية وفقا للقوانين. كما يشهد الحزب حالة تململ في صفوفه، إذ أعلن وزير الصيد السابق، سيد أحمد فروخي، قبل بضعة أيام، استقالته من البرلمان ومن الحزب بشكل نهائي، وأعلن عدد من رؤساء البلديات التابعين للحزب وكوادره في عدة ولايات استقالتهم.
وقال القيادي الشاب في الحزب جمال مكاوي لـ"العربي الجديد"، إن "القرار الجديد بتوسيع قيادة الحزب قد يكون مقدمة نحو حدوث تغير سياسي، إما في قرار مركزي لاحق حول العهدة الخامسة التي نعتبر أنها سقطت في الماء، أو بتحول في موقف الحزب، لأن بعض القيادات الجديدة غير متوافقة مع العهدة الخامسة"، مضيفاً: "نحن كإطارات في الحزب لا نشاطر موقف الحزب غير المشرف في مساندة ترشح بوتفليقة لولاية خامسة، لأن موقف الشعب واضح".
لكن تحركات السلطة لا يبدو أنها تلقى آذاناً صاغية في الشارع، المصرّ على استمرار حراكه حتى تراجع بوتفليقة عن ترشحه. وفي هذا السياق، نظّم المحامون الجزائريون عشرات المسيرات في مختلف ولايات البلاد، اعتراضاً على ما سمّوه "خرقاً للدستور الجزائري". وكانت أبرز التحركات في العاصمة، حيث تجمّع عشرات المحامين أمام مقر وزارة الطاقة الجزائرية في منطقة حيدرة، وساروا نحو مقر المجلس الدستوري من أجل تسليم رسالة لرئيس المجلس الدستوري، في ظل تطويق أمني لمحيط المجلس الدستوري. وطالب المحامون "السلطات الجزائرية بإرجاء الانتخابات المقررة في 18 إبريل وتشكيل حكومة توافقية محايدة ذات صلاحيات تنفيذية كاملة لمرحلة انتقالية لا تتجاوز سنة وتنظيم انتخابات نزيهة".
في غضون ذلك، يتواصل التحاق رموز ثورية وسياسية بارزة، كانت تؤيد بوتفليقة، بالحراك الشعبي الرافض لترشحه. وأعلنت جمعية قدماء وزارة التسليح والاتصالات العامة، التي يترأسها وزير الداخلية الأسبق دحو ولد قابلية، دعم الحراك ضد الولاية الخامسة لبوتفليقة. كما أعلنت، زهرة ظريف بيطاط، الوجه البارز من مناضلات ثورة التحرير، قرارها المشاركة في المسيرات التي ستُنظم اليوم ضد العهدة الخامسة لبوتفليقة. وفي وقت سابق، دعت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وهي مرجعية دينية بارزة في الجزائر، إلى سحب ترشح بوتفليقة.
اقــرأ أيضاً
وإذا كان بوتفليقة، عبر الرسالة المنسوبة قد حيّا "الطابع السلمي للمسيرات الشعبية"، إلا أنه حذر من تكرار حالة ثورات الربيع العربي في الجزائر، قائلاً: "فصل الربيع هو، في الجزائر، فصل وقفات تذكر محطات كفاحنا وانتصاراتنا، والجزائر دفعت ثمناً باهظاً وبذلت جهداً جهيداً لاسترجاع استقلالها وحريتها كما دفع شعبنا كلفة غالية وأليمة للحفاظ على وحدتها واستعادة سلمها واستقرارها بعد مأساة وطنية دامية". وناشد بوتفليقة في الرسالة النساء بعدم الانخراط في مسار الحراك، قائلاً: "نناشد وبالدرجة الأولى الأمهات، الحرص على صون الوطن عامة وأبنائه بالدرجة الأولى والحفاظ على الاستقرار للتفرغ، سلطة وشعباً للبناء".
ولم يشر بوتفليقة، عبر الرسالة التي قالت وكالة الأنباء الجزائرية إن الرئيس نشرها بمناسبة اليوم العالمي للمرأة من دون أن تحدد مصدرها، إلى أي موقف من مطالب الشارع الجزائري، المتعلقة برفض استمراره في الحكم، كما لم يتطرق إلى الوعود التي أطلقها في رسالة ترشحه للرئاسة الأحد الماضي، الخاصة بعزمه على عقد ندوة توافق وطني وتعديل دستوري عميق وتنظيم انتخابات رئاسية مسبقة لا يترشح لها. ومن شأن هذا التجاهل أن يزيد من مشاعر الاحتقان لدى الشارع الجزائري، عشية المسيرات التي دعا إليها الناشطون اليوم الجمعة، قبل اتخاذ خطوات إضافية كالدعوة إلى إضراب عام في البلاد. وقال الناشط في الحراك الشعبي، عبد الغني بادي، لـ"العربي الجديد" إن "الحراك لم تعد تعنيه رسائل بوتفليقة أو تحذيراته، هذه تفاصيل تجاوزها الزمن والشعب والحراك، التحذيرات التي جاءت في الرسالة المنسوبة لبوتفليقة بشأن الربيع العربي والاختراق الداخلي والخارجي، هي انسياق إلى منطق المؤامرة وإساءة سياسية لشعوب عربية حرة حاولت استنهاض الديمقراطية والحد من الأنظمة الديكتاتورية".
وكان مدير حملة الرئيس الجزائري، عبد الغني زعلان، أكد في حوار مع صحيفة "الخبر" الجزائرية نُشر أمس، أن بوتفليقة ما زال في جنيف "بصدد استكمال فحوصه الطبية"، مؤكداً أن وضعه الصحي "لا يدعو للقلق". وشدد على أن الأنباء حول تدهور وضعه الصحي "لا أساس لها من الصحة على الإطلاق".
في غضون ذلك، دفعت المخاوف من انقسام داخل الحزب الحاكم، "جبهة التحرير الوطني"، الذي يرأسه بوتفليقة، قيادة الحزب إلى اتخاذ قرار استباقي لتأمين الحزب من الانقسام واسترضاء الكوادر والقيادات التي كانت تستعد للتمرد على المنسق العام، رئيس البرلمان معاذ بوشارب. وقرر بوشارب توسيع القيادة الحالية للحزب من خمسة أعضاء، إلى 22 عضواً، لتضم وزير العدل الطيب لوح، والوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان محجوب بدة، ومستشار رئيس الجمهورية حبة العقبي، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان عبدالحميد سي عفيف، وغيرهم. وقال القيادي في "جبهة التحرير" عبد الكريم عبادة، والذي كان يقود حركة تصحيحية في الحزب، إن "الخطوة الجديدة تستهدف إعادة الحزب إلى وضعه الطبيعي".
واعتبر مراقبون قرار بوشارب، خطوة استباقية لمنع حدوث انشقاق داخل الحزب، بعد بروز مؤشرات التمرد على بوشارب ورفض وجوده في الحزب، كمنسق عام. وفي وقت سابق أصدر 100 من كبار قياديي الحزب، بياناً طالبوا فيه بإعادة تفعيل المؤسسات الشرعية للحزب، اللجنة المركزية والدعوة إلى انعقادها في أقرب وقت "بهدف إعادة الحزب إلى المناضلين"، وانتخاب قيادة شرعية وفقا للقوانين. كما يشهد الحزب حالة تململ في صفوفه، إذ أعلن وزير الصيد السابق، سيد أحمد فروخي، قبل بضعة أيام، استقالته من البرلمان ومن الحزب بشكل نهائي، وأعلن عدد من رؤساء البلديات التابعين للحزب وكوادره في عدة ولايات استقالتهم.
وقال القيادي الشاب في الحزب جمال مكاوي لـ"العربي الجديد"، إن "القرار الجديد بتوسيع قيادة الحزب قد يكون مقدمة نحو حدوث تغير سياسي، إما في قرار مركزي لاحق حول العهدة الخامسة التي نعتبر أنها سقطت في الماء، أو بتحول في موقف الحزب، لأن بعض القيادات الجديدة غير متوافقة مع العهدة الخامسة"، مضيفاً: "نحن كإطارات في الحزب لا نشاطر موقف الحزب غير المشرف في مساندة ترشح بوتفليقة لولاية خامسة، لأن موقف الشعب واضح".
في غضون ذلك، يتواصل التحاق رموز ثورية وسياسية بارزة، كانت تؤيد بوتفليقة، بالحراك الشعبي الرافض لترشحه. وأعلنت جمعية قدماء وزارة التسليح والاتصالات العامة، التي يترأسها وزير الداخلية الأسبق دحو ولد قابلية، دعم الحراك ضد الولاية الخامسة لبوتفليقة. كما أعلنت، زهرة ظريف بيطاط، الوجه البارز من مناضلات ثورة التحرير، قرارها المشاركة في المسيرات التي ستُنظم اليوم ضد العهدة الخامسة لبوتفليقة. وفي وقت سابق، دعت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وهي مرجعية دينية بارزة في الجزائر، إلى سحب ترشح بوتفليقة.